corruption-ensignement-superieur-tunisie-ben-mansour

في الفترة التي يمثل فيها إصلاح التعليم بكل مراحله تحديا كان من الضروري أن تتكاتف جميع مكونات المجتمع من مسؤولين وإداريين ومواطنين لرفعه، تتواصل الممارسات القديمة في إدارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكأنّ ثورة من أجل المساواة والشفافية لم تقم. ورغم المجهود الذي قامت به التفقدية العامة بالوزارة المذكورة لكشف مواطن الخلل والفساد وسوء التصرف في الموارد والمعدات إلا أن النتيجة كانت عكسية : تعتيم إعلامي على ما تم كشفه، تمتيع أحد المسؤولين عن الفساد بترقية وفي المقابل معاقبة المتفقد العام وبعض مساعديه.

استنادا إلى التقرير النهائي للتفقدية العامة بوزارة التعليم العالي الصادر في مارس 2013 وعدد من الوثائق الأخرى وبعض ما جاء في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ، أعدت ” نواة” هذا الملف الذي سيكشف بداية مواطن الفساد المالي بالوزارة وسوء التصرف نقطة بنقطة كما جاء في التقرير ثم سيقدم تفاعل الوزارة السلبي مع ما جاء في هذا التقرير والقرارات غير المفهومة التي اتخذت إثر نشره.

1.فساد مالي ، صفقات مشبوهة، إهمال إداري وخسائر مالية فادحة

عدّد التقرير النهائي حول تقييم المنظومة المعلوماتية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأخطاء التي تم اقترافها من طرف مسؤولين إداريين وماليين و تتمثل في الاتي:

خسائر مالية وتأخر في التنفيذ في صفقة تصميم وتطوير وانجاز وتركيز بوابة الخدمات الجامعية

أسندت وزارة التعليم العالي إثر قيامها بطلب عروض وطني في الغرض، صفقة تطوير وإنجاز وتركيز بوابة الخدمات الجامعية لفائدة دواوين الخدمات الجامعية” إلى شركة ” ميديانات ” بقيمة جملية تقدر ب 115.952.100 دينارا. وقد تجاوزت شركة ” ميديانات ” مدة التنفيذ المحددة ب 4 أشهر ابتداء من 10 نوفمبر 2006 تاريخ إشعار المزود بإسناده الصفقة وذلك دون أن يتم توظيف خطايا التأخير. كما تبين أيضا من خلال الوثائق التي تحصلت عليها التفقدية عدم تقيد المصالح المختصة بالوزارة بشروط خاصة، إذ تم خلاص مستحقات المزود شركة ” ميديانات” والمقدرة ب 94.026.612 دينارا أي ما يعادل 80 بالمائة من المبلغ الجملي للصفقة دون الاستناد في ذلك إلى الوثائق المؤيدة لمختلف مراحل إنجاز البوابة خاصة وأن عملية تركيز بوابة الخدمات الجامعية لم تشهد تقدما في الإنجاز رغم مرور أكثر من ست سنوات على إسناد الصفقة.

تدليس معدات وتضمين مؤسسات وهمية في صفقة صيانة معدات السلامة المعلوماتية للشبكة الوطنية للبحث

أبرمت وزارة التعليم العالي مع شركة “ليدس انجنيرنق ” صفقة بتاريخ 23 مارس 2009 من أجل صيانة معدات السلامة المعلوماتية للشبكة الوطنية للبحث وذلك بقيمة جملية سنوية تقدر ب 163.396.123 دينارا. إلا أن الادارة لم تتول إبرام ملحق تعديلي لمبلغ الصفقة بالتخفيض على إثر إلحاق خمس مؤسسات بحثية خلال سنة 2008 إلى وزارة الفلاحة من جملة 13 مؤسسة منصوص عليها بالفصل الخامس من كراس الشروط المنجزة سنة 2007. ( تم إدراج المعهد الوطني للبحث العلمي والتقني ضمن مؤسسات التدخل بكراس الشروط المنجزة سنة 2007 في حين أن هذه المؤسسة تم حذفها منذ 2005).

هذا ولم يحترم المزود مقتضيات الفصل الثاني من كراس الشروط بقيامه بتغيير موضوع الصفقة دون الرجوع إلى اللجنة الوزارية للصفقات إذ قام المزود ” ليدس انجنيرنق ” باستبدال معدات خاصة بأنظمة الجدران النارية المدرجة بالقسط الاول من الصفقة المذكورة بنوعية أخرى أقل جودة وأقل سعرا بتعلة توقف تسويق هذا النوع من المعدات وعدم توفر برامج التحيين. ولكن بالرجوع إلى الموقع الرسمي للشركة المصنعة لهذا النوع من المعدات تبين تواصل تسويق المعدات المذكورة بالصفقة والتي تفوق قيمتها المالية 5 مرات ثمن النوع الذي تم استعماله.
وأظهرت الأبحاث أيضا عدم احترام الإدارة للفصل السادس من كراس الشروط إذ تم خلاص المزود في كامل مستحقاته دون التثبت من قيامه بالتدخلات الميدانية وقد أثبتت مراسلة المؤسسات المعنية بالصفقة ان المزود لم يقم ببعض التدخلات وفي أحيان أخرى قام بها عن بعد خلافا لما نص عليه الفصل الخامس والفصل الاول من كراس الشروط.

ولوحظ أيضا أن الإدارة العامة للمصالح المشتركة لم تعتمد على تقارير سداسية مفصلة عند خلاص المزود ، حيث تبين أن التقارير المصادق عليها من رئيس مصلحة الإقتناءات والاستغلال والصيانة رضا الميموني، لا تتضمن طبيعة التدخلات والخدمات المسداة طبقا للمنهجية المعتمدة بتقرير السداسي الأول. كما تبين أيضا وجود تضارب في البيانات بين بطاقات التدخل التي تحصل عليها فريق الرقابة من المؤسسات المعنية بالصفقة والتقارير المعتمدة في خلاص المزوّد.

معدات ذات تكلفة عالية ” مهملة” بسبب فشل “منظومة سليمة”

تولت الوزارة تعيين فريق عمل لإعداد تطبيقة إعلامية لنظام أمد خلال سنة 2006 وخلاصه بينما النصوص القانونية المنظمة لهذا النظام الدراسي لم تصدر إلا خلال سنة 2008. ثم قامت الوزارة بإحداث لجنة وطنية ثانية تولت تعيين فريق عمل جديد قام بإنجاز برمجية ” سليمة” بأغلب المؤسسات الجماعية ليتبين فيما بعد أن 48.24 بالمائة من هذه المؤسسات لا تستعمل منظومة سليمة في حين تستعملها 7 بالمائة من المؤسسات بصفة جزئية. وقد قامت التفقدية العامة بالوزارة بمراسلة كافة المؤسسات الجامعية ودواوين الخدمات المعنية بالصفقة للتثبت من مدى استغلال معدات برمجية ” سليمة” ليتبين أن 48 بالمائة من المؤسسات لا تستعمل هذه المعدات التي بقيت مهملة وان 52 بالمائة منها تستعملها لأغراض اخرى ليست لها علاقة بتخزين المنظومة.

موقع واب الوزارة غير منجز رغم صرف مستحقات المزود دون شروط منذ سنوات

كلفت الوزارة شركة ” ميديانات” بمهمة تصميم وإنجاز موقع واب للوزارة بقيمة جملية تقدر ب 38.640.000 دينارا بدون أي التزام من إدارة الإعلامية بالفصل 11 من كراس الشروط الذي ينص على ضرورة إمضاء محضر للاستلام الوقتي ومحضر اخر للاستلام النهائي. هذا إضافة إلى عدم احترام الادارة العامة للمصالح المشتركة لقاعدة العمل المنجز فأخلت بشروط الخلاص حيث تم صرف كامل مستحقات المزود ( شركة ميديانات ) في ظل غياب الاستغلال الفعلي لموقع واب الوزارة إلى حد الان رغم أن مدة الانجاز حددت ب 14 اسبوعا بداية من ديسمبر 2009.

كراء حقوق استغلال برمجيات انظمة التشغيل من شركة ” ميكروسوفت” بتكلفة أعلى من تكلفة ملكية البرمجيات

تعاقدت الوزارة عبر مركز الخوارزمي للحساب الالي مع الشركة الممثلة لمؤسسة ميكروسوفت بتونس من أجل كراء حقوق استغلال برمجيات أنظمة تشغيل لمدة 3 سنوات بقيمة جملية تقدر ب 1.312.605.000 دولارا. ثم تم التمديد في عقد الكراء لمدة سنة بمبلغ 931 الف دينار. وصيغة الكراء المعتمدة لا تمكن الوزارة إلا من امتلاك حقوق استغلال البرمجيات المعنية خلال فترة التعاقد مما جعلها مجبرة على تجديد عقد الكراء اثر انتهاء اجال التعاقد بتكاليف اضافية.
وقد تم على امتداد أربع سنوات متتالية تحميل ميزانية الوزارة نفقات كراء حقوق استغلال البرمجيات المعينة المقدرة ب 3.063.407.373 دينارا دون امتلاكها في حين أن هذا المبلغ يفوق إجمالا قيمة اقتناء تراخيص ملكية هذه البرمجيات.

منظومة التصرف في المكتبات الجامعية ” مشروع بيروني”، كلفة مرتفعة لمشروع غير منجز

تولت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خلال الفترة الممتدة من سنة 1999 إلى سنة 2010 في إطار مشروع ” بيروني ” المتعلق بإرساء منظومة التصرف في المكتبات الجامعية إنجاز جملة من الصفقات والاستشارات لاقتناء معدات اعلامية ودورات تكوينية في الغرض. وقد تجاوزت الكلفة الجملية لهذه النفقات المنجزة والممولة في معظمها بقرض من البنك الدولي 4.000.000.000 دينارا في حين أن هذا المشروع لم يتم بعد استكمال انجازه في جميع المؤسسات الجامعيى غلى غاية هذا التاريخ.

إخلالات في منظومة التسجيل الجامعي عن بعد وغياب الصيانة رغم كلفتها السنوية العالية

تولت الوزارة سنة 2004 اقتناء منظومة التسجيل الجامعي عن بعد بواسطة من المزود ” بروقراس انجنيرنق” بمبلغ جملي قدره 165.770.000 دينارا. وقد تم اقتناء هذه المنظومة وخلاص مزودها دون أن تنجز في شأنها إجراءات القبول النهائي إلى حد هذا التاريخ. وقد أفرز بحث التفقدية العامة إلى وجود إخلالات على مستوى التصرف في هذه المنظومة. كما تبين أن الادارة الاعلامية انذاك وتحت اشراف السيد المنصف القفصي المدير المقال لم تحرص على تأمين السلامة المعلوماتية لموقع التسجيل الجامعي عن بعد وذلك بترك المجال مفتوحا للطالب بتغيير بضع البيانات الرئيسية المتعلقة بمساره الجامعي وبخلاص معاليم التسجيل في أكثر من مؤسسة جامعية دون أن تكون هذه العملية محددة زمنيا.

كما تم خلال سنة 2007 ابرام عقد صيانة وتعهد لهذه المنظومة مع نفس الشركة بمبلغ سنوي يساوي 16.577.000 دينارا لمدة أربع سنوات ورغم ذلك لم يتم إلى حد هذا اليوم القيام بالصيانة الضرورية لتجاوز الاخلالات.

تجهيزات إعلامية غير مطابقة للمواصفات في مركز الشبكة الاعلامية لوزارة التعليم العالي

رصد فريق التفقد عدم مطابقة ” قاعة العروسي التواتي ” التي تمثل مركز الشبكة الإعلامية بمقر الوزارة بمبنى أولاد حفوز للمواصفات والمعايير الدولية المعمول بها في مجال الإعلامية. حيث تحتوي هذه القاعة على مجموعة من الموزعات والتجهيزات الإعلامية منها ما هو معطب ومنها ما هو مستعمل رغم عدم مواكبته للحاجيات الأساسية من حيث التطورات التكنولوجية. كما تبين ان هذا الفضاء غير مجهز بمنبه للحرائق ولا ينفرد بشبكة كهربائية ولا بعدد كاف من المسطحات للتأمين المتواصل للكهرباء عدا أن أحد المسطحين الذين تمت معاينتهما غير صالح للاستعمال.

وبخصوص مغازة المعدات بمقر الوزارة فقد تبين أن المشرف على تسييرها السيد خالد الخذري وذلك منذ سنة 2008 لا يكتسب الخبرة اللازمة في هذا المجال. إذ يعتمد الشخص المذكور على بطاقات مخزون دون سواها لتسجيل ومتابعة حركة المعدات الاعلامية الاستهلاكية مع غياب دفاتر الجرد الرسمية المعدة للغرض.

وقد اظهر التفقد انعدام الجرد الشامل والدقيق لكافة التجهيزات الاعلامية المتواجدة بالوزارة وذلك غلى غاية شهر ماي 2012. هذا إضافة إلى ان مغازة المعدات الاعلامية بالوزارة غير ملائمة لتجميع وحفظ هذه المعدات وذلك من حيث التهوئة والاتساع. هذا ولم تتول الادارة حوسبة التصرف في مخزون مغازة المعدات الاعلامية رغم أن المركز قد تولى خلال سنة 2008 تركيز منظومة التصرف المختصة بمغازة المعدات لفترة وجيزة قبل أن يقوم بسحبها.

2.تفاعل غريب مع ملفات الفساد بتقرير التفقدية العامة

كان من المنتظر أن يتم التعامل بصرامة مع المسؤولين على كل هذه الإخلالات والتي كلفت خزينة الدولة مبالغ ضخمة عدا عن المشاريع المعطلة وغير المنجزة إلا أن ما حصل هو ترقية احد المسؤولين وغض الطرف عن البقية.

ترقية المسؤول الإداري ” الطيب بن منصور” بدل مقاضاته

في مراسلة إلى مندوب الحكومة لدى دائرة الزجر المالي بتاريخ 06 ماي 2013 ، رفع وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنصف بن سلمى استنادا إلى تقرير التفقد وملحقاته ، دعوى في أخطاء التصرف ضد كل من مدير المصالح المشتركة ” الطيب بن منصور” ، مدير الإعلامية ” منصف القفصي” ومدير الشؤون المالية ” المنصف حميدة”. وقد طالب الوزير في هذه المراسلة إحالة المسؤولين الثلاثة المذكورين على دائرة الزجر المالي لمقاضاتهم من أجل ارتكاب أخطاء في التصرف على معنى الفصل الاول من القانون عدد 74 لسنة 1975 المؤرخ في 20 جويلية 1985. ووجه الوزير للمسؤولين المذكورين تهمتين هما : التأشير والمصادقة على خدمات لم تنجز مما تسبب في حصول بعض المزودين على أموال دون وجه حق وبصفة غير قانونية، وسوء التصرف في الممتلكات وذلك بعدم تدوين عمليات الاستلام والتسليم للمعدات الإعلامية بالدفاتر القانونية المعدة للغرض وعدم إجراء الجرد السنوي لهذه المعدات مخالفين بذلك ما تقتضيه مجلة المحاسبة العمومية.

وفي مراسلة ثانية بنفس التاريخ دعا وزير التعليم العالي المنصف بن سالم مندوب الحكومة لدى دائرة الزجر المالي بإحالة كل من الطيب منصور المذكور في المراسلة الأولى ومدير دار تونس سابقا بباريس خالد شقير للقضاء من اجل ارتكاب أخطاء تصرف بخصوص تمتع خالد شقير بسكن إداري ومنحة سكن على خلاف الصيغ القانوني ويتحمل معه الطيب بن منصور المسؤولية في هذه القضية بصفته مديرا عاما للمصالح المشتركة.

⬇︎ PDF

وكان المتفقد العام قد أفرد في تقرير التفقد المدير العام للمصالح المشتركة الطيب بن منصور ببند خاص حيث حمله جزءا هاما من المسؤولية فيما تمت معاينته من إخلالات وتجاوزات وخرق لمبادئ التصرف المالي السليم مع غياب واضح للمتابعة فيما يخص تحديد الحاجيات وعملية الشراء وحفظ وصيانة المعدات بما يمكن اعتباره خطأ في التصرف يستوجب المتابعة القضائية.

⬇︎ PDF

غير أنه وبعد أسبوع فقط من ورود هذه المراسلة تم تعيين المدعوّ ” الطيب بن منصور ” متصرفا رئيسا مكلّفا بمأمورية بديوان وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنصف بن سالم بمقتضى أمر مؤرخ في 14 ماي 2013. وإثر مرور قرابة 7 أشهر من هذه الترقية تمت تسمية نفس الشخص أي الطيب بن منصور كمتصرف عام بالسلك الإداري المشترك للإدارات العمومية وتحديدا بالإدارة العامة للمصالح المشتركة.

⬇︎ PDF

هذين التعيينين يثبتان أنه لم تتم الاستجابة لطلب الوزير المنصف بن سالم رفع دعوى القضائية ضد الطيب بن منصور وهو ما يطرح تساؤلا حول الإجراءات التي قام بها مندوب الحكومة لدى دائرة الزجر المالي لتسريع إجراءات كشف الحقائق بخصوص التجاوزات الحاصلة. غير أن الأكثر غرابة هو تعامل الوزير مع الأمر بتعيينه الطيب بن منصور مكلفا بمأمورية بديوان الوزير رغم أنه كان قبل أسبوع قد أمضى مراسلة إحالته على القضاء ؟

ردود مستهترة على مراسلات المتفقد العام لوزارة التعليم العالي :

تضمن تقرير التفقدية العامة مراسلات وجهها المتفقد العام عبد اللطيف مومن لعدد من المسؤولين حول التجاوزات الحاصلة في المصالح الراجعة لهم بالنظر وقد جاءت بعض الردود مقتضبة وغير مفهومة في حين تميّز بعضها بالتهاون ومن بينها :

جزء من رد مدير الإعلامية منصف القفصي بتاريخ 7 أفريل 2012 : تم خلاص المزود في كامل مستحقاته نتيجة عدم انتباه أقدر أنه عفوي من كل الأطراف بما في ذلك المصالح المالية، وربما يعود عدم الانتباه هذا إلى التعامل الكثيف في الاستشارات السابقة بطريقة الخلاص دفعة واحد.

جزء من رد المسؤولة عن “منظومة سليمة” بجامعة منوبة ، يامنة السايب : فيما يخص الانجازات الخاصة بمنظومة سليمة يؤسفني إعلامكم أنني لم أتمكن من إيجاد أي معطيات أو وثائق تخص هذه الإنجازات وهذا ما أدّى إلى اتخاذ قرار في إعادة برمجة المنظومة.
هذا بالإضافة إلى عدم تسجيل ردود بعض المسؤولين حول عدد من مراسلات المساءلة.

معاقبة المتفقد العام ومساعديه

إضافة إلى تسمية بعض المسؤولين على الفساد بوزارة التعليم العالي وعدم إحالتهم إلى القضاء، قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حسب ما جاء في العدد 26 من مجلة اكاديميا بتاريخ فيفري 2014 بإعفاء المتفقد العام الذي قام بالإشراف على إعداد تقرير التفقدية عبد اللطيف مومن. كما تمت معاقبة من اشتغل على الملف إما بنقلة البعض او بتعطيل الارتقاء من رتبة متصرف مستشار إلى رتبة متصرف رئيس.

هذه الحالة من الاضطراب داخل جهاز المنظومة المعلوماتية بوزارة التعليم العالي تعتبر عادية بالنظر إلى كم الفساد الذي طال هذه المؤسسة منذ عقود وإعادة تنظيم هذا الجهاز يتطلب وضع الإصبع أولا على موطن الخلل وهو ما قامت به التفقدية العامة بالوزارة من خلال تقرير دقيق وموثق. إلا أن التعامل القضائي والإداري وحتى السياسي مع ما تم كشفه من حقائق من ترقية للفاسدين ومعاقبة لمن خطا خطوة نحو الإصلاح تجعلنا نطرح تساؤلا حول الجهة التي تملك صلاحية العزل والتعيين بدون موجب قانوني داخل الوزارة. ونتساءل أيضا عن التراخي الذي اتسم به مندوب الحكومة لدى دائرة الزجر المالي في إحالة المسؤولين المعنيين على القضاء؟ ونطرح السؤال أيضا حول دور وزير التعليم العالي انذاك المنصف بن سالم في تعيين مسؤول كان قد طالب هو نفسه بإحالته على القضاء ، في ديوانه الوزاري؟

أخيرا، يجد وزير التعليم العالي الجديد السيد توفيق الجلاصي نفسه الآن مطالبا بفتح تحقيق فوري وجدي بخصوص كل ما سبق ذكره استنادا إلى الوثائق المذكورة في هذا الملف، ومحاسبة المتورطين في التجاوزات المالية والإجرائية التي كلفت خزينة الدولة مبالغ هامة ، والأهم الكشف عن الجهة التي كانت وراء تعطيل محاسبة المسؤولين وترقيتهم في المقابل.