باردو في 13 نوفمبر 2014


إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء،

● بعد وقوفه على التصريحات المتعاقبة لعدد من الشخصيات السياسية والمعبرة عن توجهها نحو حل هيئة الحقيقة والكرامة باعتبارها “تؤسس لمنطق الانتقام والتشفي وتصفية الحسابات”.

● وبعد اطلاعه على البلاغ الصحفي الصادر من السيدة نورة البورصالي بتاريخ 10 نوفمبر 2014 والمتضمن استقالتها من عضوية هيئة الحقيقة والكرامة قبل أيام قليلة من بدء نشاطها.

● وإذ يشير الى ان استقالة السيدة نورة البورصالي هي الاستقالة الثالثة من عضوية هيئة الحقيقة والكرامة بعد استقالة السيد خميس الشماري في 17 جوان 2014 والسيد عزوز الشوالي في 18 سبتمبر 2014.

● وإذ يذكر بمواقفه السابقة بشأن الاخلالات المرتبطة باختيار اعضاء هيئة الحقيقة والكرامة فضلا عن غياب الشفافية وتجاوز القانون وانتقاص الضمانات وضعف الرقابة القضائية:

أولا: يؤكد على ضمانات العدالة الانتقالية وما تستهدفه من معالجة لماضي الانتهاكات وكشف حقيقتها وردّ الاعتبار للضحايا بما يحقق المصالحة الوطنية و يساهم في إرساء نظام ديمقراطي.

ثانيا: يبرز دور المجتمع المدني والسياسي في دعم مسار العدالة الانتقالية ومراقبة الياته وهياكله ومن بينها أساسا هيئة الحقيقة والكرامة وذلك تحقيقا لأهدافها وتطويرا لأدائها وتفاديا لانحرافها.

ثالثا: يشدّد على أهمية الممارسة الديمقراطية صلب هيئة الحقيقة والكرامة بما يضمن حرية كل عضو في التعبير عن ارائه إزاء الهيئة وانتقاد أدائها بالطرق المناسبة واتخاذ المواقف بصفة مستقلة بعيدا عن كل تأثير أو ضغط.

رابعا: يلاحظ ان استقالة السيدة نورة البورصالي في سياق تجاذب سياسي على إثر الانتخابات الاخيرة مع بروز أزمة داخلية لهيئة الحقيقة والكرامة وتزامن ذلك مع تصريحات معادية لها صدرت عن شخصيات حزبية مؤثرة من شأنه أن يغذي الشكوك المشروعة حول الدوافع غير المعلنة والأغراض الحقيقية للاستقالة. كما يلاحظ اضافة لذلك ان التمسك بمبررات عامة وعناوين واسعة للاستقالة من قبيل “تصحيح المسار” و “اعادة النظر في قانون العدالة الانتقالية” والأخذ “بمعايير الكفاءة والاستقلالية السياسية” يؤدي الى التغطية على الاسباب الخاصة الداعية لذلك .

خامسا: يعتبران التجاء اعضاء الهيئة الى الاستقالة وتخليهم دون تبريرعن المسؤولية العامة التي ترشحوا لها من شأنه أن يؤدي الى افراغ الهيئة وتهديد وجودها وتعطيل مهامها قبل شروعها فعليا في اداء عملها والمساس تبعا لذلك بمسار العدالة الانتقالية والحقوق المكفولة بمقتضى القانون.

سادسا: يعبر عن خشيته من أن تؤدي تلك الممارسات الى الالتفاف على مسار العدالة الانتقالية والإفلات من العقاب خصوصا بعد عودة رموز النظام الاستبدادي إلى الواجهة السياسية والإعلامية وقصور القضاء عن محاسبة المسؤولين بالنظام السابق عن انتهاكات حقوق الانسان.

سابعا: يعبر عن تخوفه من زيادة الضغوطات السياسية على الهيئة واستغلال التحفظات الشخصية على بعض الاعضاء والأصوات الداعية الى طي صفحة الماضي دون محاسبة بقصد مراجعة القانون المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها والتخلي عن الصلاحيات الاساسية لتلك الهيئة.

ثامنا: يؤكد على ضرورة الالتزام بأحكام القانون والتعامل مع الهيئة وفقا للآليات الديمقراطية وما يقتضيه الدستور الجديد من حماية مسار العدالة الانتقالية والتزام الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها وفي المدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها (الفصل 148).

تاسعا: يدعو مختلف القوى السياسية والمدنية إلى التصدي لمحاولات ضرب هيئة الحقيقة والكرامة والسعي الى إسنادها استنقاذا لمسار العدالة الانتقالية وتعزيزا للوحدة الوطنية وتحقيقا للسلم الاجتماعية وبناء دولة القانون.

عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء
الرئيس
أحمد الرحموني