(تونس، 14 يناير/كانون الثاني 2014) ـ في الوقت الذي ابتدأ فيه المجلس الوطني التأسيسي في تونس لمناقشة الباب المتعلق بالسلطة القضائية في الدستور، دعت البوصلة، والعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومركز كارتر أعضاء المجلس إلى تعزيز استقلالية القضاء.

كان القضاء في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي تابعًا للسلطة التنفيذية ويفتقر إلى الاستقلالية. وقالت المنظمات إنه يجب أن يضمن دستور تونس الجديد استقلال السلطة القضائية بشكل كامل و نزاهة القاضي.

قالت ماريون فولكمن، مديرة مكتب مركز كارتر في تونس: “يستحق التونسيون دستورًا فيه ضمانات لا لبس فيها لاستقلالية القضاء. ويجب أن يمثل هذا الدستور انزياحًا حقيقيًا عن ماض اتسم بالتدخل السياسي من قبل السلطة التنفيذية، ويجب أن يضمن للسلطة القضائية القدرة والاستقلالية اللازمتين لحماية حقوق الإنسان”.

قامت كل من البوصلة، والعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومركز كارتر بمتابعة عملية صياغة الدستور منذ بدايتها في فبراير/شباط 2012. وكانت هذه المنظمات قد أصدرت بيانًا مشتركًا في 3 يناير/كانون الثاني 2014 تضمن توصيات لتعزيز حقوق الإنسان والحريات في الدستور.

تحتوي مسودة الباب المتعلق بالسلطة القضائية على عديد الفصول الهامة التي تتضمن مبادئ عامة تتعلق باستقلالية القضاء. وعلى سبيل المثال، ينص الفصل 100 على أن “القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل، وعلوية الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات”. ويتم تحقيق استقلالية القضاة من خلال التزامهم، أثناء أداء مهامهم، فقط بالدستور والقانون. كما يحظر الفصل 106 أي تدخل خارجي في السلطة القضائية.

رحبت المنظمات الأربعة بهذه الأحكام التي تتناسب مع المعايير الدولية. وعلى سبيل المثال، تنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلالية القضاء على أن يتم تضمين المبادئ المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية في دستور البلاد.

ومع ذلك، يتضمن مشروع الباب المتعلق بالسلطة القضائية ضمانات ضعيفة في ما يتعلق بوظيفة القاضي خلافا لما تنص عليه المعايير الدولية مثل المبادئ التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة في أفريقيا. بينما تمنع المسودة عزل القضاة ونقلهم دون موافقتهم، إلا أنها تترك مجالا لاستثناءات “طبق الضمانات التي يضبطها القانون”، وهي صياغة قد تسيء السلطة التنفيذية استخدامها، وقد تؤدي إلى تقويض هذه الحماية.

ولذلك توصي البوصلة، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومركز كارتر بأن يؤكد المجلس الوطني التأسيسي بشكل واضح في الفصل 104 على أن اتخاذ أي إجراءات تأديبية ضد أحد القضاة لا يكون ممكنًا إلا بسبب سوء سلوك جسيم على النحو الذي يحدده المجلس الأعلى للقضاء مع احترام ضمانات سلامة الإجراءات.

كما ينص مشروع الدستور، في الفصل 111، على إنشاء مجلس أعلى للقضاء “يضمن حسن سير القضاء واحترام استقلاله. وتقترح هيئة المجالس القضائية الإصلاحات، وتبدي الرأي في مقترحات ومشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء التي تعرض عليها وجوبًا، ويبت كل من المجالس الثلاثة في المسار المهني للقضاة وفي التأديب”. وينص المشروع أيضًا على أن يكون نصف أعضاء المجلس من القضاة والنصف الآخر من غير القضاة.

قدمت لجنة التوافقات، ومهمتها تحقيق توافق واسع حول المسائل الخلافية في الدستور، مقترح تعديل يرفع تمثيل القضاة في تركيبة المجلس إلى الثلثين، أغلبهم منتخبون من قبل زملائهم والباقي يتم تعيينهم، على أن يتكون الثلث المتبقي من المستقلين من ذوي الاختصاص.

ولكن هذه التركيبة غير قادرة على ضمان استقلالية القضاء بشكل كامل في مستويين اثنين. أولا، ربما يكون القضاة المنتخبون من قبل زملائهم أقلية في المجلس، وهو ما قد يضعه تحت سيطرة أعضاء معينين من قبل السلطة التنفيذية أو البرلمان. وتوصي عديد الآليات الدولية بأن تكون النسبة الكبيرة من أعضاء هذه المجالس أو أغلبهم منتخبون من قبل قضاة. وعلى سبيل المثال، يسعى الميثاق الأوروبي بشأن النظام الأساسي للقضاة لسنة 1998 إلى أن توجد هيئة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، يكون ما لا يقل عن نصف أعضائها قضاة منتخبون من زملائهم بإتباع طرق تضمن أوسع تمثيلية للسلطة القضائية.

ثانيًا، لا يشرح التعديل المقترح كيف سيتم انتخاب الأعضاء غير القضاة: ما إذا كان ذلك بشكل مباشر من قبل الحكومة أو من قبل البرلمان، أو بأي إجراء آخر. وذلك ما يترك للحكومة صلاحية واسعة لتحديد الإجراءات المتعلقة باختيار هؤلاء القضاة، ولا يوفر ضمانات دستورية حول استقلاليتهم عن السلطتين الأخريين.

كما توصي البوصلة، والعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومركز كارتر المجلس الوطني التأسيسي بأن ينص الفصل 109 على أن يتكون نصف المجلس الأعلى للقضاء من قضاة منتخبين من قبل زملائهم. كما يوصون بأن يحدد الدستور إجراءات التعيين لضمان تمتع الأعضاء المعينين من غير القضاة بقدر كبير من الثقة والشرعية، وأن أي تعيين من قبل البرلمان يجب أن يتطلب موافقة أغلبية لا تقل عن الثلثين.

وسّع الدستور أيضًا من ضمانات استقلالية النيابة العمومية التي هي “جزء من القضاء العدلي، وتشملها الضمانات المكفولة له”. وينص الفصل 112 على أن يمارس قضاة النيابة العمومية “مهامهم في إطار السياسة الجزائية للدولة طبق الإجراءات التي يضبطها القانون”. وتوصي المنظمات الأربعة بأن يحافظ المجلس الوطني التأسيسي على هذه الصياغة وإلغاء تعديل سيعوضها بـ “السياسة الجزائية للحكومة”، والتأكيد على أن تكون هذه السياسة متناسقة مع الحقوق والحريات المضمونة في الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

لمزيد من المعلومات الأساسية، تابع القراءة أدناه.

لمزيد من المعلومات حول أحكام أخرى في الدستور، يُرجى الإطلاع على:

ـ البوصلة، العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، مركز كارتر، 3 يناير/كانون الثاني 2014، “تونس ـ يجب تعزيز حماية حقوق الإنسان في الدستور الجديد، يجب ضمان المساواة للجميع والتأكيد على الالتزامات تجاه القانون الدولي“،

ـ بيان مركز كارتر، 12 يونيو/حزيران 2013، “مركز كارتر يُهنئ المجلس الوطني التأسيسي على المسودة النهائية للدستور ويحثه على تكريس حقوق الإنسان

ـ بيان منظمة العفو الدولية، 5 يونيو/حزيران 2013، “فرصة أخيرة للمشرعين التونسيين لتكريس حقوق الإنسان للجميع في دستور تونس الجديد

ـ بيان هيومن رايتس ووتش، 13 مايو/أيار 2013، “تونس ـ يجب مراجعة مشروع الدستور“،

لمزيد من المعلومات، يُرجى الاتصال:

عن البوصلة: أميرة اليحياوي (الانجليزية، الفرنسية، العربية): +216 27 666 383 أو amira.yahyaoui@albawsala.com
عن العفو الدولية: لطفي عزوز (الانجليزية، الفرنسية، العربية): +216 71 353 417 أو lotfiazzouz@gmail.com
عن هيومن رايتس ووتش: آمنة القلالي (الانجليزية، الفرنسية، العربية): (+216 24 485 32 أو guellaa@hrw.org
عن مركز كارتر: ماريون فولكمان (الانجليزية، الفرنسية): +216 50 666 649 أو marion.volkmann@tunisia.cceom.org

خلفية

شرع المجلس الوطني التأسيسي في التصويت على الدستور في الجلسة العامة في 3 يناير/كانون الثاني 2014. وإلى حد الآن، أنهى المجلس التصويت على التوطئة، وباب المبادئ العامة، وباب الحقوق والحريات وباب السلطتين التشريعية والتنفيذية. سوف يكون التصويت على مشروع الدستور فصلا فصلا والانتهاء من القراءة الأولى آخر مرحلة في عملية صياغته. تنص قوانين المجلس على أن يتم التصويت بشكل منفصل بالأغلبية المطلقة من الأعضاء. وبعد ذلك، يتعين الموافقة على مشروع الدستور كاملاً في تصويت منفصل. وإذا لم يحصل المشروع على موافقة أغلبية الثلثين، يتم طرحه مرة أخرى على التصويت بنفس الأغلبية. وإذا لم يحصل ذلك، يتم عرض المشروع على استفتاء وطني.