المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

islam-reforme

إنّ مأساة العالم الإسلاميّ و ما يعانيه من تأخّر و ما يقوم به المسلمون من عمليّات إرهابيّة هو – حتما – من نتائج التمسّك بمجموعة من الأحكام الدّينيّة الرّجعيّة و المعمول بها منذ قرون غابرة. و الحقيقة أنّ الأصوات تتعالى يوميّا للدّفاع عن الإسلام المعتدل الذي يرفض القتل و الإرهاب، غير أنّ هؤلاء هم قلّة مقارنة بالأغلبيّة المتمسّكة بقداسة النّصوص لا بل إنّ أيّ عمليّة أو محاولة للنّقد أو للتّجديد – كما يفعل القرآنيّون أو المعتزلة الجدد – تثير سخطا لدى المتديّنين و نجد المفكّرين في قفص الإتّهام.

ضرورة نزع القداسة عن نبيّ الإسلام و قرآنه

إنّ المطلوب اليوم هو التّعامل مع نبيّ الإسلام على أنّه مجرّد شخصيّة تاريخيّة أصابت و أخطأت في عديد النّقاط. غير أنّ الواقع يكشف عكس ذلك فتحوّل التّاريخ إلى ميتاتاريخ في الموروث الدّيني عموما – و الإسلاميّ خصوصًا – راجع أساسًا إلى إضفاء هذا البعد الميتافيزيقيّ على شخصيّة محمّد و هذا ما يجعل المتديّن يتغافل عمّا إرْتُكِبَ من مجازر بهدف توسيع الإمبراطوريّة الإسلاميّة لا بل إنّ هذه العمليّة رسخت في ذهن المتديّن على أنّها ”فتوحات و نصر من الرّب“. و لا ننسى كذلك الإشارة إلى ضرورة التّعامل مع القرآن على أساس أنّه إعترافات محمّديّة و وثيقة تكشف عن نفسيّة هذه الشّخصيّة التي تُشَلُّ أمامها العقول و يُحَرَّمُ التّفكير حولها أو حول أفعالها و هذا ما أعاق كلّ محاولة للتقدّم إذ أنّ المتديّن يقف عاجزا نتيجة إيمانه بمجموعة من المعجزات التي تُوَلِّدُ إنبهرا أعمى يؤدّي إلى الإستغناء عن الفكر النّقدي. و رغم صعوبة و خطورة المهمّة، فإنّ نقد الشّخصيّة المحمديّة نقدا علميّا و تحليل أفعالها و تنزيلها من مرتبة المقدّس إلى سياقها التّاريخيّ أمر لا مفرّ منه للقطع مع كلّ فكر دوغمائيّ و لضرب هذا الإجماع الرّهيب على نبيّ الإسلام الذي رفعه إلى مرتبة القداسة.

هذا الإجماع المريب والمخيف حول شخصية محمد التي لا يجوز مقاربتها نقدياً حتى همساً تماماً كما كان البدائيون يعتبرون الـ”فيتيش” أو الصنم هو إلاههم المتجسد الذي لا يرقى إليه الهمس ويحكمون بالموت على كل من يدنّسه بكلمة أو بفعل يشكّك في قداسته. كذلك فعل ـ وللأسف مازالوا يفعلون ـ المسلمون بـ”صَنَمَيْهِمَا” نبيّ الإسلام وقرآنه، اللّذين تنعقد أمامهما الألسن وتنشلّ العقول.العفيف الأخضر، من محمّد الإيمان إلى محمّد التّاريخ

إنّ تطوّر العلوم و ظهور العلوم الإنسانيّة (الفلسفة، التّاريخ، علم النّفس …) تتيحُ لنا إمكانيّة توظيفها كوسائل لفهم الإسلام و إصلاحه و إخراجه من ظلمات الرّجعيّة إلى نور الإنسانيّة و التّقدّم الحضاريّ. و لكنّ ذلك لن يتمّ إلاّ من خلال القطع مع اللاعقلانيّة و ي نتيجة من نتائج التشبّث بالإسلام الرّجعيّ.

معرفة شخصيّة محمّد النّفسية، على ضوء العلوم المعاصرة خاصّة علوم النفس يخدم هذه الغاية: جعْل القرآن لأوّل مرّة قابلاً للفهم فهماً علميًّا أي بما هو في جزء منه أعراض للأمراض النّفسيّة، التي كابدها نبيّ الإسلام من المهد إلى اللّحد. العفيف الأخضر، من محمّد الإيمان إلى محمّد التّاريخ

هدم و إلغاء الشّعائر لبناء فكر مستنير

من يؤمن بالنّاس في وجودهم و سعادتهم و حقوقهم ليس ملحدًا مهما أنكر الإله. بينما الذي يخدع البشريّة و يسلبها سعادتها هو الملحد مهما صلّى و نذر و صام و حجّ.عبد الرّزاق الجبران، لصوص اللّه

إنّ ما يُميّز العقل الدّينيّ عمومًا – و الإسلاميّ خصوصًا – هو الرّكود الذي جعله متموقعًا على هامش التّاريخ منذ قرون طويلة. ويعود ذلك أساسا إلى تعويل المتدّين – المُبَالَغِ فيه – على الميتافيزيقيّ و القوى الغيبيّة التي يلقي عليها جميع همومه و يحمّلها المسؤوليّة عند إخفاقه و هو ما سمّاه المفكّر السّوري جورج طرابيشي ب”سبات العقل”. و إصلاح الإسلام يمرّ عبر القطع مع كلّ ماهو ميتافيزيقا و منه إلغاء مجموعة من الشّعائر الغبيّة – بعبارة العفيف الأخضر – لتحميل الإنسان المسؤوليّة المطلقة أمام نتائج تصرّفاته. و أوّل هذه الشّعائر نذكر الحجّ و هو طقس وثنيّ يعود بأموال طائلة على آل سعود تُوظّف كلّها في الفساد و الحروب و نشر الوهابيّة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ الحجّ موجود قبل الإسلام فقد قال عمر بن الخطّاب : «ما لنا و للرّمل إنّما كنّا قد رائينا به المشركين و قد أهلكهم اللّه» (صحيح البخاري، الجزء 2، الصّفحة 151) أي أنّ عمر إحتجّ على مواصلة الحجّ بعد أن كان نفاقا للإيقاع بالمشركين. و أمّا فيما يتعلّق بالصوم، فقد شهدت البلاد التونسيّة تعطيله من طرف بورقيبة بعد أن لاحظ ضعف المردوديّة و تراجع الإنتاج خلال هذا الشّهر، ثمّ إنّ إرتفاع درجات الحرارة في رمضان يؤدّي إلى خسارة كمّيات مهمّة من الماء بعد 12 ساعة من الصّوم. و قد قامت مجموعة من الشباب في كلّ البلدان العربيّة و أطلقوا حملة رفض للصّيام و هي تدوم منذ سنوات عديدة.

إنّ الفهم الجامد للإسلام كما هو موجود في كتب الموروث لن يساهم في تطوير هذا الدّين. بل إنّ الحلّ يكمن في تطبيق مجموعة من العلوم الإنسانيّة و محاولة فهم النّص في واقع القرن 21 و التّخلِّي عن مجموعة من الآيات و الأحاديث التي لا تتوافق مع ما شهدته البشريّة من تطوّر. وهي المراحل الضّروريّة ليلتحق الإسلام بركب الحداثة و هذا ما حاول العديد من المفكّرين القيام به و لكنّهم ظلّوا أقليّة متهّمة بالزّندقة أو وقع إغتيالهم كما حصل مع الرّاحل الدّكتور فرج فودة و القائمة تطول.