إنه من المفارقات الغريبة أن تطالعنا الأنباء بتصريحات لبعض الزعماء ممن ينتسبون لتيارات ومذاهب مختلفة ولكنها تتناغم أشد التناغم في الحديث عن وسطية مزعومة للإسلام. ومنها ما جاء في آخر تصريح للشيخ راشد الغنوشي زعيم التيار الإسلامي.
وبما أنه اليوم من الضروري عند مطالعة التصريحات النفاذ إلى ما تخفيه، لا الوقوف عند ما تجاهر به، فليس هناك أدنى شك في أن مثل هذه التصريحات التي تشدد على وسطية الإسلام ليست إلا للتمويه والمغالطة.
ولعل أكبر دليل على ذلك اتفاق الزعماء الحزيين، رغم اختلاف مشاربهم الإيديولوجية، على مثل هذا التعريف الذي هو في مفهومه أفرغ من فؤاد أم موسى.
فإما هو التعريف الصحيح المزعوم، وعندها ما الذي يفرّق حقا بين هذه التيارات المتنازعة ولماذا تواصل تناحرها على حساب الشعب؟ وإما هو هذا التعريف الخاطيء، أي الذي لا معنى له إلا المغالطة، وعندها إلام المغالطة ؟
وليس هو إلا من هذا القبيل في أفواه من اختلف سياسيا إلى حد التقاتل؛ فنحن نعلم أن هؤلاء الساسة يؤمنون بضرورة المخادعة للعمل السياسي، وقد أخذوا بالسياسة في مفهومها التقليدي المتقادم. فقبحا لسياستهم هذه التي أكل عليه الدهر وشرب!
إن كل مسلم حق يعلم أن الإسلام ليس بوسطي البتة، وإلا فهو ليس بذلك الإنقلاب الكبار الذي جاء به على عقلية مجتمعه وعالمه أجمع. فلولا أن ديننا كان ثورة عقلية حقة لما انتشر وتوسع في أنحاء العام في فترة وجيزة،ولما نما ودام إلى يوم الناس هذا!
فالوسطية لا معنى لها ولا قدرة على قلب المفاهيم الخاطئة رأسا على عقب؛ ولا شيء جاء به الإسلام غير الثورة، وهو الذي ميّزه عن سائر الأديان الأخرى، إذ كان بحق الدين والدنيا في نفس الآن.
وهو كذلك إلى اليوم، شامخا في علوه رغم الداء الذي ينخر عقول البعض من أتباعه، ورغم الأعداء الذين يتربصون له الدوائر من الخارج، وخاصة من الداخل في طوابير خامسة لا تحصى ولا تعد.
إن الإسلام ثورة أو لا يكون، وهو ثورة مستدامة عند كل مسلم حق، صدق في إيمانه، فأخذ بحق بكلام الله في معانيه ومقاصده لا في حرفه كما يفعل من جهل دينه، جاعلا من النص قيدا يلتزم به حتى وإن خالف روحه، فإذا هو كالصنم يعبده دون الله الذي يتمثل نوره وتتجلى قداسته في روح تعاليمه قبل نصها، وفي مقاصد شريعته قبل حرفها.
فالإسلام الحق هو هذه الثورة التي تجعل منه دين البشرية جمعاء في صلوحيته لكل زمان ومكان، وذلك بما يزخر به من تعاليم تحترم الذات البشرية وتقدس حرية الإنسان، ملتزمة بحقوقه، كل حقوقه، في كونيتها ودعوتها الجادة للاجتهاد والأخذ بما يصل إليه العقل البشري العالمي من فتوحات ذهنية.
الإسلام الصحيح هو ثورة مستدامة في هذا الاجتهاد الأكبر، الذي يطلبه من المؤمن، على نوازع نفسه حتى تتزكى كل يوم أكثر، فتُعمل العقل دوما وتشحذ الهمة لزاما، آخذة بكل ما يصل إليه العلم البشري دون تفرقة بين عربي أو أعجمي إلا بتقواه. والتقوى هي التزام تعاليم الله في مقاصد شريعته التي تمجّد الذات البشرية وتعلي من كعب العقل أي علو!
فماذا نرى اليوم؟ تعلقٌ باجتهاد سلف صالح كان من الروعة بمكان لعهده ومجتمعه، ولم يدّعي في شيء الأزلية التي نرى الفقهاء اليوم ومن ادعى الفقه يضفونها علىه وكأنه من قداسة القرآن؛ وليس ذلك إلا لقعوسهم عن العمل بما أمرهم به دينهم من الإجتهاد المتواصل واللامنتهي، لأن البشرية في نمو وتطور لا ينتهي؛ إذ تلك هي نواميس الله في خلقه.
إنه من التجني على السلف الصالح أن نرميه بما ليس فيه، فنجعل من رأي واجتهاد رآهما وصلحا في عصره هذا النصب الذي نعبده اليوم فنتقيّد بما يفرضه علينا تقديسا له – مع أنه لا تقديس إلا الله – في تصريف أعمالنا ودنيانا؛ فما هذا الذي جاء به ديننا الثوري!
إن ديننا يحتّم علينا الأخذ بقوة بكتاب الله وسنة رسوله الأكرم وإحكام العقل في تأويلهما حسب مقتضيات العصر الحاضر، لا حسب ما جاء به السلف لعصره وظروفه؛ فبذلك نقدس الله حق قداسته ونكرم سلفنا الصالح حق قدره!
أين نحن إذا من الإسلام الحق في التزامنا بفقه صلح يوما ولكنه في حاجة لمن يرتفع به أكثر عما استنبطه من أحكام على ضوء أنوار الفرقان المشرقه وتعاليم السنة السمحة؟ إننا نتجاهل بعنجهية حكمة ديننا في السهر على مصلحة الإنسان بالعودة دوما إلى مقاصد الشريعة التي تتلاءم، بدون أدنى شك، مع التطور الإجتماعي وتفتق الذهن البشري لما لا يفقهه إلا من يعمل بالفرض الإسلامي على دوام إعمال العقل في الشؤون البشرية.
إن الإسلام اليوم عند من يدّعي نصرته لهو كتجارة نفقت عند أهلها الأوائل ثم نام ورثتهم عن ضرورة العمل على تنميتها فإذا بها تكسد وتبور!
فليست التجارة النافقة في تمجيد طرق السلف ونجاحه في الوصول إلى الوسائل الرابحة لغزو سوق زمنه، إذ كم هي الطرق والوسائل التجارية التي تنجح اليوم وتفشل في الغد إذا لم تتطور فتتأقلم مع مقتضيات التجارة وأحكامها مع السهر المستدام على الجودة الأصيلة للبضاعة وتناسب الثمن معها بدون أي شطط!
إن الإسلام الوسطي لهو كالتجارة المتوسطة في سوق ارتفعت فيه المزاحمة إلى أقصى قدر من منافسة ليست دائما شريفة، فهي لا تنجح إلا إذا اعتمدت، بالإضافة لجودتها وثمنها المعقول وإن علا، على وسائل عبقرية تمكنها من كسب السبق دوما في مثل هذا التزاحم الحيوي المستمر.
فلا نجاح لتجارة إذا اعتمدت فقط على النوعية والثمن المناسب أمام المنافسة الشرسة المتواصلة لها من طرف البضاعة الرخيصة، العديمة الجودة؛ ناهيك عن تلك المزورة المصطنعة. فلكسب السبق دوما، لا بد لبضاعنتا أن تكون جديدة متجددة مع حفاظها على رونقها الأصيل وجودتها المعهودة! ولا شك أن كل ذلك يكمن في التزامنا بالثورية في التأقلم مع مقتضيات السوق، لا السوق الداخلية فحسب، بل والعالمية أيضا في هذا الكون الذي أصبح كالحي، إن لم يكن بعد حارة!
والحال نفسها بالنسبة لديننا الذي أمدتنا أحكامه بالوسيلة الفضلى والفهم الأمثل حتى يبقى هذه الثوة المستدامة الذي جاء بها، وهي الثورة التي يمثلها كدين أزلي التعاليم، خاتم للأديان كلها. فلنكرر ونقول أن ذلك لا يكون إلا باعتماد مقاصد الشريعة في فهم ديننا على حقيقته.
ولا غرو أن مقاصد الشريعة تلزمنا اليوم اعتماد كونية حقوق الإنسان في احترام مباديء هي في عالمنا من أسس كل ديمقراطية حقة، مثل التساوي التام بين الرجل والمرأة في كل الحقوق بما فيها الميراث، وعدم التفرقة بين عباد الله أيا كانت مشاربهم ومذاهبهم، بما فيهم اليهودي أو المثلي التوجه في حياته الخاصة، وعدم تقييد حرية الفكر والتعبير حتى وإن بدت مخالفة لما نقدّسه.
ذلك لأن المقدّس الحق لا يدنّسه أي شيء؛ بل نحن ندنّسه برد فعلنا المهلوس في التقليص من الحرية الفردية، إذ عندها نناقض حتما وننسف المبدأ المقدس الذي نعمل على الدفاع عنه، ألا وهو الحرية البشرية في الإسلام وضمان حرية الرأي والمعتقد!
فلينتبه المسلم الحق وليأخذ حذره من دعاة الباطل ممن يتكلم باسم الإسلام وقد غاب عنهم كنه ديننا الحنيف، أي ثورته المستدامة على كل ما تحجّر فينا من فكر وتصرف، فجعل قلوبنا كلها غل لبعضنا بعضا، وقد دعانا ديننا للمحبة والتسامح والتزام المثل الصالح في كل الحالات.
فهذا هو الإسلام الحق ولا شيء آخر، الدين الثوري، خاتم الأديان كلها في أزليته وسماحته وحبه للبشرية قاطبة! إن الإسلام دعوة حب وسلام، وهذه هي الثورية الدينية التي يمثلها في عالمنا الذي طغت عليه الأنانية والكراهية إلى حد سفك الدماء.فعالمنا لهو جاهلية اليوم، ولكل جاهلية إسلام للخروج من الظلمات إلى النور!
Selon le chef du parti des travailleurs algérien, Louisa Hanoune la CIA recrute des centaines de blogueurs tunisiens pour déstabiliser l’Algérie :
http://www.almanar.com.lb/french/adetails.php?eid=100859&cid=76&fromval=1&frid=76&seccatid=173&s1=1
Vous n’arrêtez pas de vous disputer l’islam, et vous allez jamais vous arrêtez jusqu’à la fin des temps. Bon courage. Le titre de l’article pousse à réflexion « l’islam est une révolution permanente, sinon rien » à vous voir vous chamaillez, beaucoup d’esprits raisonnables et provocateurs vous dirons alors rien.
Mais j’avoue que ça avance, on revendique un islam démocratique respectueux des libertés individuelles, la liberté d’expression, la liberté de conscience, les droit des homosexuelles, l’égalité homme femme……………
Ça me rappelle l’érudit musulman qui a visité l’occident au 19ème siècle et qui, à son retour, a dit « ra2aytou al islama wa lam 2ara almouslimin » « j’ai vu l’islam et je n’ai pas vu les musulmans ». C’est l’orgueil et je vous rappelle que c’est l’un des pêché capitaux qui nous empêche de reconnaitre que tous ces principes dont l’auteur de cette article parle on les connait depuis belle lurette en occident sans islam. Mais c’est le cocktail Molotov usé également par l’auteur de cet article qui complique la tâche. Ce cocktail c’est le mélange entre religion identité culture et civilisation, cela nous empêche d’avancer.
Chacun se prend pour un interprète de dieu et qu’il est responsable de la croyance des autres.
C’est pour quand que vous allez mettre la religion dans la sphère privée et vous occupez de votre vivre ensemble et de vos affaires profanes ?
سي فرحات تحية .اتابع ما تنشره على هذا الموقع فاعجب بطرحك طورا واجدك في البعض متعسفا على الموضوع الذي تتناوله .في هذا المقال وسطية الاسلام عندك تمويه ومغالطة وحزمت امرك بانه ليس وسطيا واضفيت عليه صفة -اراك تحبذها وقد لانختلف فيها.ولكنك سقتها اتنفي بها المفهوم السابق والذي انطلقت منه في تحليلك والحال ان الله جعلنا امة وسطا وجعل دين الاسلام دين اعتدال واعمال للعقل فهو بالضرورة دين وسطية وهذا لايتناقض مع كونه دين ثوري يمثل انقلابا على الواقع بدءامع بداية الدعوة وانتهاءا مع كل واقع وفي اي زمنلايحترم الانسان الذي كرمه الله – النقطة الثانية هو ربطك للاوصاف بشخوص المتكلمين في الوصف. وكان نطقهم بالوصف -وسطية الاسلام -هو بدعة من هؤلاء ابتدعوها والحال انها اوصاف تحدث بها اغلب من سبقهم .بعضهم كان يقصد عن صدق ذلك الوصف فعمل به والبعض جعله مجرد شعار والقاعدة ان الشعار الصحيح يبقى .واصحاب الشعار اما ان يكونوا صادقين مع ما يرفعونه فيعمملون به او انهم ممن يقولون ما لايفعلون وهو مايمقته الله فيهم.
أخي في المواطنة، شكرا على هذا الرأي المتزن وقد بات اليوم من الندرة بمكان.
أبدأ في العموميات فأقول إنك تعتمد على كلمة حق، ولا غبار على صحتها. إلا أنها اليوم أصبحت هذه الحقيقة التي يراد بها الباطل، حتي ممن صدق في التعلق بها، لأنه يفرغها في الآن نفسه من تلك الصفة الثانية التي، كما لاحظته بنفسك، من أكبر صفات ديننا.
وللأسف، نحن في معترك السياسة، وعندما تفسد النية، لا بد من العودة إلى الأصل حتى وإن اقتضى ذلك التضحية بالفصل. فالإسلام، إن وجب علينا الاختيار بين وسطيته وثوريته، هو ثوري قبل كل شيء.
وهذه السمة يجب التذكير بها عندما ينساها أو يتناساها الناس لحاجة في نفس يعقوب، إذ هم يعملون على إفراغ ديننا من لب لبابه، ألا وهو حسه الديمقراطي الأصيل وصفته الكونية، بما أنه ليس بالشعائر فقط، وإنما هو ثقافة عالمية صالحة لكل زمان ومكان، علمي التعاليم، لا يخنق الحريات، كل الحريات، بل يضمنها ويدافع عنها.
لذا، أخي، كان من الضروري التركيز عل الثورية وتجاهل ما بقي وإن كان أيضا من صفات ديننا.
إننا في معركة يستعمل فيها أعداء الإسلام كل الأسلحة، وخطر هؤلاء الاعداء أن أكثرهم يعمل من داخل الإسلام وباسمه؛ فكل من يتكلم اليوم ضد الإسلام أو مع الإسلام ليصرح صراحة أو ضمنيا أنه يخالف الديمقراطية في منطوقها العالمي وحقوق الإنسان في كونيتها لا يعدو أن يدنس الإسلام ويشوه تعاليمه. لهذا السبب وجب تذكيرهم بأن دين محمد هو ثورة قبل كل شيء وهو ثورة أو لا يكون، إذ تلك خاصيتة كدين ودنيا مما يميزه عن سائر الأديان الأخرى.
و أختم بشيء من التفصيل، ولي عودة إن شاء الله للموضوع في مقالة إن سمحت الظروف بذلك، فأقول بعجالة أن مصطلح الوسطية في الإسلام أو وسطية الإسلام أصبح الشعار المناهض للتشدد في ديننا وقد كثر وتعددت مظاهره، وهو مدرسة تقول أن الاسلام دين كله وسط، فلا تطرف فيه إلا لمن لا يفهمه. وهذا حسن إن لم يكن مثل هذا الفهم الوسط للإسلام فهما متوسطا له، إذ الغاية من هذا التوسط المزعوم هي فقط المحافظة على ديننا على الهيأة التي وصل عليها إلينا، فلا اجتهاد مجددا ولا مخالفة لأصول فرضت نفسها في عهد ولى وانقضى، وللمسلم حق إعادة النظر فيها والإجتهاد كما أمره ربه.
لنستمع مثلا لما يقول أحد ممثلي هذه المدرسة، الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه : كلمات في الوسطية ومعالمها، فهو إن أقر بأن المنهج الذي يدعو إليه يروم الملاءمة بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر وبأن فهم النص الديني يجب أن يكون على ضوء مقاصد الشريعة الكلية، فهو لا يقبل بذلك إلا في النصوص الجزئية للقرآن والسنة، فلا يرى بدا من التشديد في الأصول والكليات وإن قبل بالتيسير في الفروع والجزئيات.
إن الوسطية عند الشيخ القرضاوي وشيوخ الأزهر مثلا وغيرهم هي السلاح الأخير الذي يعتمدون عليه للدفاع عن الإسلام في مفهومه الحالي رغم أن الدهر أكل عليه وشرب إلى الثمالة. فلا مناص اليوم من العودة إلى روح ديننا الحقة وتفعيل ثوريته.
والتوسط مذموم أيضا في الدين، كالتوسط بين الحق والباطل، إذ هو من باب التذبذب، وهو سبيل المنافقين. فالنقطة الوسط بين الاعتدال المشروع والإفراط المذموم مذمومة إذا كان بالإمكان التوجه نحو الاستقامة على الحق بالأخذ بلب لباب ديننا في علميته وكونيته، وذلك بتفعيل مقاصده في صلوحية الإسلام لكل عصر وحال وخاصة زمن مابعد الحداثة الذي نعيشه، إذ هو بحق الدين المابعد حديث.
نعم، جاء في لسان العرب أن وسط الشيء ما بين طرفيه، ولكن ابن منظور يبين أيضا أن الوسط قد يأتي صفة وإن أصله أن يكون اسما من جهة أن أوسط الشيء أفضله وخياره كوسط المرعى خير من طرفيه وكوسط الدابة للركوب خير من طرفيها لتمكن الراكب ولهذا قال الراجز إذا ركبت فاجعلاني وسطا ومنه الحديث خيار الأمور أوساطها ومنه قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف أي على شك فهو على طرف من دينه غير متوسط فيه ولا متمكن، فلما كان وسط الشيء أفضله وأعدله جاز أن يقع صفة وذلك في مثل قوله تعالى وتقدس (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فهذا تفسير الوسط وحقيقة معناه وأنه اسم لما بين طرفي الشيء وهو منه.
ومن ذلك معنى الآية 143 من سورة البقرة (جعلناكم أمة وسطا). وفي هذا السياق وقع أيضا في اللسان : قال الزجاج فيه قولان قال بعضهم وسطا عدلا وقال بعضهم خيارا، واللفظان مختلفان والمعنى واحد لأن العدل خير والخير عدل، وقيل في صفة النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان من أوسط قومه أي خيارهم، تصف الفاضل النسب بأنه من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة لأن العرب تستعمل التمثيل كثيرا فتمثل القبيلة بالوادي والقاع وما أشبهه فخير الوادي وسطه فيقال هذا من وسط قومه ومن وسط الوادي وسرر الوادي وسرارته وسره ومعناه كله من خير مكان فيه وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم من خير مكان في نسب العرب؛ وكذلك جعلت أمته أمة وسطا أي خيارا.
إن الوسطية بهذا المعنى لهي حقا الثورية، وهذه هي كلمة الحق التي لا يجب أن يُسكت عنها وإلا وقع لنا ما يُنسب لعلي ابن أي طالب : حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق. لذا أعيد وأكرر أن الإسلام ليس بوسطي إلا في معناه الثوري، فهو ثورة مستدامة، وذلك لقبوله مثلا بكل مباديء الديمقراطية وبعالمية منظومة حقوق الإنسان وبكونية ثقافته لاعترافه بجميع الشعائر الدينية وأحقيتها، تماما كالشعائر الإسلامية، في الإيمان الصحيح؛ ومن قال غير هذا فقد خالف دينه في روحه ومقاصده. ولكم الشكر الجزيل على مداومة مطالعة اجتهاداتي البسطية. وأنا لا أفعل ذلك إلا ابتغاء سبيل الحق، ولعلي أخطأ، ولا عيب على من أخطآ، بل له في ديننا الأجر المضمون ما دامت النية صافية. هدى الله الجميع إلى تصفية النوايا
قال تعالى (ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ) . بعضهم يحفض ما قيل في الاسلام يردده ويجادل به عن غير علم وتدبر واجتهاد ، وبعضهم يحفضه ويردده ليضمن مكانته في المجتمع فهو تجارة من متسييس تلك بضاعته لايجيد ترويج غيرها ، يشتري بها اتباعا.والبعض الاخر ممن حضر درسا او درسان ،قرا كتابا او كتابا فظنّ- والظن من اكذب الحديث ،وبعضه إثم -انه فهم الاسلام فاندفع يحلل ويحرم بغير علم فادخل الفوضى.بدا ذلك بعيد وفاة الرسول الاعضم وهو مستمروكاننا امام اكثر من دين والحال انه دين واحد حث على العلم والمعرفة وعلى اعمال العقل والاجتهاد علم الشريعة وعلوم الحياة على حد سواء .(اطلبوا العلم ولو في الصين) بعضهم يفهم الديموقراطية على انها هي الحكم فيقول لك ( انما الحكم لله )وكانها تتعارض مع حكم الله فيدفعك الى جدل عقيم ويظهرك امام سامعيك وكانك ضد حكم الله وضد الدين .. ذلك لبوسهم ونسوا ان الديموقراطية هيوسيلة لاختيار الحاكم في الارض لا تتعارض مع كون الحكم لله اولا وآخرا . نعم ان الاسلام ثورة دائمة على هذا ومثله لا واساطة في الاسلام ولكنه دين الوسطية والاعتدال واختيار الحاكم وفق نمط الحياة الذي اوصل اليه اجتهاد البشر في زمن معين في مختلف ارجاء هذا الكون الذي خلقه الله ليعيش فيه الانسان . .