abdelfatteh_ben_hamouda-poesie-rose

بقلم محمد العربي،

abdelfatteh_ben_hamouda-poesieصدر مؤخرا عن دار زينب للنشر كتاب في التأملات الشعرية للشاعر والإعلامي عبد الفتاح بن حمّودة. كتاب في حجم متوسط بعنوان «حركات الوردة».

فبعد «الصباحات» (1996) و«آنية الزهر» (الجزائر 1998) و«الملكة التي تحبّها العصافير» (2002) و«أجراس الوردة» 2002 و«عندما أنظر في المرآة لا أفكر» (2003) و «الفراشات ليلا »2003 و «نزولا عند رغبة المطر» (2012) جاء كتاب «حركات الوردة» 2014 تأملات شعرية أو هي سيرة الشاعر ورحلته المضنية في الأمكنة والأزمنة وعلاقته بالتفاصيل والعناصر المكونة للشعر وللحياة. سيرة الوردة بكل دلالاتها ومعانيها. بكل الجمال والإثم الذي تحمله.

بعيدا عن النقد قريبا من الشعر، بحثا عن مقاربة إبداعية لهذا العمل الإبداعي الذي أراه ينفلت من التجنيس ويهدم الحدود الفاصلة بين أنهار الكتابة ويخرّب استراتيجيات القراءة على حدّ تعبير الشاعر ميلاد فايزة.

إنها تاملات مليئة بالإثم، وردة الخطيئة بكل حركاتها اللامتناهية، إنها خطيئة الكتابة والقراءة متّحدتين.

عمل يذكرنا بتأملات كتّاب عالميين، يذكرنا بسيرة نيكوس كازنتزاكيس وشذرات إميل سيوران ورسائل رمبو ونثر أدونيس وشارل بودلير وجنون نيتشه.

إذ يقول الشاعر في نص «إشراقات الوردة» صفحة 43 «ذهب بالنور إلى أقصاه، أتلف الظلمة على آخرها. هذا هو العمل الوحيد الذي يجعله مغتبطا».

هكذا يتحول الشاعر إلى سيزيف، لكنه لا يدفع الصخرة إلى أعلى الجبل، بل يدفعها في اتجاهات عديدة. هو المأخوذ بالبرق والريح، بالشمس والبحار والغابات، يتتبّع حركات الوردة ويحرسها بعينيْ صقر وبقلب شجرة.

تأملات عبد الفتاح بن حمودة تعيدنا إلى الينابيع حيث بداية كل شيء. بداية العالم وبداية الشعر.

كنت شاعرا بسيطا أسقط في حفر الضوء الصغيرة حالما أراها. مرّت جبال لم أكن أعلم هل أجرت دمي أم دماء السفن. ثمّ عاد الحطام الأخير إلى ساحلي. كان الشاعر بين جبلين، جبل كتابة النص وجبل كتابة الحياة. كان بين نصّين مفتوحين. فامتلئي بعيدا بالشمس يا صور البحر ويا ذكرياتِه الخلفيّةَ. وجدت جبلا لحياتي وآخرَ لصراخ الأعشاب. الألفاظ كانت ميّتة في الأصل أما الشمس فقد ضاعت في قيعان البحر. هناك تحديدا انكسر كل شيء…. الكتابة بالأمتعة(1) صفحة 12.

– تأملات عشرين عاما من القراءة والكتابة: في قراءة للناقدة والمترجمة الفلسطينة ريم غنايم حول كتاب «حركات الوردة» تقول «إنها كتابة لذات الشاعر بين الإثبات والنفي». هكذا جاءت النصوص في هذا الكتاب انتصارا للشاعر ولرحلته الشقية في العالم وإعادة تسمية للأشياء. 43 نصا أو حركة هي خطوات الشاعر نحو وردته، وقد تكون الحركات غير متناهية لأن كل نص يفتح لنا آفاقا أخرى ودلالات متعددة.

– دفاعا عن الشعر: من «الوردة المجروحة بالإثم» وصولا إلى «وردة في العاصمة» تلك حكاية الوردة من 1993 إلى 2013، فالبذرة في الشاعر منذ عشرين عاما يكتبها بالأمتعة وبالأطفال وبالنساء والأمكنة، بالأصدقاء والأعداء، بالوجود والعدم، بالليل والصباحات الندية، الصباحات الهشة كروحه، يكتبها بالعصافير والأشجار، بالجبال والبحار.

كلّ ذلك دفاعا عن الوردة ودفاعا عن الشعر الذي هو حياة الشاعر وموته.

كتاب «حركات الوردة» يحتاج إلى أكثر من قراءة وأكثر من مرجع فكأن الشاعر – على حدّ عبارة الناقدة ريم غنايم «الذئب الذي أكل كل شيء»، إذ تحضر في الكتاب مرجعيات مختلفة وتجربة كبيرة في القراءة أدبا وفلسفة. وهي تأملات تنمّ عن وعي بالكتابة الشعرية ودفاع عنها، إنه دفاع الشاعر عن الروح، عن الوردة في عالم صار يحكمه الحديد، وتحوطه المعادن من كل الجهات!