جريح الثورة زيّاد القراوي البالغ من العمر 23 سنة أُصيب يوم 9 جانفي 2011 في مدينة الرقاب بولاية سيدي بوزيد على مستوى ركبته اليمنى برصاصة أطلقها عليه عنصر من وحدات التدخّل، إثر ذلك أجريت له عملية جراحية يوم 6 أكتوبر 2011 على مستوى الإصابة.

شارك زياد القراوي في إضراب جوع الجرحى الذي بدأ يوم 19 أكتوبر 2011 قُبيل إنتخابات تشكيل المجلس التأسيسي و الذي أدّى يوم 25 أكتوبر 2011 إلى تكفّل وزارة الدفاع بعلاج الجرحى المضربين عن الطعام بالمستشفى العسكري رغم ما تلى ذلك من سوء معاملة الجرحى من طرف الإطارات الطبية إلى حدود زيارة الجرحى من طرف وزير الدفاع، كما أدّى إضراب الجوع إلى إمضاء رئيس الجمهورية حينها فؤاد المبزّع على المرسوم عدد 97 الذي يعترف بجرحى الثورة و بحقوقهم رغم النواقص التي حملها المرسوم في طيّاته.

على خلفيّة الإهمال النفسيّ و الصحيّ الذي تلى هذه الملحمة و إنسداد آفاق المستقبل حاول جريح الثورة زيّاد القراوي الإنتحار في 3 مناسبات قبل أن يُحاول “الحرقة” أو تجاوز الحدود خلسة للخارج بعيدا عن وطن لم يعترف بجرحى الثورة إلّا صوريّا و لم يُسند لهم العناية المتناسبة مع تضحياتهم.

بلغت آلام زيّاد القرّاوي أوجها بعد أن أرسل له المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس يوم 20 نوفمبر 2012 “إعلاما بحلول أجل كمبيالة” قدرها 240 دينارا “متخلّدة بذمّته مقابل خدمات إستشفائية بمقتضى كمبيال عدد 8296 و الذي يحلّ خلاصه في 29/09/2012 ”

كما يضيف الإعلام بأنّه :


“في صورة تخلّفكم عن الدفع في أجل لا يتجاوز 10 أيّام من تاريخ هذا الإعلام تكونون عرضة للتتبعات العدليّة مع تحميلكم جميع الفوائض و المصاريف القانونية الناتجة عن مماطلتكم في دفع المبالغ المتّخذة في ذمّتكم.”

إتّصلنا بوزير الصحّة السيد عبد اللطيف مكّي للإستفسار حول الموضوع خصوصا و أنّه يتناقض مع تصريحات ممثّلي الحكومة حول حقوق جرحى الثورة و أوّلهم حقّ مجانية العلاج فأحاطنا علما بأنّ إرسال الإعلام بحلول أجل كمبيالة إلى جريح الثورة زياد القراوي سببه “خلل إداري” و أنّ “الحكومة حريصة على توفير العناية اللّازمة لجرحى الثورة”.

نظرا لتراكم المعاناة الصحيّة و خصوصا النفسية لدى جرحى الثورة، لنا أن نتساؤل في المُقابل عن أسباب غياب الإحاطة النفسية اللّازمة لهم و العناية الصحيّة الجديّة و المتناسبة مع حجم تضحياتهم ، ففي حالة زياد القراوي الذي صارت له نفسيّا ملامح شخصيّة إنتحارية كان واردا أن يؤدّي “الخلل الإداري” إلى دفعه للإقدام على محاولة إنتحار رابعة كان من الممكن أن تنجح، و بذلك كنّا نسجّل شهيدا آخر، إستُشهد 3 مرّات، مرّة برصاص وحدات التدخّل، مرّة بالإهمال الصحيّ و النفسي و مرّة بلامبالاة الرأي العام تجاه قضيّته.