هيئة-الحقيقة-الكرامة

بقلم احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء،

اليوم 28 أفريل 2014 ينتهي أجل الاعتراض على قائمة المترشحين لعضوية هيئة الحقيقة و الكرامة التي أوكل لها القانون تطبيق آليات العدالة الانتقالية لأول مرة في تاريخ البلاد ولا شك أن الرهانات المرتبطة بهذه الهيئة تقتضي إحاطة تكوينها وإرساء هياكلها بالضمانات اللازمة التي من شأنها تحقيق شروط الاستقلالية و الحياد و النزاهة لأعضائها بمختلف تخصصاتهم. أجل الاعتراض على قائمة المترشحين لعضوية هيئة الحقيقة و الكرامة التي أوكل لها القانون تطبيق آليات العدالة الانتقالية لأول مرة في تاريخ البلاد ولا شك أن الرهانات المرتبطة بهذه الهيئة تقتضي إحاطة تكوينها وإرساء هياكلها بالضمانات اللازمة التي من شأنها تحقيق شروط الاستقلالية و الحياد و النزاهة لأعضائها بمختلف تخصصاتهم.

ولذلك وجب التساؤل في هذه المرحلة الحاسمة من مراحل تكوينها هل تحققت فعلا الضمانات الكافية لتوفير تلك الشروط أم أن الإجراءات المتخذة إلى حد الآن قد قصرت في ضمان تلك المعايير الضرورية لإضفاء المصداقية على تلك الهيئة الوليدة؟

وجوابا على ذلك يبدو أن عوامل كثيرة قد تظافرت لكي تساهم على عكس المتوقع في انتقاص الضمانات المتعلقة بتلك الهيئة.

فمن جانب اول يتضح أن عدم انفتاح لجنة الفرز المكلفة بقبول الترشحات قد مكن المعنيين وخصوصا بعض مكونات المجتمع المدني من انتقاد أعمالها التي حادت حسب رايهم عن مقتضيات الشفافية سواء في ضبط قائمة المترشحين أو نشرها أو البت في توفر الشروط القانونية لدى بعض المترشحين دون الحديث عن الاختيار الأصلي للمشرع في أن يتولى المجلس الوطني التأسيسي دون غيره تعيين أعضاء اللجنة وإضفاء صبغة سياسية على هيئة حقوقية بامتياز اما من جانب ثان فقد سبق للمشرع أن حرص دون تبرير مقنع على تحصين قرارات لجنة فرز الترشحات ضد أي شكل من أشكال الطعن وذلك بالتنصيص في القانون الأساسي المنظم للعدالة الانتقالية بأن قرارات اللجنة بخصوص الاعتراضات تكون نهائية و باتة و لا تقبل المراجعة أو الطعن بأي وجه من الوجوه و لو بدعوى تجاوز السلطة (الفصل 25)
ومن الواضح أن إخراج تلك القرارات من دائرة الرقابة القضائية يفتح الباب واسعا لاختيارات تحكمية تتناقص مع موجبات الحياد.

اما من جانب اخير فنشير إلى أن المحكمة الإدارية في قرار صدر يوم الثلاثاء الفارط 22 أفريل 2014 عن الرئيس الأول في مادة توقيف التنفيذ قد رفضت طعنا موجها ضد القرار الصادر عن لجنة الفرز المذكورة المتعلق بفتح باب الترشحات واعتبرت أن ما تمسك به المدعون بخصوص عدد من الاخلالات المرتبطة بنشر قائمة المترشحين أو المساس بمبدأ الشفافية و الحياد لا يعد من الماخذ الموجهة إلى القرار المطعون فيه وليس من شأن ذلك النيل من شرعيته و هو ما يعتبر تحولا ملحوظا في موقف المحكمة الإدارية وتخليا عن قضائها السابق سواء على مستوى توقيف التنفيذ أو على مستوى اختصاص الجلسة العامة القضائية الذي مكن من إرساء رقابة حقيقية على هيئات شبيهة كالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وفي ضوء ذلك يتبين أن اضعاف جملة الضمانات المتعلقة بهيئة الحقيقة و الكرامة سواء كانت قانونية او اجرائية أو قضائية سيؤدي لا محالة إلى التأثير على أدائها ونفوذها وهو ما يتنافى مع جوهر العدالة الانتقالية والهدف من إرسائها!؟