cstd2

 

نظم مركز دراسة الإسلام الديمقراطية ورشة حول قانون تحصين الثورة: بين الإقصاء والتحصين. وذلك يوم السبت 4 مايو الجاري في فندق قرطاج تلاسو.و شهدت الورشة تجاذبات قوية بين مؤيدين لهذا القانون بحجة إغلاق الباب أمام عودة أركان النظام السابق للسلطة ومخاطر التفافهم على الثورة، و بين من يعتبرون أن هذا القانون ليس سوى عقوبة جماعية و انتقال من استبداد الفرد إلى استبداد المجموعة أو المجموعات.

سهى الشابي مسؤولة البرنامج افتتحت الورشة داعية المشاركين إلى تدارس هذا القانون و تقديم التوصيات اللازمة التي سيعرضها المركز بدوره على المجلس التأسيسي، و أعتبرت أن تونس بحاجة إلى تبني الحوار كآلية ضرورية لمسلسل الانتقال الديمقراطي مؤكدة أن مركز دراسة الإسلام والديمقراطية يشرف و يشجع على بلورة حلقات النقاش حول القضايا الكبرى المطروحة في الساحة.

و قدم السيد فيصل الجدلاوي العضو في المجلس التأسيسي مدلخلة تحت عنوان “تحصين الثورة انتصار لتحقيق أهدافها” معتبرا أنه من الضروري من إجل انجاح الثورة اعتماد هذا القانون لمنع أركان النظام السابق من العودة للسلطة بعد أن أذاقوا الشعب التونسي مختلف أصناف الظلم والاضطهاد. وأضاف أن الذين يشملهم هذا القانون أثبتوا أنه ليس بمقدورهم تقديم أي شيء غير الاستبداد، و أن الشعب التونسي قال فيهم كلمته غداة أيام الحراك الثوري حين نادت حناجر الثوار بطرد بن على وأركان حكمه.

و في المقابل تناول السيد عبد العزيز المسعودي من حزب المسار الديمقراطي موضوع: “تحصين الثورة كلمة حق قد يراد بها باطل”، داعيا إلى توفير كافة الوسائل اللازمة لحماية الثورة. و أعتبر أنه من الأجدى تبني خيار العزل السياسي بدل قانون تحصين الثورة الذي يهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين. وقال بأن الثورة في الأصل هي رفض للاستبداد وبالتالي فهي تتمتع بالحماية الذاتية وأن الأولوية يجب أن تنصب على مكافحة الفساد والجريمة المنظمة ومحاربة شبكات الجريمة و خدمة أوساط الشعب بالتصدي للارتفاع الصاروخي للأسعار مشددا على أن المسؤولية الحزبية و السياسية في النظام السابق ليست جرما، و بأن الضالعين في الفساد و المستفيدين منه ليسوا فقط من مسؤولي نظام بن علي. و ختم السيد المسعودي قائلا بأن هذه القانون و بهذه الصيغة هو توظيف سياسي ضد الخصوم السابقين.

المحامي نبيل الساسي عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية تناول الموضوع من زاويتين: امكانية الانزلاق بسبب ضعف المسار الديمقراطي و خطر عودة وجوه الماضي، مشددا على أن الخطر يكمن في التخوف من هيمنة الجهاز التنفيذي و الحزب الحاكم و الذي يقابله تخوف مشروع من تجمع شبكات الفساد. و دعا الساسي إلى ضرورة ترسيخ قيم الحرية والكرامة و تحاشي الانزلاق بسبب غياب الثقة بين الشركاء السياسيين.

القاضي مختار اليحياوي تناول من جهته الواقع و قانون تحصين الثورة و أعتبر بأن هذا القانون لا يخدم الوئام وبأنه يكرس للعقوبات الجماعية، مذكرا أنه كان ضحية للعزل في ظل النظام السابق حين عبر عن رأيه المستقل. و بأنه في نفس الوقت يعتبر أن قانون العزل السياسي أو ما يسمى بقانون تحصين الثورة لا يحترم الضوابط الأساسية لإشاعة العدل وبناء دولة القانون.

وأشار القاضي مختار اليحياوي إلى أن الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا قد بعث برسالة إلى عدة شخصيات تونسية غداة الثورة دعا فيها التونسيين إلى النظر للمستقبل وتجنب الوقوع في وحل الماضي وقال اليحياوي إنه من بين الذين حصلوا على هذه الرسالة وبأنها مؤثرة وعميقة.

السيد عبد العزيز شعبان تناول موضوع مبررات تحصين الثورة، مستغربا أن رفض هذا الخيار اليوم هو موقف سياسي ﻷن هذا المطلب نتاج للثورة، منبها من خطورة امكانية الالتفاف عليها من طرف أركان النظام السابق الذين يتمتعون بإمكانيات مادية كبيرة و بتوغل في أجهزة الدولة. وذكر شعبان بأنه يدرك تخوفات البعض من سوء تطبيق هذا القانون خصوصا تلك التي يعبر عنها ضحايا الإقصاء و التهميش في ظل النظام السابق.

أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ تعرض في مداخلته لتساؤل دستورية الثورة، متسائلا في البداية عن حدود تحييد رجال العهد البائد لتحاشي الاقصاء. و أكد بأن ضمان العدالة تتمثل في تحقيق قضاء مستقل و إعلام حر و مواطنة كاملة. وأضاف السيد أمين محفوظ بأن كلمة تحصين لها مرجعية استبدادية فهي ليست مصطلحا ديمقراطيا ﻷن الضروري هو تجسيد سيادة القانون و أنه لا فرق بين الاستبداد الذي مارسه النظام البائد و بين الاستبداد و العقاب الجماعي الذي نريد التأسييس له، ﻷن الاستبداد قد يكون فرديا كما أنه قد يكون صادرا عن مجموعة أو عن عدة مجموعات، و أن الفرق الوحيد بين الاستبداد و الديمقراطية يكمن في المنهجية و العقلية و الأدوات، و أن الانتقال الديمقراطي و السياسي في تونس يجب أن يطبخا على نار هادئة.

وقال أمين محفوظ بأن مقارنة تونس بوضعيات دول أمريكا الشمالية مقارنة مغلوطة. و ختم بأن مشروع هذا القانون يتناقض مع قيم العدل الكونية وبأنه مناقض أيضا لمشروع الدستور الذي يعد له الآن.

و في الختام أعد المشاركون توصيات حول هذا القانون ينتظر أن يقدمها مركز دراسة الإسلام والديمقراطية للمجلس التأسيسي.