Beji-Hafedh-Caid-Essebsi

بقلم محمد سميح الباجي عكاز،

لا يجوز لرئيس الجمهورية الجمع بين مسؤولياته وأية مسؤولية حزبية.الفصل 76 من الدستور التونسي

في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة التي يشهدها حزب نداء تونس منذ أشهر، والتي تفاقمت إلى حدّ تهديد الحزب بالإنقسام، قدّم رئيس الجمهوريّة في نهاية خطابه، يوم الأحد 29 نوفمبر 2015، قائمة اسميّة للجنة مهمّتها «تقريب وجهات النظر» وإحداث نوع من «التوافق» يجنّب نداء تونس سيناريو الإنشقاق وفقدان أغلبيّته في مجلس النوّاب التي يستمدّ منها قوّته السياسيّة، كما جاء في كلمته التي خصّص أغلبها للحديث عن الشأن الحزبيّ.

قائمة الإنقاذ

القائمة التي عدّد الرئيس أعضاءها، تضمّنت نوّابا من مجلس الشعب وأعضاء من المكتب التنفيذيّ لحزب نداء تونس من معسكري إبنه حافظ قائد السبسي و منافسه محسن مرزوق.

يوسف الشاهد: من مواليد 1975، وقد اقترحه رئيس الجمهوريّة كرئيس للجنة. يشغل هذا الأخير منصب كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة مكلّف بالصيد البحري. تحصل يوسف الشاهد على شهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعيّة في فرنسا سنة 2003 وعمل هناك إلى غاية سنة 2009،. كما عمل الشاهد كخبير دولي في السياسات الفلاحية لدى عدد من المنظمات الفلاحية الدولية كالاتحاد الاوربي ومنظمة التغذية العالمية.

نشاطه السياسيّ انطلق بعد 14 جانفي 2011، بتأسيس الحزب الجمهوري رفقة عبد العزيز بلخوجة وسليم العزابي. إثر انتخابات أكتوبر 2011، حافظ على اصطفافه السياسيّ بعد انصهار الحزب الجمهوري وحزب آفاق تونس والحزب الديمقراطي التقدّمي. عقب اغتيال الشهيد محمد البراهمي، غادر الحزب الجمهوري رفقة سعيد العايدي وزير الصحّة الحاليّ وسليم العزابي، المستشار الحالي لرئيس الجمهورية، لينظمّوا إلى مبادرة الباجي قايد السبسي وحزب نداء تونس حيث يشغل حاليا عضوية المكتب التنفيذي.

أنصار محسن مرزوق أقليّة داخل لجنة التوافق

عبد الرؤوف شريف: من مواليد 2 أوت 1952 بتوز تحصل على الدكتوراه من كلية الطب بتونس في 9 فيفري 1979. تقدّم للانتخابات التشريعيّة سنة 2014 و فاز بمقعد في مجلس النوّاب عن حزب نداء تونس. وهو عضو في لجنة شؤون ذوي الإعاقة والفئات الهشة ولجنة الصحة والشّؤون الاجتماعية. مع تفاقم الأزمة داخل الحزب واشتداد الصراع بين شقيّ محسن مرزوق وحافظ قايد السبسي، اختار عبد الرؤوف شريف الاصطفاف مع محسن مرزوق بانضمامه إلى قائمة النوّاب المستقيلين  من نداء تونس أوائل شهر نوفمبر 2015.

حسونة ناصفي: النائب عن حزب نداء تونس في ولاية قابس، من مواليد سنة 1972، كان أيضا من بين النوّاب المستقيلين من كتلة الحزب في مجلس النوّاب.  وقد حسونة الصافي شغل منصب كاتب عام منظّمة طلبة التجمّع الدستوري الديمقراطي بين سنتي 2000 و2003. ليواصل نشاطه صلب الحزب وضمن هياكله حتّى تاريخ 14 جانفي 2011.

بوجمعة رميلي: من مواليد 24 فيفري 1949. عضو الهيئة التأسيسيّة لحزب نداء تونس.  تمّ تعيينه في 10 جوان 2015 ناطقا رسميا  للحزب خلفا للزهر العكرمي. قبل 14 جانفي 2011، وحتّى جوان 2012، كان بوجمعة الرميلي أحد وجوه اليسار التونسي وقد شغل حتّى تاريخ التحاقه بحزب النداء قيادة حزب التجديد ضمن خطّة أمين وطني مكلف بالتنسيق العام. يعتبر هذا الأخير أحد المحسوبين على محسن مرزوق، وقد تعرّض للإعتداء والطرد من طرف أنصار حافظ قايد السبسي أثناء أحداث العنف التي شهدها اجتماع الحمّامات في الشهر الماضي.

المصادفة المقصودة

ما تبقّى من القائمة، كان لمجموعة من النوّاب والشخصيات التي اختارت الاصطفاف مع حافظ قايد السبسي، والتي أصرّ الرئيس على تغليبها في القائمة في حركة تبدو استباقية لحسم الصراع لفائدة إبنه.

رضا شرف الدين: وُلد رضا شرف الدين في مدينة أكودة من ولاية سوسة في الثاني من جويليّة 1952، وقد تحصّل النائب الحالي عن نداء تونس على شهادةالدكتوراه في الصيدلة في مدينة بوردو الفرنسيّة  ليعود إلى تونس ويباشر مهنته بمدينة سوسة بالتوازي مع التدريس بكلية الصيدلة بالمنستير. تحوّل هذا الأخير خلال ربع قرن من صيدليّ إلى أهمّ مستثمر في مجال صناعات الأدويّة، عبر شركته UNIMED التي ارتبطت بناشطات مع شركة الماطري للأدوية. وسّع استثماراته عقب الثورة عبر عديد الشركات الأخرى في مجال العقارات والصناعة و الإعلام. تولّى رئاسة النجم الرياضي الساحلي منذ شهر ماي 2012 وخاض انتخابات مجلس النواب عن نداء تونس في سوسة، ليحوز على مقعد وعضويّة في لجنة شؤون التونسيّين في الخارج ولجنة الصحّة والشؤون الاجتماعيّة. تعرّض  لمحاولة اغتيال في الثامن من أكتوبر الماضي  بعد أن أطلق عليه مجهولون أكثر من ثلاثين رصاصة.

عزيزة حتيرة: عضوة اللجنة المركزيّة لحزب التجمّع الدستوري الديمقراطي منذ مؤتمر 2008 والرئيسة السابقة للاتحاد الوطني للمرأة بين سنوات 2004 و2010، كانت نائبة في برلمان بن علي عن حزب التجمّع، لم تطل الغياب عن الساحة السياسيّة بعد الثورة لتعود عبر حزب نداء تونس كعضو في المكتب التنفيذي . وقع تعيينها في 12 أفريل 2015 كرئيسة مديرة عامة لمركز النهوض بالصادرات خلفاً لعبد اللطيف الهمام.

وقد أصدرت منظّمة “أنا يقظ” في شهر أوت الفارط بيانا ندّدت فيه بتجاوزات عزيزة حتيرة التي وقّعت بصفتها كرئيسة لجمعيّة “نساء من أجل مطاعم مدرسيّة” اتفاقيّة مع وزارة التربية ممثّلة في الوزير ناجي جلّول تهدف إلى تمكين الجمعية من تمويل مشاريع لبناء مطاعم مدرسية عن طريق رجال أعمال يساندون الجمعية والمنظمة العالمية للأغذية. وقد أشارت “أنا يقظ” الى أن وضعية السيدة عزيزة حتيرة غير قانونية بإعتبار الفصل 9 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 والذي ينص أنه “لا يمكن أن يكون مؤسسو ومسيرو الجمعيّات ممن يضطلعون بمسؤوليات ضمن الهياكل المركزيّة المسيرة للأحزاب السياسيّة”. وتكمن الخطورة في انتماء الطرفين إلى حزب واحد مما يعزّز احتمالية المحسوبيّة والفساد.

العروسي الميزوري: ولد العروسي الميزوري في 06 ماي 1950 في مدينة قربة من ولاية نابل. تحصل على شهادة البحوث المعمقة في التاريخ الحديث والمعاصر والمناهج الإسلامية من جامعة السوربون في أكتوبر 1982 ثم على دكتوراه في نوفمبر 1986.وفي جويلية 1995 تحصل العروسي الميزوري على دكتوراه دولة من جامعة الزيتونة بتونس. درّس في بداية حياته المهنية بالتعليم الثانوي والعالي ، وكان قد نُصّب مديرا للمعهد العالي لأصول الدين سنة 2005 حتّى 2011. تم تعيينه عقب الثورة وزيرا للشؤون الدينيّة في حكومتي محمد الغنوشي وباجي قايد السبسي من 17 جانفي 2011 حتّى 24 ديسمبر 2011. ليُعاد تعيينه في جانفي 2015 في نفس المنصب مع حكومة الحبيب الصيد. تم عزله بسرعة من المنصب إثر احتجاج شريك النداء في الحكم،  حركة النهضة. يشغل حاليا منصب رئيس منتدى حركة نداء تونس لحوار الحضارات والأديان والثقافات. العروسي الميزوري ارتبط اسمه قبل الثورة ببيان 2006 الذّي وقّعه بصفته عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى ومديرا للمعهد العالي لأصول الدين والذّي استنكر الانتقادات الموجهة ضد نظام بن علي بخصوص التضييق على الحريات الدينيّة والذّي اعتبر الحجاب لباسا طائفيّا وشرّع لمنعه في المؤسسات العموميّة.

عبد الناصر شويخ: قبل أن يعود إلى الحياة السياسيّة نائبا عن نداء تونس في مجلس نوّاب الشعب عن دائرة تونس 1 عقب الانتخابات التشريعيّة، شغل عبد الناصر شويخ عضويّة اللجنة المركزيّة لحزب التجمّع الدستوري الديمقراطي المنحلّ في مؤتمر سنة 2008. وقد تحصّل النائب شويخ على عضويّة اللجنة الانتخابيّة في مجلس النوّاب إضافة إلى لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة.

حسان العمري: نائب عن حركة نداء تونس في مجلس النواب عن دائرة أريانة. ولد في معتمدية الروحية من ولاية سليانة في 12 جويلية 1977، مؤهّله العلمي يتمثّل في شهادة تقني سامي في الإعلاميّة. لم يعرف عنه أي نشاط سياسي واضح قبل 2011، عدى نشاطه في الكشّافة التونسيّة واللجنة الثقافيّة المحليّة بالمنيهلة. اسس حسن العماري فوج الكشافة بالمنيهلة سنة 1995، واضطلع بخطة نائب رئيس الكشافة التونسية واللجنة الثقافية المحلية بالمنيهلة لمدة 3 سنوات، اضافة الى اضطلاعه بخطة كاتب عام محلي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات بالمنيهلة، وهي منظّمات كانت تخضع لإشراف حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي. بعد الثورة التحق بحزب نداء تونس سنة 2012 كعضو في المجلس الوطني ثم ترشّح في الانتخابات التشريعيّة عن حركة نداء تونس ممثّلا للدائرة الانتخابية بأريانة. صلب مجلس النوّاب يشغل حسان العمري عضوية لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام وعضويّة لجنة التشريع العام.

محمد بن صوف: نائب حركة نداء تونس عن دائرة إيطاليا. من مواليد 1975، وأصيل ولاية قبّلي. عضو في لجنة الأمن والدفاع ولجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح. كان قد رفع رفقة عدد من النواب شكوى ضدّ المدوّن والناشط عزيز عمامي  ورئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين على خلفيّة تصريحات عزيز عمامي حول مشروع قانون المصالحة الإقاصادية و المالية.

أحمد الحباسي:  التحق بنداء تونس خلال الفترة الإنتخابية لسنة 2014 ضمن مجموعة من الأسماء التي ارتبطت بنظام بن على. كان شغل منصب قنصل تونس ببن غازي، فالجزائر قبل أن يُعيّن كسفير لتونس في فلسطين. ظلّ بعيدا عن الأنظار وعن التجاذبات السياسيّة التي عصفت بحزب نداء تونس مؤخّرا.

هدى تقية: من مواليد 1963، سيّدة أعمال نالت المقعد النيابي على إثر خوضها الانتخابات التشريعيّة ضمن قائمة حزب نداء تونس في دائرة منّوبة. وهي عضو لجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام ولجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة. كانت من ضمن الموقّعين على عريضة النواب الداعمين لحافظ قايد السبسي والتي تم توجيهها لرئيس الحزب للمطالبة بعدم عقد اجتماع التنفيذي قبل اجتماع الهيئة التأسيسية.

سماح دمق: من مواليد سنة 1973. كانت النائبة عن حركة نداء تونس في دائرة صفاقس 1 من الأعضاء المؤسّسين للحزب. وتتولّى حاليا عضويّة لجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام والعدالة الانتقالية وعضويّة لجنة الشباب والشّؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي. متحصّلة على الأستاذيّة في الفنون الجميلة وتدير مؤسّستها الخاصّة للإشهار Grafity منذ 1998. اصطفّت إلى جانب حافظ قايد السبسي خلال صراعه مع جناح محسن مرزوق رافضة موقف النوّاب المستقيلين.

لجنة “الإنقاذ” التي اقترحها الرئيس الباجي قايد السبسي تبدو في قراءة أولى منحازة لطرف دون آخر باعتبار ولاءات الأسماء لطرفي النزاع. فمن بين 13 عضوا في هذه اللجنة لم يحظ محسن مرزوق إلا على  ثلاث من الداعمين له، ممّا قد يؤثّر على ابسط مبادئ التوافق وهي المناصفة أو الحياد.

تركيبة لجنة “الإنقاذ” تعكس أيضا مدى تغلغل التجمعيّين في إدارة الشأن الحزبيّ لنداء تونس، و تعكس  مستوى الثقة التي يمنحها أياهم رئيس الدولة للإضطلاع بمهمة إنقاذ حزب شكّل تأسيسه أوّل ضربة للمسار الانتقاليّ.