المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة
باردو في 13 مارس

2014ان المرصد التونسي لاستقلال القضاء:

– اذ يعتبر ان مهنة المستشار الجبائي تكتسي أهمية بالغة في حياة الأفراد والمؤسّسات داخل البلدان المتطوّرة باعتبار أنها تعد أحد الضمانات الأساسية التي يجب أن تتوفر للمطالب بالضريبة في دولة القانون والمؤسسات. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم تنظيم مهنة المستشار الجبائي بصفة محكمة داخل ألمانيا أين يسمح للمستشار الجبائي بالمرافعة في الجنايات الجبائية وأمام المحكمة الفدرالية للمالية الباتّة تعقيبيا في القضايا الجبائية وكذلك أمام محكمة العدل الاروبية فضلا عن الاختبارات والاستشارات التي تقوم بها الغرفة الفدرالية لفائدة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية الألمانية. وما التوصيات والترتيبات والشروط المتعلقة بمباشرة المهنة التي وضعتها الكونفدرالية الأوربية للجباية الممثلة لأكثر من 180 الف مستشارا جبائيا ينتمون لما يقارب 24 بلدا أروبيا إلا خير دليل على ذلك.

– واذ يؤكد على دور المستشار الجبائي ووعي المشرّع التونسي بأهمية هذا الدور في وقت مبكر ويظهر ذلك في مبادرته مباشرة بعد كتابة الدستور بتنظيم المهنة وذلك بإصدار القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين على الرغم من أنّ النظام الجبائي كان بدائيا آنذاك. هذا القانون الذي مرّت عليه اكثر من 50 سنة لم يواكب التطورات التي شهدها النظام الجبائي، إذ أن الشروط التي فرضها فجر الاستقلال على الرّاغبين في الانخراط في المهنة لا تضمن الشروط المادية لمباشرتها والتّخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني واحترام أخلاقيات المهنة والتأديب وجدول الممارسين والتكوين المستمر بالنّظر للتّغيرات المستمرة للمادة الجبائية والهيكل الذي سيشرف على المهنة ويحمي مستهلكي خدماتها وغير ذلك من الشروط البديهية التي يجب أن تتوفر في مهنة حرة لا تختلف في جوهرها عن مهنة المحامي تتطلب مباشرتها إلماما معمّقا بالقانون العام والقانون الجبائي وقانون الأعمال والقانون المحاسبي واقتصاد المؤسسة والتصرف المالي والإعلامية واللّغات الحية وغير ذلك من المواد الماسة بالجباية وهذا لا يتسنّى إلا لحاملي شهادة الماجستير في الجباية حسب نظام “إمد” الجديد للشهائد اذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار بالمعايير الأوربية.

– واذ ينبه الى ان سياسة الجوار الأوربية التي انخرطت فيها بلادنا منذ سنة 2005 تلزمنا بملاءمة تشريعنا مع التوصيات الأوربية وهو ما دعا المستشارين الجبائيين منذ أكثر من 15 سنة إلى التأكيد على ملاءمة القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين مع القواعد المهنية المتفق عليها داخل الكونفدرالية الاوربية للمستشارين الجبائيين وكذلك التوصية الاوربية المصادق عليها بتاريخ 12 ديسمبر 2006 المتعلقة بالخدمات الا ان تلك الدعوة لم تلق أي رد إلى حد الآن لأسباب مجهولة في الوقت الذي اتخذت فيه عديد القرارات لتأهيل قطاع الخدمات وآخرها التي نجم عنها اعادة صياغة الأمر المحدث للمجلس الوطني للخدمات.

فان المرصد التونسي لاستقلال القضاء يعرض في هذا التقرير بقصد تطوير مهنة المستشار الجبائي تنظيما وممارسة الصعوبات الاساسية التي تواجهها تلك المهنة في الوقت الراهن:

أولا- الصعوبات المرتبطة بقانون المهنة:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) عدم تكريس الاختصاص صلب الفصل 3 من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين على الرغم من إحداث شهادتي أستاذية وماجستير في الجباية بالمعهد العالي للمالية والجباية بسوسة وتخرج اكثر من 3000 فرد من حاملي هاتين الشهادتين. فأغلب الشهائد المنصوص عليها بقانون 1960 لا علاقة لها بالاختصاص الجبائي (إجازة في المالية أو التصرف) مثلما يتضح ذلك من خلال القرارات الوزارية الضابطة لمحتوى تلك الشهادات.

2) عدم تنصيص قانون 1960 على ضرورة إجراء تربص مما سمح للمتخرجين الجدد من فاقدي الأهلية المهنية والعلمية من غير القادرين على تعمير تصريح جبائي بمباشرة المهنة وقد كانت لذلك انعكاسات سلبية على صورة المهنة وزاد في تهميشها وهو ما يسعى له منتحلو الصفة من السماسرة بمساعدة المتواطئين معهم داخل الادارة. فهل يعقل أن يسمح لحامل شهادة لا تضمن التخصص أن يباشر مهنة، لا تختلف في جوهرها عن مهنة المحامي وتتطلب كفاءة عالية، وذلك مباشرة بعد تخرجه من الجامعة ليفشل ويصاب بالإحباط مثلما نلاحظه اليوم خاصة في ظل إطلاق العنان للسماسرة والمتلبسين بالالقاب.

3) عدم تنصيص قانون 1960 على مسك جدول في المباشرين للمهنة يتم نشره سنويا ووضعه على ذمة العموم مثلما هو الشأن بالنسبة للمحامين والمحاسبين والعدول المنفذين ومكاتب الوساطة في التعليم العالي وغير ذلك من المهن حيث أن القائمة الممسوكة من قبل الإدارة تتضمن أشخاصا متوفين وآخرين ينتمون لمهن أخرى ممنوعة من مباشرة المهنة كممتهني المحاسبة وأجراء بالقطاع الخاص والعام وغير ذلك من الأشخاص الذين لا نجد لهم أثرا. هذا وقد رفضت إلى حد الآن مطالب المستشارين الجبائيين المتعلقة بتحيين القائمة الممسوكة من قبل الإدارة وبوضعها على ذمة العموم في شكل مذكرة عامة لا غير للحد من تدخل السماسرة والمتلبسين بالالقاب. فوزارة المالية تتكفل سنويا على نفقتها بنشر قائمة الخبراء المحاسبين. كما أن وزارة التعليم العالي تتكفل سنويا على نفقتها بنشر قائمة مكاتب الوساطة في التعليم العالي.

4) عدم تنصيص قانون 1960 على ضرورة حمل بطاقة مهنية مثلما هو الشأن بالنسبة للمحامين والخبراء العدليين والعدول المنفذين وغير ذلك من المهن حيث اصبح بإمكان منتحلي الصفة والسماسرة أن يقدموا انفسهم كمستشارين جبائيين لدى العموم وأمام الإدارة وحتى المحاكم دون أن تثير الإدارة مقتضيات الفصل 9 من قانون المهنة أو الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية وما الاحكام القضائية الصادرة بأسماء بعض المتلبسين بالالقاب إلا خير دليل على ذلك.

5) عدم تنصيص قانون 1960 على سن قصوى لمن يرغب في مباشرة المهنة مثلما هو الشأن بالنسبة للعدول المنفذين وعدول الخزينة التابعين لوزارة المالية وغير ذلك من المهن حتى لا يزاحم المتقاعدون حاملي الشهادات العليا. ويقترح في هذا الصدد تحديد السن القصوى لمباشرة المهنة ب50 سنة.

6) عدم تنصيص قانون 1960 على آلية مراقبة وتأديب بخصوص الأشخاص الذين يخالفون شروط مباشرة المهنة وذلك كعدم توفير مكتب لمباشرة المهنة وعدم وضع آلية لمراقبة الجودة وحماية مستهلكي الخدمات الجبائية مثلما هو الشأن بالنسبة للمهن المحاسبية التي تشرف عليها وزارة المالية.

7) مخالفة كراس الشروط المتعلق بالمهنة للأمر عدد 982 لسنة 1993 المتعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها حيث تولت الادارة صياغة كراس الشروط بصفة انفرادية دون الاخذ براي اصحاب المهنة ودون اعتبار ادنى الشروط المتعارف عليها لمباشرة مهنة حرة حساسة تتطلب كفاءة عالية، زيادة على عدم التنصيص على الاجراءات الواجب اتخاذها تجاه الأشخاص الذين يخالفون شروط مباشرة المهنة وكذلك الإدارة المكلفة بمتابعة المهنة.

8) عدم تحيين قانون 1960 المتعلق بالمهنة وذلك في اتجاه حذف المراجع القانونية المنسوخة بمقتضى قوانين صدرت بعد 14 ديسمبر 1960 مثلما اشار الى ذلك مجلس المنافسة بتقريريه الصادرين سنتي 2004 و2005، ويتعلق الامر على سبيل المثال بالفصل 3 الذي يحيل إلى القانون عدد 12 لسنة 1959 الصادر في ضبط القانون الأساسي العام لموظفي الدولة المنسوخ بمقتضى القانون عدد 12 لسنة 1968 و المنسوخ بدوره بمقتضى القانون عدد 112 لسنة 1983 وكذلك الفصل 9 من قانون المهنة الذي يحيل إلى الفصل 115 من مجلة المرافعات الجزائية الذي نسخ وعوض بالفصل 206 من مجلة الإجراءات الجزائية الصادرة سنة 1968.

9) عدم تلاؤم العقوبة المنصوص عليها بالفصل 8 من القانون عدد 34 لسنة 1960 مع العقوبة المنصوص عليها بالفصل 84 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة على الرغم من ان القيام بمهام المستشار الجبائي على وجه غير قانوني يعد انتحالا لصفة المحامي على معنى الفصل 291 من المجلة الجزائية.

10) عدم احداث وضعية لا تلاؤم بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في مباشرة المهنة والذين لهم أزواج او اصول او فروع داخل ادارة الجباية، علما ان تلك الوضعية كانت لها انعكاسات خطيرة جدا على مصالح الخزينة العامة والمستشارين الجبائيين خاصة ان احكام الفصل 5 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المتعلق بالوظيفة العمومية بقيت غير مفعلة بهذا الخصوص.

ثانيا- الصعوبات المرتبطة بتنظيم المهنة:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) عدم تنصيص الأمر عدد 556 لسنة 1991 المتعلق بتنظيم وزارة المالية على الإدارة المكلفة بمتابعة المهنة مثلما هو الشأن بالنسبة لممتهني المحاسبة المشار اليهم ضمن الفقرة 2 من الفصل 16 من نفس الأمر. ويلاحظ واقعا أن كل الإدارات الملحقة بوزارة المالية ترى أنها غير معنية بمهنة المستشارين الجبائيين عندما يتعلق الأمر بارتكاب تجاوزات في حقها وبتأهيلها في حين نجدها حاضرة كلما تعلق الأمر بالوقوف في وجه تأهيلها على غرار ما تم انجازه لفائدتها منذ أكثر من 50 سنة داخل أوروبا وما تم لفائدة المهن المجاورة بتونس كمهنة المحاماة والعدول المنفذين والأطباء والمهندسين المعماريين والمحاسبين. كما أن منشورات وزارة العدل لا تصنف المستشارين الجبائيين ضمن مساعدي القضاء على الرغم من ان الفصل 18 من الأمر عدد 3152 لسنة 2010 المتعلق بتنظيم وزارة العدل صنف المستشارين الجبائيين من ضمن مساعدي القضاء.

2) رفض كتابة المجلس الوطني للجباية تضمين مشاغل المهنة ضمن جدول أعماله وذلك في خرق صارخ للفصل 4 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية.

3) تمكين أشخاص من غير الحاملين للشهادات العلمية المشار اليها بالفصل 3 من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين من مباشرة المهنة رغم لفت نظر ادارة الجباية بهذا الخصوص في عديد المناسبات.

4) منح الاف المعرفات الجبائية من قبل الادارة العامة للأداءات لمنتحلي الصفة والسماسرة تنص على نشاط الاستشارات الجبائية في خرق لقانون 1960 والفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات مثلما يتضح ذلك جليا من خلال الإعلانات القانونية بالرائد الرسمي. ويلاحظ ان هذه الوضعية لم تتغير رغم رفع عشرات العرائض لكي تكف الادارة عن تلك الاعمال المحجرة قانونا.

5) تمكين الشركات المنتحلة لصفة مستشار جبائي من الترسيم بالسجل التجاري في خرق للفصل 3 من القانون عدد 44 لسنة 1995 المتعلق بالسجل التجاري والذي يفرض التأكد من أهلية الطالب للترسيم بخصوص شروط مباشرة النشاط الذي يعتزم القيام به والحال أن إدارة السجل التجاري تكتفي ببطاقة التعريف الجبائي الممنوحة ايضا في خرق للقانون.

ثالثا- الصعوبات المرتبطة بالدخلاء على المهنة:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) تمكين غير المؤهلين قانونا من تكوين “شركة مستشارين جبائيين” بطريقة مخالفة للفصل 4 من قانون المهنة الذي ينص على انه ” تمنح الموافقة على مباشرة مهنة مستشار جبائي بصفة شخصية و إذا كان الأمر يتعلق بشركة فإن تلك الموافقة يجب التحصيل عليها للشركة ولكل شخص له الصفة لتمثيلها”. ويتضح ان هذه الصياغة يشوبها نوع من الغموض بخصوص عبارة “للشركة” وكان من المفروض أن تؤول تلك الاحكام بالنظر لطبيعة المهنة وان يكون كل الشركاء من بين المستشارين الجبائيين طالما أن الأمر يتعلق بشركة مهنية مثلما هو الشأن بالنسبة للمحاسبين والمحامين و غيرهم. وخلافا لذلك، اتجهت إدارة الجباية الى اعتبار أنه يكفي توفر الشروط في الممثل القانوني لتكوين شركة “مستشارين جبائيين”، الشيء الذي مكن عددا من السماسرة وفاقدي الأهلية من بعث شركة “مستشارين جبائيين” بالتخفي وراء ممثل قانوني عادة ما يكون صوريا. ومن المشروع ان نتساءل هل يعقل أن يتم بعث شركة ” مستشارين جبائيين ” من قبل ممثل قانوني مستشار جبائي قد يكون أجيرا وليس شريكا وقد يتم فصله عن العمل بعد أن قام بدوره مثلما فعل احد ممتهني المحاسبة الذي استأجر احد الأشخاص الحاملين لشهادة أستاذية في القانون لتكوين شركة “مستشارين جبائيين” تمكن من خلالها من انتحال صفة المستشار الجبائي والمحامي.

2) عدم تفعيل مقتضيات الفصل 9 من قانون 1960 التي منحت وزير المالية إمكانية رفع دعاوى ضد منتحلي صفة المستشار الجبائي وذلك بطريق الإحالة رأسا أمام المحاكم الجزائية على معنى الفصل 206 من مجلة الإجراءات الجزائية وكذلك مقتضيات الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية التي ألزمت الموظفين العموميين بإخبار وكيل الجمهورية بما اتصل بعلمهم من الجرائم أثناء مباشرة وظائفهم وان ينهوا اليه جميع الارشادات والمحاضر والاوراق المتعلقة بها مثل جريمة انتحال صفة المستشار الجبائي. ويشار الى ان منتحلي صفة المستشار الجبائي يترددون يوميا وبانتظام على مراكز ومكاتب مراقبة الأداءات خلافا لقانون 1960 ولأحكام الفصل 15 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية المتعلق بالحفاظ على السر الجبائي دون تفعيل أي إجراء ضدهم.

3) منح معرفات جبائية لتونسيين وأجانب بناء على تصاريح بالاستثمار مخالفة للواقع يتم إيداعها لدى وكالة النهوض بالصناعة يعترفون من خلالها أنهم يباشرون على وجه غير قانوني مهنة المحامي والمستشار الجبائي ومهنا اخرى منظمة خلافا لمقتضيات الفصل 2 من مجلة التشجيع على الاستثمارات. ويشار الى ان التنصيصات المضمنة بالتصاريح بالاستثمار عادة ما ترد مطلقة من قبيل “استشارات ودراسات ومساعدة ومرافقة المؤسسات وخدمات ادارية وتدقيق اداري وقانوني واجتماعي” دون توضيح مجال التدخل. وقد مكن ذلك مكاتب المحاماة والمحاسبة الاجنبية من الانتصاب بتونس وانتحال صفة المحامي والمستشار الجبائي والمحاسب دون ان تحرك الادارة ساكنا.

4) رفض الإدارة تفعيل مقتضيات الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية وذلك ضد الأشخاص المحجر عليهم مباشرة مهنة المستشار الجبائي طيلة 5 سنوات من تاريخ انقطاعهم عن الوظيفة العمومية خلافا لما نص عليه المنشور عدد 45 لسنة 1998 الصادر عن الوزارة الأولى وقد ترتبت عن ذلك أضرار جسيمة بالمستشارين الجبائيين والمحامين الشبان وحاملي الشهادات العليا في الجباية بالنظر للمزاحمة غير الشرعية التي يقوم بها هؤلاء على حساب العاطلين عن العمل وكذلك بالخزينة العامة. وعلى الرغم من العرائض المرفوعة ضد هؤلاء لدى وزارة المالية الا انها لم تحرك ساكنا بل ان ذلك جلب المتاعب للمتظلمين والمتضررين.

5) عدم تفعيل المقتضيات التأديبية المنصوص عليها بالقانون عدد 16 لسنة 2002 المتعلق بتنظيم مهنة المحاسب وكذلك القانون عدد 108 لسنة 1988 المتعلق بتنظيم مهنة الخبير المحاسب ضد بعض ممتهني المحاسبة المنتحلين لصفة المستشار الجبائي والذين يقومون بالإشهار الكاذب في خرق للقانون المتعلق بمهنتهم الذي يحجر عليهم القيام بالإشهار الفردي والاستظهار بغير الشهادات والصفات المعترف بها من قبل الدولة، علما ان وزارة المالية التي هي وزارة إشراف ممثلة داخل دائرة التأديب على علم بكل العرائض المرفوعة ضد هؤلاء دون أن تفعّل الفصل 9 من قانون المهنة أو الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية.

رابعا- الصعوبات المرتبطة بالمنافسة غير الشريفة:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) سن قوانين تحد من مجال تدخل المستشار الجبائي مثلما هو الشأن بالنسبة لمكاتب الإحاطة والارشاد الجبائي المحدثة بمقتضى الفصول من 50 الى 56 من قانون المالية لسنة 2001 قصد تهميش المهنة والتي اندثرت بعد ان أهدرت عليها أموال عمومية طائلة لتقوم بنفس مهام المستشار الجبائي والمحامي وكذلك لمراكز التصرف المندمجة التي سعى لأحداثها البعض من ممتهني المحاسبة، في اطار لجنة البرنامج الجبائي المستقبلي “لبن علي” صلب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وذلك للتوسيع في مهامهم لتشمل مهام المستشار الجبائي والمحامي.

2) سن احكام تمييزية من شانها منافسة المستشار الجبائي والمحامي، لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الاجنبية وبالأخص التشريع الفرنسي، كاشتراط الانتفاع بامتياز او طرح عبء بالمصادقة على حسابات المؤسسة من قبل مراقب حسابات. هاته الاحكام غير الدستورية كرست حالة من التمييز بين المؤسسات ومنافسة غير شريفة للمهن القانونية والجبائية مثلما هو الشان بالنسبة للفصل 15 من مجلة الاداء على القيمة المضافة والفصل 49 عاشرا من مجلة الضريبة على الشركات والفصل 18 من قانون المالية لسنة 2012 وغيرها من الاحكام التي كان من المفروض حذفها في اطار قانون المالية لسنة 2012.

خامسا- الصعوبات المرتبطة بالتقاضي لدى المحاكم:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) مواجهة المستشار الجبائي لصعوبات كبيرة عند القيام بمهامه أمام الدوائر الجبائية، خاصة بعد صدور القانون عدد 11 لسنة 2006 الذي تم تمريره أنذاك من قبل بشير التكاري بصفة مخالفة للفصلين 5 و7 من الدستور والفصل 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصل 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي الزم المتقاضين بانابة محام اذا تجاوز مبلغ النزاع 25 الف دينارا، علما ان الفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 يسمح للمستشار الجبائي بالدفاع على مصالح المطالبين بالضريبة امام الدوائر الجبائية ينص على “إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية”. كما ان الفصل 10 من نفس القانون نص على ما يلي :”ان احكام هذا القانون لا تنطبق على الاشخاص الذين يباشرون مهنة محام ويقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي”. ويلاحظ بالرجوع للقانون المقارن ان المستشار الجبائي مؤهل للمرافعة في القضايا الجبائية داخل عدد من البلدان الاروبية كألمانيا وايطاليا والنمسا وروسيا ورومانيا وهولندا وسلوفاكيا واسبانيا وسويسرا وبريطانيا واليونان وفنلندا وتشيكيا والكامرون والبلدان العضوة باتحاد وسط افريقيا الاقتصادي.

2) تعطيل المستشار الجبائي عند القيام بمهامه امام المحاكم وذلك من خلال مطالبته بالاستظهار بتوكيل امام الدوائر الجبائية والحال ان الفصل 1118 من مجلة الالتزامات والعقود يعفيه من ذلك مثلما هو الشأن بالنسبة للمحامي وكذلك بكتابة المحكمة بحكم عدم الإلمام بقانون مهنته وحرمانه من القيام بمهامه بالنسبة لنزاعات الاستخلاص في المادة الجبائية ونزاعات أخرى متعلقة بالمادة الجبائية كالنزاعات الديوانية المتعلقة باستخلاص الأداءات والمعاليم، علما ان المحكمة الادارية اهلته للقيام بذلك من خلال رايها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012.

3) اصرار وزارة العدل على موقفها المضمن بالمنشور عدد 2007/2/670 بتاريخ 31 ماي 2007 الصادرعن المتفقد العام والذي أوصى من خلاله القضاة بعدم قبول المستشارين الجبائيين في القضايا التي تفوق 25 ألف دينارا عندما لاحظ ان بعض المحاكم قبلت بنيابة المستشارين الجبائيين باعتبار ان قانون مهنتهم الذي هو نص خاص لم يتم إدخال تحويرات عليه بمقتضى القانون عدد 11 لسنة 2006. ويلاحظ ان ذاك المنشور، الذي اعتبر معدوما من قبل المحكمة الادارية، مخالف للاعمال التحضيرية للقانون عدد 11 لسنة 2006 ولفقه قضاء المحكمة الادارية الذي قبل بنيابة المستشار الجبائي في القضايا التي يتجاوز فيها مبلغ النزاع 25 الف دينار شريطة حضور محام وهذا من شانه اثقال كاهل المتقاضي. والملفت للنظر ان ذلك المنشور نص على انه بإمكان المستشار الجبائي أن يساعد المطالب بالضريبة والمحامي في القضايا التي يفوق فيها النزاع 25 ألف دينارا.

4) الابقاء على لجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري التي تعتبر هيئة شبه قضائية خارج اطار المنظومة القضائية. علما ان تلك اللجنة قد خلفت اللجنة الاستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالضريبة وقد سبق لها ان شطبت الديون الجبائية منذ سنة 1998 دون مراعاة الفصل 25 من مجلة المحاسبة العمومية، مع الاشارة الى ان البعض من اعضائها ينتمون للجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي صلب التجمع المنحل.

5) عدم ادخال تحويرات على الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تنص على امكانية ان يستعين المطالب بالضريبة بمستشار من اختياره، عوض التنصيص على ضرورة ان يكون من بين الاشخاص المؤهلين قانونا، لتسمح بذلك للسماسرة ومنتحلي الصفة بالتدخل في الملفات الجبائية في مخالفة واضحة للقوانين المهنية علما ان المقترحات المقدمة لوزير المالية من قبل بعض المحامين والمستشارين الجبائيين بهذا الخصوص تم تجاهلها.

6) تعيين خبراء عدليين في المادة الجبائية من بين الاشخاص الممنوعين من مباشرة مهام المستشار الجبائي وذلك بصفة مخالفة لأحكام الفصل 4 من القانون عدد 61 لسنة 1993 المتعلق بالخبراء العدليين الذي يفرض ان يكون الخبير العدلي قد مارس مهنة او نشاطا في الاختصاص المطلوب الترسيم فيه مدة لا تقل عن خمس سنوات بالنسبة لحامل شهادة علمية وعشر سنوات بالنسبة لمن عداه. ويلاحظ بالرجوع للقانون المقارن ان المستشار الجبائي مؤهل للقيام بمهام الاختبار العدلي بعدد من البلدان كالمانيا والنمسا وروسيا ورومانيا وهولندا وسلوفاكيا واسبانيا وسويسرا وبريطانيا واليونان وفنلندا وتشيكيا وبلجيكا والكامرون والبلدان العضوة باتحاد وسط افريقيا الاقتصادي.

سادسا- الصعوبات المرتبطة بالتكوين والتأهيل:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) تهميش الاختصاص الجبائي داخل الجامعة من خلال تمكين البعض من فاقدي الاهلية العلمية والبيداغوجية من التدريس وعدم تطوير البرامج الجامعية وغياب البحث العلمي في المادة الجبائية وقد كانت لذلك انعكاسات خطيرة على القضاء والنظام الجبائيين وحقوق المطالبين بالضريبة.

2) عدم تشريك المستشارين الجبائيين في اعمال المجلس الوطني للخدمات وفي المفاوضات المتعلقة بتحرير قطاع الخدمات سواء في اطار الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات داخل المنظمة العالمية للتجارة او اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاروبي، علما ان تونس تبقى ملزمة بالعمل، في اطار سياسة الجوار الاوربية، على ملاءمة تشريعها المهني مع التوصية الاوربية المتعلقة بقطاع الخدمات المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 وهذه المهمة كان من المفروض القيام بها صلب المجلس الوطني للخدمات المكلف بتاهيل قطاع الخدمات.

سابعا – الصعوبات المرتبطة بتعطيل مشروع قانون المهنة:

وتتعلق أساسا بما يلي:

1) تعطيل عرض مشروع القانون، الذي أعدته وزارة المالية منذ سنة 1994، على مجلس النواب بخصوص تأهيل المهنة وإعادة هيكلتها بافتعال المغالطات كتداخل المهنة مع مهن اخرى على سبيل المثال. ويذكر في هذا الصدد انه سبق استدعاء الهياكل الممثلة للمهنة خلال شهر جوان 2002 بحضور من يمثل وزارة العدل وحقوق الإنسان لمناقشة مشروع قانون أعدته وزارة المالية خلال ست اجتماعات بمقر الادارة العامة للمساهمات.

2) عدم انجاز عديد الوعود التي اطلقها توفيق بكار وزير المالية الاسبق اثناء مناقشة ميزانية الدولة والمتعلقة بتأهيل المهنة مثلما يتضح ذلك من خلال مداولات مجلس النواب المؤرخة في 10 ديسمبر 2001 التي تضمنت على لسان الوزير ما يلي : “قدمنا كذلك مشروع إعادة النظر في قانون المحاسب على أن يتم في مرحلة قادمة إعادة النظر في مهنة المستشار الجبائي، ونحن ليس لنا شيء ضدّ المستشار الجبائي ونعتقد أنها مهنة هامة لا بدّ من تعهدها بالإصلاح وفي الحقيقة نحن تقدمنا لمصالح الوزارة بإعادة النظر في القانون لكن أعطينا الأولوية لمهنة المحاسب لأنها في الوقت الحاضر لا يؤطرها أي قانون، أعطينا الأولوية لقطاع غير مقنن في الوقت الحاضر والبقية تأتي وإن شاء الله في بحر الأشهر القادمة نقدم إلى هذا المجلس الموقر قانون إصلاح للمستشار الجبائي”. كما وعد الوزير بذلك في مناسبة أخرى طبق ما ورد بمداولات مجلس النواب المؤرخة في 17 ديسمبر 2003 التي تضمنت على لسان الوزير ما يلي : “تأهيل مهنة المستشار الجبائي، بكل عجالة أقول أن لنا مشروع قانون جاهز سنحيله على هذا المجلس الموقر في بحر الأيام القليلة القادمة”.

3) تعطيل الأمر الصادر عن وزير المالية في الحكومة الانتقالية السيد جلول عياد بخصوص اعداد مشروع القانون الذي أعاد المستشارون الجبائيون تقديمه خلال شهر مارس 2011 والمتعلق بإعادة هيكلة المهنة وتخليصها من التهميش علما ان نفس المشروع أعدته وزارة المالية خلال سنة 2002 وان المطالب الداعية إلى تأهيل المهنة ترجع إلى سنة 1986. وقد تم اعداد مشروع المرسوم بطريقة تسمح بتهميش الاختصاص الجبائي من خلال التنصيص على شهادة ماجستير “ذات علاقة بالجباية” عوض شهادة ماجستير في الجباية وتكريس عمل المتقاعدين.

4) تعطيل مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة المودع من قبل عدد من النواب خلال شهر جويلية 2012 بالمجلس التأسيسي صلب لجنة المالية ولجنة التشريع العام. كما ان رئاسة الحكومة لم تصادق الى حد الان على مشروع القانون المعروض عليها من قبل وزارة المالية دون مبرر رغم الاهمية التي تكتسيها مسالة تنظيم مهنة المستشارين الجبائيين والاثار الايجابية لاعادة تنظيم المهنة وهيكلتها على خزينة الدولة وحقوق المطالبين بالضريبة وعملية الاصلاح الجبائي.

المقررون : اعضاء لجنة المستشارين الجبائيين بالمرصد
عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء
الرئيس أحمد الرحموني