أعلن شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات خلال نقطة إعلامية عقدت اليوم الثلاثاء 09 ماي 2017 عن استقالته هو ونائب رئيس الهيئة مراد بن مولى والعضو لمياء الزرقوني. وقد جاء هذا القرار بعد صدور قرار الهيئة بالرائد الرسمي بتاريخ 02 ماي 2017 المتعلّق بضبط الرزنامة النهائية للانتخابات البلدية وقبل 7 أشهر من موعد الانتخابات البلدية. ولم يفصح شفيق صرصار عن الأسباب المباشرة للاستقالة واكتفى بالقول: ”صونا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتزاما بالقسم الذي أديناه لما تولينا المسؤولية بأن نعمل على ضمان انتخابات حرّة ونزيهة، واحترام الدستور والقانون، فقد قررنا نحن محمد شفيق صرصار رئيس الهيئة، والقاضي مراد بن مولى نائب رئيس الهيئة، والقاضية لمياء الزرقوني عضو مجلس الهيئة الاستقالة من مهامنا”. كما أوضح أنّه سيتمّ تقديم الاستقالات وفق ما تقتضيه الإجراءات القانونية محيلا إلى المجلس النظر في سدّ الشغورات وتعويض أعضاء الهيئة وفق ما يقتضيه القانون عدد 23 لسنة 2012.

في حالة الشغور الطارئ على تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لوفاة أو استقالة أو إعفاء أو عجز أو تخل، يعاين مجلس الهيئة حالة الشغور ويدونها بمحضر خاص يحيله صحبة باقي الملف للمجلس التشريعي الذي يتولى سدّ هذا الشغور طبقا للإجراءات المنصوص عليها بالفصل السادس من هذا القانون بناءا على طلب من رئيس الهيئة أو نصف أعضاء مجلسها.الفصل 16

هذا ويتقاطع خبر الاستقالة داخل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات مع تصريح عضو الهيئة نبيل بفون، أمس الاثنين 08 ماي 2017 عن استعداد الهيئة إجراء استفتاء حول قانون المصالحة الاقتصادية والمالية. نبيل بفون أعرب اليوم عن “تفاجئه من القرار” وسارع للتأكيد في أكثر من محطّة إعلامية على الخلفية الداخلية لهذا القرار معترفا أنّ التوتّر ظهر داخل مجلس الهيئة منذ 10 فيفري 2017 خلال استقبال الأعضاء الجدد وانطلاق العمل بالتركيبة الجديدة، والذي استجدّ في 12 أفريل 2017 اثر قرار مجلس الهيئة إنهاء عمل 6 موظّفين، قائلا “لم يُرض قرار المجلس رئيس الهيئة الذي وجد نفسه ضمن الأقلية” مضيفا: “كان من الأجدر أن يتوجّه رئيس الهيئة إلينا، فكان للحوار أن يكون الحلّ”. هذا واعتبر بفون أن توقيت الاستقالة غير مناسب داعيا شفيق صرصار للعدول عن قراره ومؤكّدا إمكانية “فعل ما يجب فعله” واستكمال المسار الانتخابي.

هذا ويجب التذكير أنّه تمّ تعويض ثلث أعضاء الهيئة في 18 جانفي 2017 بعد التصويت في مجلس نوّاب الشعب، وهم محمد التليلي المنصري، عادل البريصي، ونبيل العزيزي. إلاّ أنّ ذلك لم ينجح في حلّ المشاكل الداخلية، حيث بقي “ملف الحوكمة الرشيدة داخل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات محلّ تساؤل كبير في ظرفية يستعد فيها هذا الهيكل الدستوري إلى تنظيم استحقاقات انتخابية وشيكة تتطلب حسن التصرف في المال العام”، جاء هذا في تقرير منظّمة أنا يقظ بتاريخ 08 ماي 2017 حول شبهات فساد مالي داخل الهيئة في علاقة بعضو مجلسها نبيل العزيزي منذ أن كان مشرفا على الهيئة الفرعية للانتخابات فرنسا 2. هذا وقد استقال المدير التنفيذي للهيئة صابر الزوق، في 11 أفريل 2017 على اثر خلاف مع عضو من مجلس الهيئة حول شبهات سوء تصرّف في الموارد، ولم يتمّ سدّ الشغور حتّى هذا الحين. شفيق صرصار الذي صرّح وضوحا اليوم: ”لقد اضطررنا لهذا القرار المسؤول بعد أن تأكّدنا أنّ الخلاف داخل مجلس الهيئة لم يعد مجرّد خلاف حول طرق العمل بل أصبح يمس بالقيم وبالمبادئ التي تتأسّس عليها الديمقراطية” يشير من جهة إلى عدم الحياد صلب مجلس الهيئة وشبهات الفساد المالي من جهة أخرى مما لا يجعل قرار الاستقالة مفاجئا سوى لغير المتابعين للتطوّرات داخل الهيئة الدستورية.

وفي ردّ على قرار الاستقالة أكّد العديد من الفاعلين السياسيين “المفاجئة” أو كذلك “الصاعقة” حسب تعبير القيادي في حزب التكتل خليل الزاوية، الذي لم ينف أن الاستقالة الجماعية صلب الهيئة “خير دليل على لخبطة داخل جهاز الدولة وهو مؤشر سيء ليلة خطاب مصيري لرئيس الجمهورية”، واعتبر أنّ الوضع “لا ينفكّ يتعقّد وأنّ الاستقالة ستعطل الاستحقاق الانتخابي البلدي المقبل ومسار البناء الديمقراطي” محمّلا المسؤولية لرئيس الجمهورية وداعيا إيّاه “العودة إلى المبادئ الأساسية لثورة 14 جانفي والمبادئ الأساسية التي حكم بها في 2011”.

سعيدة قرّاش، مكلّفة بالإعلام والمجتمع المدني لدى رئاسة الجمهورية كرّرت أنّ خبر الاستقالة كان “مفاجئة للجميع” وقالت أن رئاسة الجمهورية لم يتمّ إعلامها بأي خلافات أو ظغوطات داخل الهيئة، مضيفة: “حتّى من باب الإحاطة بالعلم، لا دراية لنا بطبيعة القرار الذي نأسف له في هذه المرحلة الدقيقة”.

الحكومة من جانبها تؤكّد التزامها بموعد الانتخابات بمعزل عن القرار الذي اتخذه أعضاء الهيئة ورئيسها، حيث صرّح وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية أنّ الحكومة حرصت على التواصل مع مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدّة مرّات ووفّرت كلّ المتطلّبات اللوجستية من أجل إنجاح الانتخابات البلدية”. عماد الحمامي، وزير التشغيل وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة في تعليق على الاستقالة قال: “المسألة في غير أوانها” مشدّدا على ضرورة “تغليب المصلحة الوطنية والتي تقتضي أن لا نحدث شرخا في أعلى هيئة للانتخابات”، مواصلا أنّه على الأعضاء المستقلّين مراجعة هذا القرار.