توجّهنا إلى عدد من أعضاء لجنة الحصانة والنظام الداخلي والقوانين البرلمانية والانتخابية بسؤال حول هويّة النوّاب الذين طلب القطب القضائيّ رفع الحصانة عنهم، فقادتنا الأجوبة إلى أن الأمر يتعلق بمطلب واحد يخصّ نائبا من نداء تونس. وقد تكتمّت كلّ من كلثوم بدر الدّين النائبة عن حركة النهضة وبشرى بلحاج حميدة النائبة عن الكتلة الوطنية عن هويّة النائب، هذا وقد أكدت بلحاج حميدة أنها لم تتابع الموضوع. أمّا رئيس لجنة الحصانة رضا الدلاعي فتحدّث لنواة عن تفاصيل الخلل الإجرائيّ لمطلب القطب القضائيّ، حيث أوضح أنّ ”اللجنة بعد أن مدّتها رئاسة المجلس بالملف نظرت في الجوانب الشكليّة ولم تنظر في المضمون، وكتبت تقريرا في الغرض مفاده أنّ الملف يشوبه خلل إجرائيّ وعليه لا بدّ من إرجاعه إلى وزير العدل لاستيفاء الإجراءات الناقصة والمتمثّلة أساسا في النظر مع النائب المعني بالأمر إذا كان يرغب بالاعتصام (التمسك) بالحصانة كتابة أم لا“، وذلك طبقا لأحكام الفصل 69 من الدستور الذي ينصّ على أنّه ”إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة، فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة“.

سفيان طوبال، رئيس كتلة نداء تونس بمجلس نواب الشعب

بالتقصّي عن الموضوع أكّدت لنا مصادر برلمانيّة موثوقة أنّ الأمر يتعلّق برئيس كتلة نداء تونس بالبرلمان سفيان طوبال المتهمّ في قضيّة فساد تتعلّق بأخذه رشوة تقدّر بـ10 آلاف دينار من شخص يدعى عز الدّين البخاري وهو ضابط متقاعد وينتمي إلى هياكل نداء تونس في سيدي بوزيد، وذلك للتدخل من أجل إنجاح ابنته في مناظرة الملحقين القضائيّين. وأكدّت لنا نفس المصادر أنّ القيادي السابق بنداء تونس لزهر العكرمي هو من حرّك الملفّ قضائيّا على اعتبار خلافاته مع سفيان طوبال. اتصلنا بلزهر العكرمي وأكّد لنا أنّ القضيّة مطروحة عند قاضي التحقيق الأوّل بالقطب القضائي، مضيفا بالقول ”لقد تمّ دفن الملفّ في سيدي بوزيد وقام سفيان طوبال بتهديد عز الدين البخاري حتى لا يرفع قضيّة ضدّه وصلت إلى تدخّل رجل الأعمال شفيق جراية الذي عرض على المتضرّر مبلغا ماليا من أجل إخماد الملف“. وأفاد العكرمي لنواة بأنّ ”حافظ قائد السبسي الذي يصطّف سفيان طوبال ورائه قام بالتدخل والضغط على المجلس من أجل رفض ملف رفع الحصانة الذي تقدم به القطب القضائي“، مشيرا إلى أنّ سفيان طوبال لديه قضيّة أخرى تتعلّق بشرائه منزلا من عند شفيق الجراية بـ300 ألف دينار تونسي ولا يوجد أثر ماديّ عن عملية البيع والشراء هذه وكيف دُفعت النقود. وقد سبق أن أعلن سفيان طوبال عن شرائه شقة من رجل الأعمال شفيق الجراية، الموقوف منذ 23 ماي 2017، عن طريق قرض بنكي، وأنّه لم يتلقاها كهدية في ردّه على اتهامات لزهر العكرمي آنذاك. كما ردّ الجراية على نفس الاتهامات بالتأكيد على أن عملية البيع والشراء تمّت بطريقة قانونية، على حدّ قوله.

من اليمين إلى اليسار، حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لنداء تونس، سليم العزابي، مدير الديوان الرئاسي وسفيان طوبال

و يُذكر أنّ مجلس نوّاب الشعب قد أصدر بيانا توضيحيّا في 3 ماي 2018، بعد تصريحات سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم القطب القضائيّ والتي أكّد فيها أنّ المجلس لم يستجب لمطالب رفع الحصانة. وقد جاء في هذا البيان أنّ جلسة عامّة انعقدت بتاريخ 7 فيفري 2017 انتهت إلى وجود خلل إجرائي في طلبات رفع الحصانة المعروضة على المجلس، يتمثّل في خلوّ الملفات مما يثبت عرضها على النواب المعنيين لتبيّن رغبتهم في التمسّك بالحصانة من عدمه. وشدّد المجلس على أنّه ”لم يتلق أي مراسلة من الجهات المعنية في تصحيح الاجراءات المذكورة. وقد اعتمدت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والانتخابية نفس المنهج في سياق دراستها لملف آخر لرفع الحصانة عن نائب، ورد عليها بعد الجلسة العامة المذكورة“. وهو الملف الذي نهتمّ به في هذا المقال.

وقد أثارت شبهة الفساد التي تلاحق سفيان طوبال الجدل سنة 2016، عندما تقدّم المحامي خالد عواينية بشكاية ضدّه لدى المحكمة الابتدائيّة بسيدي بوزيد تتعلّق بالابتزاز واستغلال النفوذ والحصول على رشوة من عز الدين البخاري. واعتبر طوبال أنّ هذه الشكاية تدخل في حملة التشويه التي يتعرّض لها، مفيدا بأنّ البعض من هياكل نداء تونس يرفضون ”بروز شخصية جديدة ومؤثّرة مثله“. ويظلّ سفيان طوبال من الأسماء المثيرة للجدل بسبب شبح الفساد الذي يلاحقه منذ بروزه كأحد أذرع حافظ قائد السبسي الذّي يحميه خارج المجلس وحتى داخله.