djihad-syrie

بقلم محمد السعود

اسمك وعمرك؟

أبو طلحة وعمري 24 سنة.

من أين أنت؟

من تونس.
متى ذهبت إلى سوريا؟

ذهبت في بداية شهر أكتوبر 2012 وعدت في شهر فيفري 2013.. قضيت هناك قرابة خمسة أشهر.

لماذا ذهبت إلى سوريا؟

للجهاد.

لماذا ذهبت للجهاد في سوريا؟ ما هي دوافعك؟

عدة دوافع.. منها رؤيتي لذلك الطفل السوري الذي اقتلع فكه السفلي بالكامل نتيجة قصف قوات الأسد على بلدته, وأيضاً تلك المرأة السورية التي كانت تستنجد العرب والمسلمين للدفاع عنها وعن عرضها وتقول: “إن لم تأتوا لنجدتنا من شبيحة الأسد.. فابعثوا لنا بحبوب منع الحمل!”. لقد أثرت في هذه المقاطع جداً, لم أستطع تحمل نفسي وسكوتي عما يجري في سوريا ضد إخواننا الأبرياء على يد قوات الأسد وشبيحته.

وقد قال الله تعالى: “و جاهدوا بأموالكم وأنفسكم”, ونحن اليوم كشباب تونسي ليس لدينا القدرة المادية على تقديم الكثير فأوضاعنا المادية ليست جيدة, وكل ما نستطيع تقديمه هو الجهاد بالنفس ونصرة أخواننا في سوريا. إننا نرى اليوم العالم بأسره يقف إلى جانب الأسد الظالم ضد الشعب السوري, روسيا وإيران وحزب اللات يقفون ويقاتلون إلى جانب الأسد, والمسلمون هناك لا أحد إلى جانبهم, فواجب علينا أن نقف معهم وندافع عنهم وننصرهم.

كل العالم اليوم يتغنى بما فعل تشي غيفارا, وبالنهاية هو مقاتل ذهب إلى غير بلده ليدافع عن المظلومين, فلماذا لا يطبق علينا نفس المثال؟

انا أؤمن بأننا أمة واحدة.. الأمة العربية والأمة الإسلامية واحدة ولا تفرقنا حدود.. وعلينا الدفاع عن بعضنا.
وبالتالي الدافع انساني وديني.

هل تنتمي لأي حركة أو تنظيم سياسي أو اجتماعي أو ديني في تونس؟

لا أنتمي لأي تيار, أنا مسلم وفخور بديني.

كيف ذهبت إلى سوريا؟

كانت مغامرة, لم نحضّر أي شيء ولم نعرف أي شيء, وفي ذلك الوقت كان نادراً موضوع ذهاب التونسيين إلى سوريا للجهاد. وقبل ذهابنا مباشرة, تم اعتقال 19 تونسي من قبل المخابرات السورية في مدينة إدلب وتم إيداعهم السجن المركزي في إدلب إلى ما قبل تحريره بأيام حيث تم ترحيلهم إلى سجن في دمشق وإلى الآن لا يزالون هناك. لذا كان الموضوع مغامرة بالنسبة لنا محفوفة بالمخاطر.

ذهبت مع صديقي إلى تركيا ووصلنا إلى منطقة الريحانية في أنطاكية حيث مخيمات اللاجئين وأمضينا هناك 3 أيام.

من دفع لكم تكاليف السفر ومن أوصلكم إلى انطاكية أو سهل لكم العملية؟

لا أحد, قلت لك الموضوع كان مغامرة. قمنا نحن بدفع ثمن تكاليف السفر من جيوبنا وذهبنا وحدنا إلى الريحانية.
ماذا حصل عندما وصلتم هناك؟

بقينا في تلك المنطقة ثلاثة أيام حيث كنا نذهب إلى المخيمات ونسأل ونستفسر ونختلط بالسوريين, وتعرفنا على أحد قادة الكتائب المقاتلة وهو من مدينة حلب حيث كان في زيارة لعائلته التي تسكن المخيم. هذا الشخص هو من قام بإدخالنا إلى سوريا.

كيف عرفتم أن هذا الشخص لن يقوم بتسليمكم للمخابرات السورية؟

قمنا بأخذ اسمه وسألنا احد أصدقائنا التونسيين عنه وأكد لنا مصداقيته.

ما اسم الكتيبة التي يقودها هذا الشخص ولأي جهة تتبع؟
هذه معلومات أمنية لا أستطيع البوح بها.

هل هي جبهة النصرة؟

لا

ماذا حصل بعد ذلك؟

أخذنا هذا الشخص بسيارته عبر “كلّس” إلى معبر باب السلام حيث الحدود السورية حيث رأينا العديد العديد من اللاجئين على الحدود, كانت أوضاعهم مزرية ومعظمهم من النساء والأطفال. ومن هناك دخلنا إلى “تل رفعت”.

من كان يسيطر على المعبر وكيف كانت معاملتهم لكم؟

الثوار, كانت معاملتهم جيدة وكانوا يعرفون القائد الذي يصطحبنا.

هل ختموا على جوازات سفركم؟

لا

هل واجهتم أية أسئلة أو تعقيدات من قبل الحدود التركية؟

لا أبداً.
هل رأيتم أي أجانب أثناء عبوركم إلى سوريا وهل كنتم التونسيون الوحيدون هناك؟

لم نر أي تونسي, ولكن رأينا 4 شيشانيين.

ماذا حصل بعد وصولكم إلى تل رفعت وكيف استطعتم الوصول؟

وصلنا إلى “تل رفعت” بسهولة لأن المنطقة كلها محررة وتحت سيطرة الثوار, من تل رفعت ذهبنا إلى مساكن هنانو في حلب ومن ثم إلى مزرعة في منطقة مارع في حلب حيث قضينا 20 يوماً في التدريب.

ما هو نوع التدريب الذي تلقيتموه ومن أشرف عليه وما هي نوعية الأسلحة ومصدرها؟

تلقينا تدريباً على الأسلحة الخفيفة, الكلاشنكوف والمسدسات والآربيجي ورشاش البيكيسي. قام بتدريبنا ملازم منشق عن الجيش النظامي والأسلحة التي كانت بحوزتنا هي من الغنائم التي غنمها الثوار من معاركهم مع جيش النظام.

يكثر الحديث عن مدى الدعم الأجنبي الذي يتلقاه الثوار وعن الأسلحة النوعية وكميتها الوفيرة. ما هي شهادتك الشخصية في هذا الموضوع؟

كل الأسلحة التي استخدمناها والتي رأيتها هي من غنائم الثوار من معاركهم مع جيش النظام, ففي كثير من الحالات تكون الغنائم اكثر حتى من حاجة الكتيبة حيث يبيعونها لكتائب أخرى بحاجة. وخصوصاً عندما يقوم الثوار بمهاجمة مستودعات الأسلحة.

ومن أين تاتي النقود لشراء هذه الغنائم؟

تبرعات من أقارب ومغتربين

وهل كانت هذه العشرون يوماً كافيةً لتتمكنوا من حمل السلاح والقتال؟

(بابتسامة) الموضوع ليس اختراع صاروخ!

ماذا كانت مشاهدتك الشخصية في هذه الفترة؟

ما رأيته كان دماراً مهولاً, غارات الطيران الحربي دمرت حلب تماماً, وقد شهدت شخصياً على قصف الطيران لمشفى دار الشفاء في حلب, وقصف لفرن الخبز.. شيء لا يوصف!

ماذا حصل عندما انتهت فترة التدريب؟

بدأنا الاشتراك في المعارك, حاربنا في منطقة بستان الباشا, معركة تحرير مدرسة المشاة, تحرير فرع المداهمة, ومعركة مطار منغ العسكري.

في معركة تحرير مدرسة المشاة كنت ضمن فريق الاقتحام والذي تشكل من 32 مقاتلاً من ثلاثة كتائب: كتيبة الطليعة, كتيبة الشام, كتيبة شباب الشام. قمنا بأسر 5 جنود أثناء المعركة وسلمناهم للنقطة الطبية ومن ثم أخذهم لواء التوحيد الذي كان يحاصر مدرسة المشاة منذ أكثر من شهر. وتركنا خلفنا 3 شهداء من مقاتلينا.

ما هو مصيرهؤلاء الجنود الأسرى؟ هل تم قتلهم؟

لا نستطيع قتلهم لأن الأسرى مستأمنين ولا يجوز قتلهم شرعاُ.. أما بالنسبة لمصيرهم فلا أدري بالضبط ولكن عادة يتم إرسالهم إلى قراهم أو يقومون بالإنضمام للثوار. فالنظام لا يبادل أسراه ولا يهتم بهم.

بعد ذلك, ذهبنا إلى إدلب حيث أقمنا معسكراً هناك, ومن ذلك المعسكر انطلقت مجموعة من المقاتلين إلى جبل التركمان في اللاذقية.
بعدها تركت سوريا وعدت إلى تونس.

لماذا؟

لدي خطيبة ودراسة وعمل في تونس, وقد أصابني اكتئاب في الفترة الأخيرة لاستشهاد صديقي التونسي الذي رافقني طوال الرحلة, وقد شعرت أنني أديت واجبي لذا عدت إلى تونس.

حدثني عن الأجانب المقاتلين في سوريا, وخصوصاً التونسيين, ولماذا يقاتلون؟

خلال الفترة التي قضيتها في سوريا رأيت ما يقارب من 20 تونسياً خلال الخمسة أشهر, معظمهم يقاتلون في جبهة النصرة. الأجانب قليلون في سوريا فهم يشكلون حوالي 5 % من جبهة النصرة ونسبة أقل من ذلك من الجيش الحر. عدد التونسيين الذين ذهبوا للجهاد في سوريا لا يتجاوز بضع مئات, ولو كان العدد بالآلاف لكان تحرير سوريا قد تم منذ زمن.

هؤلاء المجاهدون يقاتلون في سوريا لإقامة دولة الإسلام.

هل جميع من يقاتل اليوم هو من الجيش الحر؟

لا, فهناك جبهة النصرة والكتائب الاسلامية, وهناك كتائب وألوية الجيش الحر, مختلفون عن بعضهم.

ماهي التجاوزات أو الإنتهاكات التي رأيتها أثناء إقامتك في سوريا ومن قام بها؟ غير النظام؟

هناك الدمار والقتل الرئيسي الذي يقوم به النظام وطائراته وصواريخه, وهناك بعض التجاوزات من قبل بعض المسلحين الذين شكلوا مجموعات مسلحة تقوم بالسرقة والخطف مقابل فدية مستفيدين من الأزمة, ولكن الكتائب الإسلامية وكتائب الجيش الحر تعمل على ضبط الأمن والسيطرة على هذه التجاوزات ومحاسبة مرتكبيها في المناطق المحررة.

يكثر الحديث اليوم في تونس عن تجنيد منظم للشباب التونسي للقتال في سوريا ودفع الأموال لهم ونقلهم إلى هناك من خلال أحزاب معينة ومنابر مساجد, فما رأيك؟

ما هو الدليل على ذلك؟ البينة على من اتدعى.. لا يوجد أي نوع من أنواع التجنيد ونحن نلوم على المساجد لماذا لا تدعوا صراحة إلى الجهاد في سوريا, كل ما يروج هو لتشويه صورة من ذهب واستخدامه كدعاية انتخابية لا أكثر لبعض الأحزاب.

يتم الحديث عن 12 ألف شاب ذهبوا لسوريا للقتال, ويكثر الحديث عن جهاد المناكحة, فما شهادتك الشخصية في الموضوعين؟

(يضحك بصوت عال).. جهاد المناكحة؟ وأي عاقل يصدق هذا التهريج؟ أعطني اسم فتاة واحدة ذهبت إلى هناك.. الموضوع مرفوض ومحرم شرعاً بشكل قطعي وهو موضوع مضحك حقاً.

أما بالنسبة للأعداد فكما قلت لك قبلاً, من رأيتهم من التونسيين خلال إقامتي في سوريا لا يتجاوز العشرين شخصاً.. جميع من ذهب لا يتجاوز بضع مئات.

وإذا كان أكثر من 12 ألف مقاتل اليوم على الأرض من تونس فقط, فأنا أؤكد لك أننا تمكنا من تحرير سوريا منذ زمن بعيد.. هذه الأعداد عارية عن الصحة.

شكرا لك لإجراء هذه المقابلة, هل ترغب بقول كلمة أخيرة؟
العفو, أرغب بقول كلمة, لا وصاية على الشعب السوري لا من ائتلاف معارض ولا من الخطيب ولا من غيره, الشعب السوري سيتحرر من خلال الجهاد بإذن الله.