المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

suicide

هم أكثر الناس إحتفاء بالحياة، لذلك هم الأقرب من الموت والأقرب إلى الجنون والإنتحار، مبدعون ومشاهير كثيرون من فنانين وممثلين وشعراء، روائين وفلاسفة وضعوا حدا لما يسمونه لعبة الحياة المجنونة.

فبغض النظر عن تحاليل الأطباء والنفسيين لظاهرة الانتحار عامة وارتباطها بالمبدعين خاصة الذين غالبا ما يعنانون من حساسية مفرطة تجاه العالم وما تمتاز به شخصياتهم من تعقيدات زائدة عن اللزوم تصل حتى العدمية في أحيان كثيرة، فإن هذه الظاهرة التى ارتبطت بحياة المبدعين والمشاهير تبقى ظاهرة مثيرة تدعونا للتعرف على اهم الأسماء التى اختارت أن تتوقف عن المشي في ماراطون الحياة القاسية.

فان غوغ :1853-1890

vangogh …الاسود والابيض يلونان الحياة بالرمادي. للرمادي احتمالات لا تنتهي: رمادي أحمر، رمادي أزرق، رمادي أخضر. التبغ يحترق والحياة تنسرب. للرماد طعم مر بالعادة نألفه، ثم ندمنه، كالحياة تماما. كلّما تقدم العمر بنا غدونا أكثر تعلقا بها……. لأجل ذلك أغادرها في أوج اشتعالي.. ولكن لماذا؟! إنه الإخفاق مرة أخرى. لن ينتهي البؤس أبداً……وداعا يا ثيو سأغادر نحو الربيع.
فان غوغ

جاءت هذه الكلمات في إحدي رسائل فان غوغ الرسام الهولندي الشهير لأخيه” ثيو” قبل انتحاره، في هذه الرسالة تحدث فان غوغ عن عبثية الحياة وعن الموت المخلص الوحيد،لقد قطع فان غوغ أذنه وأرسلها الى المرأة التى أحبها قائلا :

أرسلتها إلى المرأة التى لم تعرف قيمتي وظننت اني أحبها..لا بأس فلتجتمع الزوائد مع بعضها..إليك أذني أيتها المرأة الثرثارة ،تحدثي إليها….


فينسنت ويليم فان غوخ  صنف كأحد فناني الانطباعية. تتضمن رسومه بعضاً من أكثر القطع شهرة وشعبية وأغلاها سعراً في العالم. عانى من نوبات متكررة من المرض العقلي .كان من أشهر فناني التصوير التشكيلي. في آخر خمس سنوات من عمره رسم ما يفوق 800 لوحة زيتية.

بعد معاناة نفسية وسلوك مضطرب ومعقد أخذ فان غوغ مسدسا وأطلق النار على صدره. تاركا شهرة كبيرة وجملة شهيرة “إن الحزن يدوم إلى الأبد”.

أرنست هيمنغواي:1899-1961

 Hemingwayكاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتاب القصة القصيرة.. غلبت عليه النظرة السوداوية للعالم في البداية، إلا أنه عاد ليجدد أفكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الإنسان في رواياته، غالبا ما تصور أعماله هذه القوة وهي تتحدى القوى الطبيعية الأخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والانطوائية. شارك في الحرب العالمية الاولى والثانية. حيث خدم على سفينه حربيه أمريكيه كانت مهمتها إغراق الغواصات الألمانية، وحصل في كل منهما على أوسمة حيث أثرت الحرب في كتابات هيمنجواى وروايته.

تحصل هيمنغواي عل جائزة بوليتزر الامريكية في الصحافة عام وجائزة نوبل في الادب 1954، ولكن بعدها بسبع سنوات أطلق همنغواي النار في فمه ليفجر دماغه.

خليل حاوي: 1919-1989

khalil-hawiدرس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة حين مرض والده فاضطر إلى احتراف مهنة البناء ورصف الطرق، وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.
علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة ثم الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج منها بتفوق مكنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد بعدها إلى لبنان ليعمل أستاذا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته.

منذ بداياته بدا شعر خليل حاوي وكأنه قد أدخل رعشة جديدة على الشعرالعربي.
فقد ابتعد حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة في شعره واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.

كانت الرموز قوام شعره ، وهي رموز حسية ونفسية وأسطورية وثقافية. كما عرف شعره الرموز المشهدية التي ضمت في قلبها رموزًا متعددة ومتوالدة. ومع دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت لم يتحمل الشاعر خليل حاوي ما رآه فأطلق النار على راسه في منزله في شارع الحمرا في بيروت.

داليدا أو يولاندا كريستينا جيجليوتي :1933-1987

dalidaمغنية إيطالية مصرية ولدت في شبرا لأبوين من المهاجرين وتعود أصولهما إلى جزيرة كالابريا في جنوب إيطاليا بدأت حياتها بالمشاركة في مسابقة ملكة جمال مصر وفوزها بها سنة 1953 بدأت حياتها الفنية في فرنسا وغنت بتسع لغات: العربية والإيطالية والعبرية والفرنسية واليونانية واليابانية والإنجليزية والإسبانية والألمانية.

لدى داليدا أكثر من 500 أغنية بلغات متعددة والحاصلة على الألقاب والأوسمة الكثيرة وكرمها الجنرال الفرنسي ديجول بإعطائها لقب (The Medaille de la Presidence de la Republique) أو ميدالية رئاسة الجمهورية بسبب أدائها الرائع وصوتها المميز… وأقيم لها تمثال بحجمها الطبيعي على قبرها في العام 2001. ما زال الكثيرون يرددون أغانيها الجميلة بشغف. احتلت لوائح أفضل عشر أغنيات حول العالم.

توفيت دليدا  منتحرة بجرعة زائدة من الأقراص المهدئة، بعد أن تركت رسالة تحمل الكلمات التالية “سامحوني الحياة لم تعد تحتمل”.

روبن ويليامز:1951-2014

ممثل وكوميدي أمريكي،بدأ مشواره المهني ككوميدي مسرحي في سان فرانسيسكو و لوس أنجلوس بدأت شهرته بعد المسلسلRobin_Williams (Mork & Mindy (1978–82 حصل على جائزة الأيمي مرتين وجائزة الغولدين جلوب أربع مرات وجائزة غرامي خمس مرات.

يرجع الفضل في شهرة روبن ويليامز إلى السينما التي تطغى على معظم أعماله الفنية، وكان أول دور سينمائي له في فيلم (Popeye) عام (1980) ومن ثم قام بدور البطولة في عدد من الأفلام التي لم تلاق نجاحا كبيرا إلى أن أدى دور المراسل الحربي في فيلم (Good Morning Vietman) والذي ترشح عنه لجائزة الأوسكار عام (1988) كأفضل ممثل رئيسي، واستمرت بعد ذلك نجاحاته في أفلام (Dead Poets Society) عام (1989) و(The Fisher King) عام (1991) وقد ترشح عنهما أيضا لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل رئيسي ولكن لم يحالفه الحظ، إلى أن أدى دور الطبيب النفسي في فيلم Good will Huntingعام (1997) وفاز عنه بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل ثانوي، كما فاز بجائزة الغولدن غلوب  عن فيلم (Mrs. doubtfire) عام (1993)، وقدم فيلم جومانجي عام 1995، قام روبن ويليامز أيضا بأداء الأصوات لعدد من الأفلام الكرتونية التي لاقت نجاحا كبيرا مثل Aladdin)و(Robots) وآخرها (Happy Feet).
عانى روبن من الإكتئاب ومن الإدمان على الكحول والمخدرات لفتره طويلة من عمله كممثل، في 2014 وجد ميتا في منزله بولاية كاليفورنيا منتحرا خنقا، بعد الوفاة أعلنت زوجته أن روبن كان يعاني من مرحلة متقدمه من داء باركنسو.

لانستطيع هنا ان نأتي على كل المشاهير الذين اختاروا الانتحار كخلاص وحيد ،حيث ان عددهم كبير ولا يحصى ،وحيث تميزت حياتهم بالإختلاف والتعقيد اللذان كانا من اهم الاسباب التي دفتعهم الى ذلك الطريق .ولكن تبقى هذه الظاهرةالمرتبطة خاصة بالمبدعين والمشاهير في العالم بين تحاليل أطباء نفسيين يدعون ويعددون الحالات المرضية التى تصيب المبدعين وبين الغموض الذي يلف عدة حوادث لانشك لحظة في ان أصحابها يعانون من أمراض نفسية اوعصابية ليتحول الإنتحار إلى خيار يري فيه صاحبه خلاصه في ظل غياب المعنى.