المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة


أصبح تقليداً لديّ أن أعلن بوضوح منذ البداية موقفي السياسي والعقائدي لأنني ببساطة لا أؤمن بالخطابات المحايدة. ليست وجهة نظري وجهة نظر الأكاديميين والجامعيين الذين يختارون أن يكونوا محايدين في وجه حالات الظلم والقمع، ويبررون ذلك بالقول إنهم موضوعيون لكي تقبلهم الخطابات السائدة وسائر بنيات السلطة. إن وجهة نظري هي وجهة نظر خاصة بناشط، وآمل بأنها تقدمية وجذرية ومناوئة للاستعمار بمعنى أنها مناوئة للأنظمة وتتخذ بحزم موقفاً متضامناً في شكل فاعل مع المقموعين و”المعذبين في الأرض“ في نضالاتهم لتحقيق العدالة الاجتماعية.

صورة من المصنع الكيميائي بقابس

سأتناول ثلاثة محاور في هذه المقالة. سأبدأ بإعطاء فكرة عن الأزمات الإيكولوجية والمناخية في منطقة المغرب الكبير (الجزائر والمغرب وتونس) قبل أن أتابع لأبيّن كيف تُطبَّق اللبرالية الجديدة للحوكمة البيئية هناك. وسأختم بتقديم نقد لبعض مفاهيم ”العدالة“ المستخدمة للحديث عن حالات الظلم المتعلقة بمواجهة التدهور البيئي والاحترار العالمي ذي المنشأ البشري والتعامل معهما.

الأزمات الإيكولوجية والمناخية في منطقة المغرب الكبير

أصبح التغير المناخي ذو المنشأ البشري واقعاً بالفعل في المغرب الكبير، وهو يزعزع الأساس الاجتماعي – الاقتصادي والإيكولوجي للحياة في المنطقة. فتونس والجزائر والمغرب شهدت موجات شديدة من الحرارة خلال صيف 2015 وجفافاً مستمراً هذا العام (2016) كان كارثياً للزراعة (خصوصاً لصغار المزارعين في المغرب). وتتسع الصحراء، آكلة الأرض حولها. وهذا يفرض ضغطاً كبيراً على الموارد المائية الشحيحة أصلاً. إن تسرب مياه البحر إلى احتياطات المياه الجوفية، إلى جانب الاستخدام المفرط للمياه الجوفية، سيضع هذه البلدان في مصاف البلدان التي تعاني فقراً مطلقاً في المياه1.

وتتفاقم تداعيات التغير المناخي والأزمة المناخية بالتدهور البيئي واستنزاف الموارد الطبيعية الناتجين عن نموذج الإنتاجية في التنمية القائم على الصناعات الاستخراجية: النفط والغاز في الجزائر (وإلى حد أقل في تونس)، وتعدين الفوسفاط (في تونس والمغرب)، وأنماط أخرى من التعدين (الفضة والذهب والمنغنيز في المغرب)، والأعمال الزراعية الكثيفة الاستخدام للمياه المترافقة مع السياحة (في المغرب وتونس).

وإلى جانب التلوث والتدمير البيئي والانتشار المتزايد لأمراض مثل السرطان، شاهدت بوضوح خلال زياراتي البحثية إلى مواقع لاستخراج الوقود الأحفوري وصناعات تعدينية، ما يسميه ديفيد هارفي ”التراكم من خلال السلب“2 وكذلك ما يصفه سمير أمين بـ ”تنمية التخلف“.3 ويمكن القول بثقة إن الفقر في هذه المناطق يرتبط بوجود موارد طبيعية مهمة. وثمة أمثلة عديدة: بلدتا الغاز والنفط عين صالح وحاسي مسعود في الجزائر، وحوض تعدين الفوسفاط في قفصة ومدينة قابس في تونس، والبلدة الصناعية آسفي وبلدة تعدين الفضة إميضر في المغرب.

هذه هي مفارقة المنهج الاستخراجي في ظل الرأسمالية، حيث تُخلَق مناطق ضحية بهدف الحفاظ على مراكمة رأس المال. وحين أقول مناطق ضحية، أعني ذلك، فعين صالح في الجزائر تُعتبَر من أغنى بلدات الغاز في القارة الأفريقية لكنها بلدة بشعة ببنية تحتية فقيرة. ويسمي السكان المستشفى الوحيد لديهم ”مستشفى الموت“. وكانت قابس، الواحة الساحلية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط، تُسمَّى ”جنة على الأرض“، قبل أن يُبنَى المصنع الكيميائي في سبعينيات القرن العشرين عند شواطئها بهدف معالجة الفوسفاط المستخرج. وتسبب ذلك المصنع بإبادة بيئية في الواحة من خلال نهب مياهها، وتلويث هوائها وبحرها، وقتل بعض حيواناتها ونباتاتها. ويتحدث البعض حتى عن إرهاب بيئي في سياق الخطاب المشبع جداً بسياسات مناوئة للإرهاب. وهذان مجرد مثالين من بين أمثلة كثيرة تكمن وراء علل جاءت بها المقاربة الاستخراجية.

ماذا أعني بالمنهج الاستخراجي؟

تشير العبارة إلى تلك النشاطات التي تزيل كميات كبيرة من الموارد الطبيعية غير المعالَجة (أو المعالَجة إلى درجة محدودة فقط)، خصوصاً بهدف التصدير. ولا يقتصر المنهج الاستخراجي على المعادن والنفط. هو موجود أيضاً في الزراعة وصيد الأسماك، وحتى في السياحة بسبب الاستخدام المكثّف للمياه في نشاطاتها. لقد أرعبتني رؤية بناء ملاعب للغولف في مناطق قاحلة أو شبه قاحلة في المغرب. وكان فانون محقاً دائماً في نقده للسياحة، التي اعتبرها صناعة تالية للاستعمار بامتياز أصبحت فيها نُخبنا ”منظِّمة للحفلات“ لصالح نظيرتها الغربية في وسط فقر طاغٍ4.

وشكّل النموذج الاستخراجي في التنمية آلية للنهب والاستملاك في مرحلة الاستعمار والمرحلة التالية له. فقد طُبِّق بغض النظر عن استدامة المشاريع الاستخراجية أو حتى استنزاف الموارد الطبيعية5. وبقي الاعتماد على المراكز الحضرية من دون تغيير عملي إلى يومنا هذا في بلدان المغرب الكبير، على الرغم من بعض التغييرات التي طرأت على جوانب قليلة ذات دلالة من جوانب المنهج الاستخراجي التقليدية من خلال تحقيق تدخل أكبر للدولة في هذه النشاطات.

قد تظنون بأنني أبالغ، لكنني فُوجِئت وحزنت حين سمعت تكراراً في المغرب والجزائر وتونس بيانات تقارن بين الآثار المدمرة لصناعات تالية للاستعمار وتلك الناتجة عن صناعات أثناء الاستعمار. وفي بعض الحالات، قيل حتى إن المستعمرين الفرنسيين كانوا أكثر رحمة. وفي نظري، تدعو هذه المقارنات إلى الاشتباه بوجود استعمار داخلي، يساعده نموذج تنموي استخراجي ينهب الكتل السكانية ويلقي التكاليف الاجتماعية – البيئية الناجمة عنه على كاهلها.

وللناس في هذه المناطق مظالم قديمة تنفجر أحياناً في انتفاضات. وتشمل الأمثلة حالة عين صالح، حيث انتفض الناس على نطاق واسع في 2015 ضد خطط لتكسير الصخور في أراضيهم وتلويث مياههم؛ وبروز حركة للعاطلين عن العمل في 2013 في ورقلة القريبة من قطب الثروة النفطية في حاسي مسعود؛ وانتفاضة العام 2008 في حوض التعدين في قفصة (قابله نظام بن علي بقمع دموي)؛ والنضال الجاري بالمجتمعات الأمازيغية بإميضر ضد مناجم الفضة المملوكة لشركة قابضة ملَكيّة تسرق الموارد الطبيعية البلدية (بما فيها المياه) وتفقر المنطقة.

الحوكمة اللبرالية الجديدة للبيئة في المغرب الكبير

في مواجهة حالات الظلم والتدمير هذه، من يشكّل الخطاب البيئي ويصوغ الاستجابة للتغير المناخي في المغرب الكبير؟

تنتشر مؤسسات مثل البنك الدولي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ووكالات الاتحاد الأوروبي وترفع الصوت، فتنظم المناسبات وتنشر التقارير عبر هذه البلدان الثلاثة. وهي تبرِز بعض الأخطار المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة في العالم، وتدعو إلى القيام بعمل عاجل، وتعزيز الطاقات المتجددة، وتطبيق خطط للتأقلم. وفي ضوء قلة البدائل، يبدو أن لهذه المؤسسات مواقف جذرية مقارنة بمواقف الحكومات المحلية.

لكن هذه المؤسسات منحازة سياسياً إلى الأقوى. لذلك لا يشمل تحليلها للتغير المناخي والأزمة الإيكولوجية قضايا الطبقات أو العدالة أو السلطة أو التاريخ الاستعماري. وتستند حلول البنك الدولي إلى السوق، وتتسم باللبرالية الجديدة، وتتخذ مقاربة تتدرج من الأعلى إلى الأسفل. وتعيد هذه المؤسسات تمكين من يملكون الثروة من دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الإيكولوجية والمناخية. وبدلاً عن الترويج للتخفيضات الضرورية في الانبعاثات، تعطي هذه المؤسسات تفويضات وإعانات ملوِّثة لصناعات متعددة الجنسيات وصناعات استخراجية. وما من إشارة إلى المسؤولية التاريخية للغرب الصناعي في التسبب بالتغير المناخي، وجرائم شركات نفطية مثل ”بي پي“ و”شل“، أو الدَّين المناخي المستحق لجنوب العالم.

وتتسم رؤية المستقبل التي يدفع بها البنك الدولي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) وقسم كبير من الاتحاد الأوروبي، باقتصادات تُخضَع لربح خاص وخصخصة إضافية للماء والأرض والغلاف الجوي. وتتمثّل الحلقة الأخيرة من هذه التنمية بالشراكات بين القطاعين العام والخاص المطبقة في كل قطاع، بما في ذلك الخطة المغربية للطاقة المتجددة. وتقع حالات خصخصة الموارد وانتزاعها هذه تحت مسمى ”الرأسمالية الخضراء“ المرئية بوضوح في النموذج الزراعي لهذه البلدان، خصوصاً في المغرب حيث تهيمن الأعمال الزراعية الكثيفة الاستخدام للمياه والموجَّهة إلى التصدير. وتستهدف ”خطة المغرب الأخضر“ الحكومية الصادرة في 2008 والمدعومة من البنك الدولي والمحدِّدة للبرنامج الزراعي الحكومي للفترة ما بين 2008 و2020، زيادة المحاصيل الموجَّهة إلى التصدير خمسة أضعاف من خلال تحويل استخدام الأراضي بعيداً من محاصيل الحبوب الغذائية الأساسية، وتعزيز الاستثمار الخاص في الزراعة، وإزالة الضوابط التي تقف في طريق حقوق الملكية الخاصة6.

وتملك هذه المؤسسات المهيمنة الموارد المالية والبشرية اللازمة لتشكيل المجتمعات المدنية المحلية واستمالتها من خلال تقديم التمويل والمساعدة لتأسيس منظمات بيئية متعددة. ودُهِشت حين رأيت العدد الضخم لجمعيات ومنظمات كهذه تدعي أنها تعمل لقضايا بيئية في تونس والمغرب. ووفق معلوماتي، تُعتبَر أغلبيتها غير سياسية وتسعى بنشاط، وأحياناً بانتهازية، إلى تمويل من الاتحاد الأوروبي وجهات أجنبية مانحة.

تُسمَّى الظاهرة أحياناً تطبيعاً للعالم بطابع المنظمات غير الحكومية (NGOisation of the world). ويُفترَض بهذه الظاهرة ”تمكين المجتمع المدني“، بيد أنها تساهم في خلق دائرة مصطنعة وغير مستقلة للمجتمع المدني، لا تؤدي إلا إلى تعميق تطبيع الاجتماعي بطابع السوق وخصخصته. ومن الأمثلة الجديرة بالذكر هنا بروز بعض المافيات البيئية إذ تنفّذ منظمات يُفترَض أنها خضراء لكنها مرتبطة بحملات ودوائر عقارية لإغلاق المصنع الكيميائي في صفاقس بتونس لكي يسهل تطوير الأرض بهدف تحقيق ربح خاص. وباختصار، لا يُوجَّه التمويل الآتي من هذه المؤسسات اللبرالية الجديدة لتمويل مبادرات تقدمية تلتزم إحداث تحول جذري في المجتمع. بل على العكس، يكون هذا التمويل أداة قوية للهيمنة المستمرة.

مفاهيم العدالة: هل هي قابلة للتطبيق في المغرب؟

أريد الآن أن أركز قليلاً على جزء من عملي يتعلق بإنهاء الاستعمار ويشمل محاولة لتفكيك بعض المفاهيم التي أستخدمها. استناداً إلى نقاشاتي مع أشخاص في المغرب الكبير، يبدو مفهوم ”العدالة المناخية“ غريباً ومبهماً. وليس الأمر نتيجة لخطأ يشوب ”الشرقيين“. فسبب الإبهام يكمن في حقيقة أن المفهوم مفهوم أجنبي ولا يملك جذوراً في المنطقة. وتبدو الترجمة العربية غريبة لا تملك أي صدى لدى السكان المحليين. وليس المفهوم الأوسع الخاص بـ ”العدالة الاجتماعية“ مستخدماً على نطاق واسع.

عرّفني عملي في عالم المنظمات غير الحكومية الغربية على مفاهيم كهذه. وراء عدالة البيئة والمناخ لدينا عدالة الطاقة والديمقراطية، إلى جانب عدالة الغذاء والتجارة. ويمكن فهم أن المنظمات غير الحكومية تبتكر هذه العبارات للتحدث عن قضايا معينة من خلال عدسة العدالة والديمقراطية، ويكون الهدف دائماً استقطاب جمهور. وأشعر بأن ثمة أخطاراً تحف بهذه الطريق. فالميل إلى تفتيت مفاهيم كهذه، على غرار العدالة والديمقراطية، قد يعطي وهماً مفاده بأن المرء يستطيع الحصول على العدالة (أو الديمقراطية) في مجال دون آخر، من دون إخضاع النظام الرأسمالي المولّد لحالات الظلم المترابطة كلّه للمساءلة.

ولا يستخدم الناشطون والمثقفون والمنظمات في المغرب الكبير العاملون على قضايا التغير المناخي والتدهور البيئي عموماً هذه المفاهيم. وفي الحالات القليلة التي تُستخدَم فيها هذه المفاهيم، يكون الأمر استثناءً لا القاعدة. وتُستورَد أحياناً هذه المفاهيم من أوروبا من دون تفكير نقدي وتعريفات مناسبة. وأعتقد بقوة بأن استيراد المفاهيم وفرضها على السكان ليس كفيلاً بإنتاج نتائج عكسية فحسب بل هو قابل أيضاً لأن يحافظ في نهاية المطاف على بنيات الهيمنة القائمة بين الشمال والجنوب، فهذه الهيمنة يمكن أن تكون معرفية أيضا. وفيما لا يزال مفيداً التفاعل مع حركات في أمكنة أخرى والتعلم منها، نحتاج دائماً إلى وضع مفاهيمنا وخطاباتنا في سياقاتها والنظر في تاريخها.

مثلاً، وُلِدت العدالة البيئية (في استخدامها السوسيولوجي) في الولايات المتحدة كنتيجة للنضالات ضد طمر النفايات في ولاية كارولينا الشمالية خلال 1982. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، بينت مئات التقارير أن ”الملونين“ والسكان أصحاب المداخيل المتدنية عانوا بسبب مواقع النفايات والمصافي والبنية التحتية الخاصة بقطاع النقل، من ضرر بيئي أكبر مقارنة بالبيض والمجتمعات الميسورة. وبالنسبة إلى الأشخاص المشاركين في هذا النضال، ساوت المعركة ضد الظلم البيئي المعركة ضد العنصرية7.

وقدمت منظمات العدالة الاجتماعية العدالة المناخية وطورتها، فبرزت خلال مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في مرحلة شهدت فشلاً معولماً شديداً للدول والسوق. ولم تصل العدالة المناخية إلى المشهد الدولي كمقاربة سياسية متجانسة إلا صبيحة الفشل الذي شهدته إستراتيجية أكثر تعاوناً بين المنظمات غير الحكومية البيئية الرئيسية والطبقة الإدارية الرأسمالية العالمية8. وكان الأمر نتيجة لربط العدالة الاجتماعية بمشاكل إيكولوجية ذات خصوصية جغرافية. ويشمل تطور حركة العدالة المناخية تقاليد متنوعة ويبيّن أنها لم تكن يوماً منفصلة عن نضالات أخرى، مثل الحركة البيئية المناهضة للعنصرية، والمعركة ضد الهيمنة المالية الشمالية على الجنوب، وحركة العدالة العالمية التي برزت حول احتجاجات سياتل على منظمة التجارة الدولية في 1999.

هل علينا إذاً أن نتكل على عبارات مثل ”العدالة المناخية“ للحديث عن الجانب السياسي الظالم للتعامل مع التغير المناخي؟ أم هل نحتاج إلى إعادة التفكير في مفاهيمنا، فنموضعها في شكل أدق لتركز على قضايا محددة تؤثر مباشرة في هذه الحالة في حيوات سكان المغرب الكبير – قضايا مثل شح المياه والجفاف والتلوث الصناعي والسيادة على الموارد؟ ثمة دائماً عنصر إيكولوجي في النضالات التي صادفتها، لكن هذا البعد كان ثانوياً في مقابل قضايا ضاغطة أكثر تتعلق بالحقوق الاجتماعية – الاقتصادية على غرار الوظائف، وتطوير البنية التحتية الحضرية والريفية، وتوزيع الثروة المولّدة، وتعزيز المشاركة الشعبية في عمليات صنع القرار. لذلك تحتاج المشاكل البيئية في المغرب الكبير (وغيره) إلى تحليل شامل يأخذ في الحسبان العدالة الاجتماعية والمستحقات والتوزيع المنصف.

إستنتاج

كيف يمكننا أن نخطط لتحول عادل إلى طاقات متجددة وسبل مستدامة لإنتاج غذائنا وموادنا فيما مواردنا الطبيعية تنهبها شركات متعددة الجنسيات وفيما أرضنا ومواردنا المائية تستحوذ عليها أعمال زراعية وصناعات مدمرة؟

نحتاج إلى النضال من أجل السيادة والسيطرة الديمقراطية على الموارد الطبيعية وأنظمة الطاقة والغذاء. ونحتاج إلى النضال ضد انتزاع الأرض والماء. ويجب علينا أن نسعى إلى مزيد من الشفافية في وجه فساد الصناعات الاستخراجية.

كل عام، يلتقي القادة السياسيون للعالم والمستشارون ووسائل الإعلام في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ (COP). لكن على الرغم من التهديد العالمي، تسمح الحكومات لانبعاثات الكربون بالارتفاع وللأزمة بالتفاقم. واختطفت قوة الشركات المحادثات وهي تروج لـ ”حلول مزيفة“ تحقق أرباحاً أكبر. ونال المؤتمر الحادي والعشرين للأطراف الذي استضافته باريس في كانون الأول (ديسمبر) 2015 اهتماماً كبيراً، لكن القادة السياسيين فشلوا في الوفاء بالتخفيضات اللازمة لضمان الاستمرار. وفي هذا الإطار، لن يختلف المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف الذي يعقد حاليا في المغرب (7-18نوفمبر) 2016.

لتصميم تحول عادل بعيداً عن الوقود الأحفوري وتطبيقه، نحتاج إلى إنقاذ بيئتنا من براثن آليات السوق وإعادة صياغة النقاش حول قضايا العدالة والمحاسبة والنفع الجمعي. ويجب علينا أن نبتعد عن منطق رأس المال الذي يجزّئ أسباب عيشنا وأراضينا ويسلّعها ويخصخصها. وفي قلب هذا الأمر ثمة أشكال جذرية من المشاركة والتنظيم المحليَّين، تمثّل بديلاً عن هيمنة تلك المفاوضات الدولية الرسمية التي تخضع لإملاءات السوق.

نشر في ”قوالم العالم“ – سلسلة حجر
تعريب محمد حمدان و عبد الرحمن أياس 
 
 
هوامش

  1.  حمزة حموشين وميكا مينيو – بالويلو. الثورة المقبلة في شمال أفريقيا: النضال من أجل العدالة المناخية (بالعربية والفرنسية)، 2015. الناشرون ”بلاتفورم“، و”العدالة البيئية – شمال أفريقيا“، و”مؤسسة روزا لوكسمبورغ“، و”ريتيمو“.
  2.  ديفيد هارفي، تاريخ مختصر للبرالية الجديدة. أوكسفورد 2005. مطبعة جامعة أوكسفورد.
  3.  سمير أمين، فك الارتباط: نحو عالم متعدد المراكز، 1990. زد بوكس.
  4.  فرانز فانون، المعذبون في الأرض، 1967. بنغوين بوكس.
  5.  ألبرتو أكوستا، المقاربة الاستخراجية والمقاربة الاستخراجية الجديدة وجهان للعنة واحدة. في ”أبعد من الرؤى التنموية البديلة في أميركا اللاتينية“، 2013. ”المعهد العابر للحدود“/”مؤسسة روزا لوكسمبورغ“.
  6.  آدم هنية، نقل الأولويات أم العمل كالمعتاد؟ الاستمرار والتغيير وراء 2011: مشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مع تونس والمغرب ومصر، 2014. مجلة دراسات الشرق الأوسط، 42:1، 119 – 134.
  7.  جوان مارتينيز – ألير ومشاركوه. بين النشاط والعلم: مفاهيم أساسية للاستدامة صاغتها منظمات العدالة البيئية، 2014. مجلة الإيكولوجيا السياسية، المجلد 21، 19 – 60.
  8.  باتريك بوند، الجانب السياسي للعدالة المناخية: الشلل في الأعلى والحركة في الأسفل، 2012 مطبعة جامعة كوازولو – ناتال.