armee-tunisie-2

مع تداول صور جنودنا الذين استشهدوا في اخر عملية ارهابية في جبل الشعاني في وسائل الإعلام و مواقع الواصل الإجتماعي اختلفت الاراء بين من يرى أن نشر هذه الصور يمس من حرمة الموتى و كرامتهم كما انه يجب مراعاة شعور عائلاتهم لأن هذه الصور تزيد من احساسهم بالمأساة و في الخلاصة يرى هؤلاء أن الصور فيها من البشاعة ما لا يقبل نشره سواء من الناحية الإنسانية أو من ناحية أخلاقيات المهنة بالنسبة للصحفيين الذين مرروا هذه الصور من ناحية أخرى هناك من يرى أن هذه الصور لا يجب أن يقع تجاهلها بل يجب نشرها و إعادة نشرها ليعلم الجميع ما أتته أيادي الإرهاب في حق جنودنا الشهداء و ما يمكن أن تفعله مستقبلا في غيرهم.

يجب أن نقول أولا أن نشر هكذا صور يتنافى تماما مع أي معايير أخلاقية منضمة لممارسة المهنة الإعلامية، التي تجرم طبعا عرض صور الدم و الجثث المشوهة و إن توجب عرضها بإعتبارها جزءا مهما من الخبر فلا يجب استعمالها كما هي بل يجب ادخال بعض التعديلات عليها كإخفاء الوجه و شبه اخفاء للأعضاء المشوهة أو المبتورة.

هذا الأمر جعل الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري تتفاعل مع الأمر و تصدر بلاغا تندد بعرض صور جثث عناصر جيشنا الوطني مشوهة لأن فيه انتهاكا لحرمة الميت و لكرامة الإنسان و فيه تجاوز واضح لأخلاقيات الصحافة.

بلاغ الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري:

“الجمهورية التونسية

الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السمعيّ والبصريّ

تونس في 30 جويلية 2013

بلاغ

سعيا من الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السمعيّ والبصريّ لضمان ممارسة حرية الاتصال السمعي والبصري وفق مبادئ احترام المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتشريعات النافذة وفي إطار احترام كرامة الإنسان.

لاحظت الهيئة أن بعض القنوات التلفزية بثّت صورا حول حادثة الشعانبي الأخيرة تضمّنت مشاهد لجثث جنود تونسيين ملطّخة بالدماء وعارية ومنكّل بها وهو ما يعدّ إخلالا بحقوق الإنسان وفقا لمقتضيات العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 وللفصل 5 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا للاتصال السمعي والبصريّ.
ولهذه الأسباب وعملا بالفصل 5 من المرسوم عدد 116 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 الذي ينصّ على ضرورة ممارسة حرية الاتصال السمعي والبصريّ في كنف احترام كرامة الإنسان، فان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تدعو جميع القنوات التلفزية إلى الامتناع عن بثّ صور صادمة للجمهور وتطالب هيئات التحرير باحترام كرامة الإنسان في تغطية جميع الأحداث والدامية منها خصوصا، وإلا كانت المؤسسة الإعلاميّة المخالفة عرضة لمقتضيات المرسوم عدد 116 لسنة 2011.

عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري

الرئيس
النوري اللّجمي”

كما أصدرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بيانا يوم 31 جويلية تعرضت فيه للأحداث التي تمر بها تونس خلال هذه الاونة و منددة بها و مستعرضة أهم النقاط التي تهم المشهد الإعلامي من انتهاكات في حق الصحفيين و تجاوزات وسائل الإعلام التي تمس بأخلاقيات المهنة، و أدانت نقابة الصحافيين بالمناسبة “تعمد بعض وسائل الإعلام نشر صور لجنود تم التنكيل بهم وهو ما يُعد تعديا على حقوق الإنسان وجريمة في حق الجيش ومسا بكرامة الوطن وعدم التزام بأخلاقيات المهنة.

كما أبدت النقابة العامة للثقافة و الإعلام “استنكاره لتمرير صورة شهداء الجيش الوطني في نشرة الأخبار دون احترام لمشاعر التونسيين” و ذلك في بيان صادر لها يوم 1 أوت أتت فيه على التجاوزات التي يقوم بها الإعلاميين و وسائل الإعلام في تغطيتهم للأحداث الدامية التي تمر بها بلادنا في الاونة الأخيرة.

و هنا تجدر الإشارة إلى أن تتداول صفحات مواقع التواصل الإجتماعي لصور الجثث المشوهة، مفهوم بما أنها فضاء واسع لا يمكن التحكم به بالإضافة إلى كونه لا يخضع لأي قانوني و لا يلتزم بأي أخلاقيات تنظم نشاطه، و لكن أن تأتي وسائل إعلامنا الوطنية العمومية و الخاصة مثل هذا الأمر فهو أمر يجسد لا مهنية هذه المؤسسات التي حاولت إصلاح الأمر في أعادت نشر نفس الصور واضعة في إعتبارها بلاغ الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري بأن أخفت ما يجب إخفاءه من فضاعة تحملتها الصور.

لا مهنية مؤسساتنا الإعلامية أمر لطالما بدى واضحا في محتواها الإعلامي و في تغطياتها الصحفية، مثلا نشر فيديو لجثة الشهيد محمد البراهمي شبه عاري في المستشفى و غيرها من السقطات الإعلامية. لا مهنية مؤسساتنا الإعلامية هو التفسير الوحيد للطريقة التي وقع بها تناول صور جنودنا الشهداء شبه عراة منكل بجثثهم مبتورة أطرافهم و مشوهة أعضاءهم التناسلية فلا داعي لمحاولة رسم سيناريوهات أخرى و تفسيرات أخرى لهذه الممارسات الإعلامية على غرار ما قامت به صفحات الفايس بوك التابعة لحزب حركة النهضة، و التي وصفت وسائل إعلامنا الوطنية بالـ” الجناح الإعلامي للإرهابيين في الإعلام التونسي” و اتهموا من تولى نشر الصور من الإعلاميين بالتواطئ مع الجناة و وصفوهم بـالـ “خونة يساندون دولا أجنبية في محاولة الإنقلاب و إجهاض للإنتقال الديمقراطي” و كانت حجتهم على ذلك مقطع فيديو مقتطف من الندوة الصحفية لمستشار رئاسة الحكومة نور الدين البحيري على خلفية الكمين الإرهابي الذي أودى بحياة 8 من جنودنا و الذي يتهم فيه الإعلاميين بمحاولة المس من معناويات جيشنا الوطني.

Capture01

أما اراء التونسيين بخصوص نشر هذه الصور فلأن اتفقت على فضاعتها فإنها اختلفت بين رافض و مؤيد لنشر هكذا صور.
فمن ناحية، هناك من يرى في نشرها مس من كرامة جندودنا الشهداء و إهانة لجيشنا الوطني بما يسبب له مزيد من الإحباط.

cap ecran 2

Capture18

و هناك من يطالب بعدم نشرها من منطلق إنساني عاطفي احتراما لشهداءنا و حرماتهم و مراعاة لمشاعر عائلاتهم.

cap ecran05

و هناك من يرفض نشر الصور على أساس تعارضه مع أخلاقيات المهنة، طالبين من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التدخل لحسم الأمر و منع هذه التجاوزات.

cap ecran06

و من ناحية أخرى توجد وجهات نظر تقول بأن نشر الصور واجب كي يعلم الجميع مدى بشاعة العمل الإرهابي الذي وقع و مدى وحشية الجناة و كذلك كي يعي الشعب التونسي إلى أي درجة هو مهدد في أمنه.

Capture15

rim saidi

Capture08

Capture14

صور جنودنا الذين استشهدوا في كمين نصب لهم منذ أيام نشرت بكثرة في وسائل الإعلام و على مواقع التواصل الإجتماعي، و رغم كونها دليل فاضح على إرهاب القتلة الذين أضافوا إلى فظاعة جرمهم التنكيل بجثث جنود الجيش الوطني و تشويهها، إلا أن طريقة نشرها بلا مسؤولية فيها عدم احترام لمشاعر التونسيين و تشويه لصورة الجيش الوطني و بالتالي فهو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان و أخلاقيات ممارسة العمل الصحفي، و هو أمر لا يختلف فيه إثنان.