المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

arabe-arabic-2

بقلم أحمد الرحموني، رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء،

لم اتردد -رغم ان الامر ربما يبدو هامشيا بالنسبة للبعض – في ان اتدخل صبيحة يوم 16 ماي 2014 في اجتماع موسع بالمقر غير الرئيسي لوزارة العدل و حقوق الانسان و العدالة الانتقالية الكائن بباردو خصص لما يسمى “لجنة القيادة حول اصلاح القضاء بتونس “وكان جزء من تدخلي يهدف الى التذكير باحد الحقوق التي تم اقرارها – بعد جدل وتجاذب – في الفصل 39 من الدستور وهو حق التونسيين في ان يطلبوا من الدولة “ترسيخ اللغة العربية و دعمها و تعميم استخدامها “.وحقيقة لم اكن لاتدخل في هذه المسالة بالذات لو انني لم اسمع – وسط دهشتي الكبيرة -وزير العدل السيد حافظ بن صالح وهو يفتتح الاجتماع ويلقي على مسامعنا دون حرج خطابا مكتوبا باللغة الفرنسية في موضوع الاجتماع رغم ان الحاضرين في اغلبيتهم اما قضاة او مساعدو قضاء اوموظفون بالوزارة من الناطقين بالعربية باسثناء عدد قليل من الاجانب لايتجاوزون حسبما اقدره اصابع اليد الواحدة .كما اتضح لي – بعد خطاب الوزير- ان الحديث باللغة الاجنبية كان مبنيا على اتفاق حتى ان السيد وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب بصفته ايضا نائب رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي القى خطابه باللغة الفرنسية وكذلك الامر بالنسبة لخبيرين بالبرنامج الانمائي للامم المتحدة احدهما تونسي و الاخر موريطاني حيث تولى كل منهما تقديم عرض بنفس اللغة بل ان المدير العام للمعهد الاعلى للقضاء اصركذلك على التدخل باللغة الفرنسية . ورغم تواصل الاجتماع على نفس الوتيرة الا ان المدهش اكثر هو ان السيد الرئيس الاول لمحكمة التعقيب بصفته رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلى – وقد تحدث بالعربية – قد استسمح الحضور(وهكذا قالها) في الحديث باللغة الوطنية وقد ختم خطابه بالقول ” نريد قضاء made in tunisia”.

ومهما كانت الدوافع او الضرورات التي الجات السلطات العمومية ممثلة في وزارة العدل الى تعميم استخدام لغة اجنية في وزارة سيادية فاني لا ارى اي عذر في عدم احترام ما يقتضيه النص الدستوري على الاقل بالنسبة لممثلي السلطة التنفيذية او القضائية كما لا ارى اي تبرير في اعطاء لغة اجنبية مهما كانت وضعا متميزا على اللغة العربية سواء لاعتبارات عملية او علائقية او تاريخية او حتى ديبلوماسية .كما الاحظ بعد ثلاثة اشهر من المصادقة على الحكومة الجديدة ان اعضاءها – وارجو ان اكون مخطئا – يعطون الانطباع بعدم ايلاء هذا الموضوع اي اهتمام بل ان عددا منهم يتحدثون دون حرج باللغة الفرنسية في الاجتماعات الرسمية و غير الرسمية من ذلك ان رئيس الحكومة – الذي لا يتحدث لغة عربية صافية – قد اجاب عن اسئلة الصحفيين في الندوة الاخيرة باللغة “الفرنكوعربية “وكذلك الامر بالنسبة لغيره من المسؤولين والفاعلين في الادارة العمومية.

وفي ضوء ذلك ارى ان الوقت قد حان لتحميل الدولة و الناطقين باسمها مسؤولية حماية اللغة الوطنية و اعطاء المثل في احترامها وان نسعى دون ابطاء الي اقرار الاليات الضرورية لترسيخ اللغة العربية و دعمها و تعميم استخدامها طبق ما يقتضيه الدستور ووضع القوانين و الجزاءات الضامنة لذلك و العمل عل مقاومة مظاهر الاستهانة و التجاهل و عدم الاعتبار في الممارسات العامة و الفردية تجاه اللغة العربية.

فلا يمكن ان ينكر احد ان اللغة العربية قد تعرضت منذ بداية الاستقلال وتوحيد التعليم الى حرب غير معلنة و لا زالت الى الان تعرف نفس المصير- سواء بالطعن في قيمتها او بالتشكيك في قدرتها – في غياب كامل لوعي جماعي بخطورة القضية .فمتى يبدا العمل من اجل استرداد لغتنا – كمقوم اساسي للمواطنة – ومتي نكف عن ملاحقة اللغة العربية في ديارها ومتى نعزم امرنا لصد المؤمرات ضد اللغة الوطنية وحماية وجودها ومقاومة التلوث اللغوي الذي بدا يهددنا !!!؟