الإشاعة التّي صدرت في جريدة الشروق مساء يوم 01 نوفمبر 2016، والتّي نقلت ادّعاء المحامي نزار عيّاد كشفه لانتهاكات وأسرار خطيرة بخصوص قضيّة هنشير ستيل بجمنة، انتشرت بشكل سريع في أغلب الصحف والمواقع الالكترونية التي نشرت المقال حرفيا ونقلته بنفس الصياغة التّي تجرّم القائمين على جمعية حماية واحات جمعة. “السرّ” الذّي صرّح به المحامي المذكور لجريدة الشروق يتعلّق باكتشافه أنّ القائم الحقيقي على إدارة هنشير ستيل ليس سوى “شركة تجارية خاصّة لا علاقة لها بالمجتمع المدني، خفية الاسم براس مال يقدّر ب416 الف دينار تأسّست بتاريخ 11 ماي 2012.”

المحامي حاول اثبات صحّة السبق الذّي أسّر به لجريدة الشروق ومن ثمّ انتشر في جميع المواقع الالكترونية لاحقا، فسرد رقم السجّل التجاري والمعرّف الجبائيّ للشركة المذكورة.

بالتثبّت في السجّل التجاري، فأنّ الشركة قد تمّ تأسيسها بالفعل في ذلك التاريخ، كما أنّ رقم السجّل التجاري صحيح بدوره، بل إنّ الموقع الرسمي للسجلّ التجاري يشير إلى الشركة المذكورة ما تزال في حالة نشاط وتباشر اعمالها رغم تصفية الشركة كما يتأكد ذلك من خلال الرائد الرسمي لسنة 2015 وهو يعني عدم تحيين الموقع الرسمي للسجّل التجاري. بينما يغيب رقم المعرّف الجبائي والذّي يتم سحبه إذا ما تمّت التصفية وحلّ أي شركة تجارية.

jemna-jort-liquidation1

لكنّ ما فات المحامي نزار عيّاد، وجريدة الشروق وعشرات المواقع التي تجنّدت لنقل الخبر نسخا، أنّ “شركة الاحياء والتنمية الفلاحية بجمنة” والتّي تأسّست في 11 ماي 2012، أي بعد تأسيس الجمعية، قد تمّ الشروع في تصفيتها منذ 30 أكتوبر 2013 بمقتضى الإذن عدد 11944 الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائيّة بقبلّي. وهو ما يعني أنّ الشركة لم تقم بأي نشاط منذ ذلك التاريخ، بل ويؤكّد رئيس جمعية حماية واحات جمنة الطاهر الطاهري انّ تأسيس هذه الشركة التجارية جاء في سياق البحث عن حلول لاستعادة الضيعة ووفق نصيحة كلّ من وزير الفلاحة والصيد البحري ووزير أملاك الدولة والشؤون العقّارية حينها.

jemna-jort-liquidation2

أما القرار الرسمي بتصفية “شركة الاحياء والتنمية الفلاحية بجمنة” فقد صدر بالرائد الرسمي وباللغتين العربية والفرنسية بتاريخ 31 ديسمبر 2015 في الصفحتين 7985 و7984.

أمّا عن تأخّر الإصدار في الرائد الرسمي فيعلّق السيّد الطاهر الطاهري بأنّ لا دخل للجمعية في بطء الإجراءات، حيث تثبت المستندات أنّ الاذن بتصفية الشركة المذكورة قد تمّ منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد تمّ تعليق أيّ نشاط لها منذ ذلك التاريخ، لتتولّى جمعية حماية جمنة عملية التسيير والتصّرف حتّى هذه اللحظة. حديث السيّد الطاهر الطاهري تؤكّده مداخلات العديد من الأهالي في التقرير المصوّر لنواة أثناء تغطية الاجتماع الشعبي في واحة جمنة خلال الاعداد للبتّة العمومية لبيع محصول التمور لسنة 2016، حيث يجمع أغلبهم بأنّ الشركة لم تكن سوى محاولة لإيجاد مخرج قانوني، دون أن تكون لها دور أو وجود حقيقي في تسيير الضيعة.

التهافت الإعلامي على نقل “السبق” و”السرّ” الخطير الذّي كشف عنه المحامي نزار عيّاد، والذّي لم يختلف موقفه من قضيّة جمنه عن نظيره من قضية بتروفاك، كان غير مسبوق ومفاجئا نظرا للتعتيم الإعلامي وفتور التعاطي مع تجربة جمنة خلال خطواتها الأولى، إذ غابت نفس وسائل الاعلام عن تغطية البتّة والاجتماعات الشعبية للأهالي، كما غضّت الطرف عن إنجازات جمعية حماية واحات جمنة، ولم تفتح امامهم المصادح إلا لتجرّمهم وبعد أن كسر القائمون على الجمعية والمساندون لها الحصار الإعلامي ومحاولات عزل التجربة بعيدا عن العاصمة كمركز ثقل اعلامي وسياسي واجتماعي.