festival-korba

شارف مهرجان قربة الوطني لمسرح الهواة في دورته التاسعة والثلاثين على الانتهاء حيث سيشهد اليوم 5 سبتمبر فعاليات اختتامه بفضاء الهواء الطلق. هذا المهرجان الذي انطلق يوم 25 أوت 2013 شهد عديد الانتقادات اللاذعة للهيئة المديرة منذ اليوم الأول ليصل الأمر في نهاية المطاف إلى تنفيذ حركة احتجاجية من قبل المواكبين وصولا إلى تهديد الهيئة بإيقاف فعاليات حفلة الاختتام بشكل سلمي.

يوم 4 سبتمبر قدّم عرض مسرحي لفرقة احتج المشاركون على ادراجه ضمن إطار المسابقة حيث اعتبروه عرضا فولكلوريا شعبيا أكثر منه عرضا مسرحيا نظرا لعدم التزامه بأبجديات وتقنيات العمل المسرحي. وقد اشترك عدد من المؤطرين في نفس الموقف على غرار المسرحي الطاهر عيسى والذي يشرف على ورشة الإيماء حيث اعتبر أن هذا العرض لا يليق بمهرجان قربة ولا يرتقي ليكون عرضا مسرحيا. الطاهر عيسى كان له هو الآخر مؤاخذات على الهيئة المديرة للمهرجان لما لاحظه من تمييز في مستوى الورشات (الاهتمام المفرط بورشات تشرف عليها شخصيات مسرحية معروفة وإهمال ورشات أخرى يشرف عليها مسرحيون محترفون لكنهم محجوبون عن الاعلام).

قرّر المشاركون الاحتجاج خلال نقاش العرض الذي نظّم بدار الثقافة قربة وكتبوا لافتات عبّروا فيها عن استنكارهم لهذه المسرحية والتي نالت بالمناسبة ملاحظة حسن جدا من قبل لجنة انتقاء العروض التابعة لوزارة الثقافة وهو ما ذهب بالبعض إلى اطلاق نواقيس الخطر للمستوى الذي وصل إليه المسرح الهاوي في تونس.

تقدّم السيد مدير المهرجان سليم قربع باعتذار للمشاركين على هذا العرض والذي اعتبره لا يعكس مستوى المهرجان وتاريخه. لكنّ ذلك لم يخفّف من سخط المشاركين الذين استغربوا كيف قبلت إدارة المهرجان بهذا العرض ضمن إطار المسابقة كما أنّ المسألة كانت أعمق بكثير فقد تحوّل الاحتجاج على العرض إلى احتاج على ممارسات الهيئة المديرة والمطالبة باستقالتها حيث عبّر المواكبون في بيانهم الصادر يوم 4 سبتمبر عن رفضهم لاستمرارية عمل الهيئة المديرة التي تضم وجوها تجمعية حسب قولهم وأخرى نهضوية لا تمت بصلة للعمل المسرحي ولا تملك الخبرة اللازمة لإدارة المهرجان والجمعية. كما احتج المشاركون على دفع السيد محمد شعبان المدير السابق للمهرجان إلى الاستقالة والذي قدم توضيحا على عين المكان وأكد كل ما جاء بالبيان وكشف عدة ممارسات أخرى وتجاوزات من قبل الهيئة المديرة ووجّه لأعضائها عددا من الاتهامات.

إثر تلك الحركة الاحتجاجية انسحب المشاركون إلى مقر إقامتهم حيث عقدوا اجتماعا استمر إلى حدود الساعة السابعة صباحا خرجوا على إثره بعريضة احتوت على جملة من المطالب وعلى رأسها التزام الهيئة المديرة الحالية للمهرجان كتابيا بتحديد تاريخ لاتخابات جديدة في آجل لا يتجاوز الشهر تشرف عليها لجنة مستقلة من الأعضاء والمشاركين في المهرجان على أن لا يترشحوا بدورهم لهذه الانتخابات . كما كوّنوا لجنة مفاوضة تمثّل كافة المشاركين وتفاوض باسمهم مع الهيئة المديرة الحالية ولجنة دعاية وإعلام تتكفل بتزويد الإعلام التونسي بكل ما هو جديد حول هذه المسألة إضافة إلى لجنة تنسيق تتكفل بضمان استمرارية التواصل بين المشاركين في المهرجان.

اليوم إلى حدود الساعة الثانية بعد الزوال مازالت الهيئة المديرة رافضة لمبدأ التفاوض على اعتبار أنها الهيئة الشرعية وأنه ليس من حق المشاركين التدخل في الأمور الداخلية المهرجان في حين تتمسك اللجنة المفوضة بقراراتها إضافة إلى تعبيرها عن تمسكها بالبديل عن المفاوضات إذا ما استمر رفض الهيئة المديرة عبر التصعيد السلمي الذي قد يصل إلى إيقاف فعاليات اختتام المهرجان.

وإزاء هذا الضغط الذي لقيته الهيئة المديرة وافقت الأخيرة على مبدأ التفاوض في محاولة منها لاحتواء هذا الانفلات “الثوري” أو “انتفاضة 4 سبتمبر” كما سمّاه بعض المواكبين الذي حدث فجأة ودون سابق انذار في مهرجان لم يشهد يوما حركة احتجاجية مماثلة.

من المؤكد أن اللجنة المفوضة ستسعى إلى فرض مطالبها استنادا إلى اللحمة والتآزر الذي لاحظناه لدى المشاركين دون استثناء إضافة إلى عدد من الأساتذة المؤطرين في هذه الدورة بينما ستسعى الهيئة المديرة إلى امتصاص غضب المشاركين واستيائهم لضمان نجاح حفلة الاختتام لما قد يمثله الغاؤها من احراج لدى وزارة الثقافة نظرا لأنّ عرض الاختتام سيكون خاصا بفرقة المسرح الوطني بدعم من وزارة الثقافة. وفي انتظار ما ستفرزه هذه المفاوضات فإن المؤكد بالنسبة إلينا أن هذا المهرجان قد وصل إلى مرحلة من التأزم وجب على الأطراف المعنية بالأمر التدخل العاجل لإنقاذه من الاندثار.