Senousi Azz

أعلن الرّئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حربا “كلامية” على الفساد منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد في أغسطس 2008، عشية انقلاب عسكري قا ده ضدّ الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله. لكن البلد لايزال يترنّح تحت غول الفساد و يعجّ بالأثرياء الجدد من محيط الرّئيس وذلك على حساب المشاريع الوطنية والبنى التحتية والمرافق العمومية والقطاعات الحيوية التي جثت وتراجع دورها بفعل تراكم الفساد من جهة وتجذره في هرم السلطة من جهة أخرى. غير أنّ حرب الرّئيس محمد ولد عبد العزيز على الفساد لا تطال مصالحه الشّخصية و المصالح المالية لمقربيه، سواء كانوا أفرادا من عائلته أو مدراء لأعماله أو شركاء له في مشاريعيه الإقتصادية الضّخمة في مختلف القطاعات وخصوصا مجال التنقيب عن المعادن واستغلالها والفوز بالصّفقات العموميّة، حيث أصبح بدر نجل الرئيس ولد عبد العزيز أحد أكبر المستفيدين منها. إضافة لرجال الأعمال”الجدد” أولاد اللهاه والذين ينتزعون الصفقات بنفوذهم ﻷنهم أبناء خالة الرئيس.

لقد بلغ الفساد المالي ذروته باختفاء مبلغ ضخمٍ من ميزانية الدولة للعام 2013 وهو يناهز حوالي 60.24 مليار أوقية وهو ما قيمته 200 مليون دولار وفقا لما كشفه عضو مجلس الشّيوخ القطب ولد محمد مولود، حيث قال إنه حصل على معلوماتٍ ووثائق من مصادر في وزارة المالية تثبت سحب هذا المبلغ من ميزانية الدولة بتعليمات من رئاسة الجمهورية.

وقد سارع وزير المالية السيد أتشيام جومبار لمقاطعة عضو مجلس الشيوخ عندما سأله عن اختفاء هذا المبلغ. وقال وزير المالية إنه لا ينبغي لعضو مجلس الشيوخ الحديث عن هذا الموضوع ﻷنه من اختصاص الفنيين والخبراء قبل أن يختم في اعتراف باختفاء المبلغ قا ئلا نعم لقد سحبنا المبلغ من أجل المحافظة عليه.

وكان المبلغ المذكور قد ظهر في جدولة ميزانية الدولة للعام 2012 ضمن جدول العمليات المالية لشهر سبتمبر قبل أن يختفي فجأة من الجدول في شهر ديسمبر. وأضاف عضو مجلس الشيوخ القطب ولد محمد مولود خلال سؤال شفوي لوزير المالية يوم 06-06-2013 أن تقرير وزارة المالية للعام 2012 يقرّ بعجز في الميزانية بقيمة 51.55 مليار أوقية، بينما يشير تقرير البنك الدولي عن موريتانيا إلى أن للميزانية فائض بقيمة 10 مليارات أوقية وهو ما يكشف وجود تلاعب بالأرقام واستيلاء على مبالغ ضخمة من أموال الشعب. ولم يستبعد عضو مجلس الشيوخ في مداخلته أن يكون للبنك الدولي دور في التلاعب بالأرقام في موريتانيا.

الرئيس يقبض ثمن السنوسي

يعود موضوع تسليم عبد الله السنوسي إلى الأذهان باختفاء ثمنه من ميزانية الدولة الموريتانية في صفقة لم تراع القانون ولا الأخلاق بقدرما مثلّت ما يمكن وصفه بدولة تبيع رجلا، وأيّ رجلٍ إنه قائد مخابرات القذافي أحد أكبر داعمي انقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وآخر من أمّ رجال الدولةِ في صلاة “المعلب الأولمبي”.

لكن تسلسل الأحداث يظهر جليا أن موريتانيا لم تبع عبد الله السنوسي وإنما باعه الرئيس محمد ولد عبد العزيز وسحب ثمنه من ميزانية الدولة. وقد ذكر موقع “السراج” أن مبلغ ال 200 مليون دولار الذي اختفى من ميزانية الدولة يعود إلى صفقة تسليم عبد الله السنونسي مدير المخابرات الليبية في ظل نظام القذافي، حيث سلمت السلطات الليبية هذا المبلغ لموريتانيا في إطار تسلّمها للسنوسي وكانت السلطات الليبية قد نفت دفعها لهذا المبلغ مقابل تسلّم السنوسي قبل أن تعترف أنها منحت هذا المبلغ مساعدة للدولة الموريتانية.

كما أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز كان قد تحدث خلال “لقاء الشعب” عن عدم تسليم السنوسي ﻷسباب قال إنها “أخلاقية” إلا أن العوامل المالية والمبالغ التحفيزية التي قدمتها السلطات الليبية قضت على هذه الموانع الأخلاقية التي تحدث عنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال “لقاء الشعب” في مدينة أطار شمال موريتانيا.

وفي سياق متصل قال صالح ولد حننه رئيس حزب “حاتم” في مهرجان بحي الدار البيضاء: إن الفساد الذي قام به الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال 4 سنوات يمثل أضعاف كل ما عرف البلد من أمواج الفساد. وأضاف أن ثروات البلد تعاني من نهب منظم.