تحولنا إلى مكان الحادثة، حيث تم الوقوف على بعد مترين تقريبا من السيارة التي استهدفها الهجوم الانتحاري، حيث وجدت أجزاء من جسد الانتحاري تتمثل في جزء من صدره ورجله مرمية على الأرض في مكان العملية، أما بقية الأشلاء فقد وصلت إلى ما يقرب الـ100 متر أو ما يفوقها بقليل في قطر الدائرة المحيطة بمكان الانفجار. تمت أيضا معاينة قطع صغيرة من سقف الأقواس سقطت على الأرض، وبعض الأتربة المتساقطة من السقف وجدران المحلات التجارية القريبة من مكان وقوع الانفجار.

ميدانيا، استقت “نواة” شهادة مقتضبة من الملازم الذي كان مشرفا على الوحدة الأمنية المتمركزة في تقاطعي شارع شارل ديغول وشارع فرنسا، لم يدل باسمه، ظهرت عليه حالة الذهول والارتباك وقال “أنا الضابط المشرف على المجموعة، ابتعدت قليلا لاقتناء قارورة ماء، التفت إلى يساري وكنت على بعد أمتار من مكان التفجير، كان ضوءا قويا جدا ودويا لانفجار عنيف… ثم أنت ترى معي الآن، شرطة فنية وتفجير وإرهاب ولا أعرف إلى الآن أي معلومة عن الزملاء”

كان محدثنا بصدد مغادرة بهو العمارة المقابلة مباشرة لمكان الحادث، حيث كانت امرأتان تجلسان باندهاش واضح على عتبة الدخول إلى العمارة، أحيانا تطلان على الشارع الذي اكتظ برجال الأمن من كل الأنواع وأحيانا أخرى تعودان إلى الداخل أين كانت واحدة منهن تجلس على كرسي فيما تقوم الأخرى بمناولتها الماء حين بعد آخر. تقول المرأة الجالسة: “دخلت لتوي من السوق، وفي اللحظة التي كنت أهم فيها بغلق باب العمارة سمعت دويا قويا، في البداية ظننت أنه صوت الرعد لأنه يشبهه كثيرا، ثم وجدت نفسي ملقية على أرضية العمارة وأكياس مقتنياتي مرمية هنا وهناك. استفقت من الصدمة بعد عدة دقائق عندما سمعت صوت سيارة الحماية المدنية وصراخ أعوان الأمن تنبه الناس وتأمرهم بالابتعاد”.

الشاهدة الثانية على الحادث كانت المرأة التي تقف بجانب الشاهدة الأولى، وجهها ممتقع وشاحب وترتعش ممسكة بقارورة ماء، تقول: “كنت أقف في الطابق الأول مطلة على الدرج وكنت بصدد النزول، سمعت دويا قويا بقيت بعده لربع ساعة عاجزة عن سماع أي صوت آخر سوى “طررررر” تمام كصوت دراجة نارية وقد أصبت بدوخة. وجدت هذه المرأة ملقية على الأرض ولا أسمع شيئا، لا أرى أمامي في تلك اللحظة سوى رجال الأمن يتحركون جيئة وذهابا أمام باب العمارة”.

لوحظ أيضا تحفظ شديد من الأمنيين المتواجدين على عين المكان، حيث منع الاقتراب من مكان التفجير بحواجز مانعة وإحاطة المكان بشريط بلاستيكي يمنع المرور. التحفظ كان يشمل القيادات الأمنية الميدانية والأعوان على حد السواء، الأمر الذي منع الصحفيين من الاقتراب من مكان التفجير وعدم الحصول على تصريحات تصف التفجير أو تعنى بعدد الجرحى والقتلى وظروف العملية.

عملية ثانية متزامنة مع العملية الأولى، استهدفت في الساعة 11.00 صباحا الباب الخلفي لإدارة الشرطة العدلية في منطقة القرجاني بتونس. الانتحاري رجل تسبب في جرح أربعة أعوان أمن في حالة متفاوتة الخطورة حسب بلاغ وزارة الداخلية.