المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

كمال اللطيف في شمس أف أم ” ليست لي علاقات بالمؤسسة العسكرية، أما مكالماتي مع الأمنيين فهي للإعلام عن حريق أو إعتصام في ولاية أريانة أو التدخل لفائدة الغير” وكأن الحرائق تنشب في اليوم بعشرات المرات وأنّ الإعتصامات بكامل مؤسسات الولاية، إستبلاه لعامة الشعب وضحك على ذقون النخبة “نخبة عامة الشعب” لأنّه للأسف النخبة التي نعرفها إما أنها صديقة له وإما أنها معارضة للحكومة ومعارضتها هذه تجعلها في شق اللطيف دون إحساس بالمسؤولية ولا شعور بالوطنية. إجابة كمال اللطيف عن مكالماته الهاتفية مع مسؤولين أمنيين كانت من قبيل الإستهزاء بذكاء الشعب التونسي الذي نادى بالقضاء على حكومة الظل في عهد محمّد الغنوشي وزمن الباجي قايد السبسي، هل تعلمون حجم المكالمات التي بين كمال اللطيف ومسؤولين أمنيين؟ هل تعلمون من هم هؤلاء المسؤولون الأمنيون؟ هل لديكم فكرة عن وتيرة هذه المكالمات؟ ومتى بدأت؟

لقد فاق عدد المكالمات بين كمال اللطيف ونبيل عبيد المدير العام الأسبق للأمن الوطني الـ 650 مكالمة في 14 شهرا أي بمعدّل مكالماتين يوميّا، لعلّها تكون عدد الحرائق اليومية والإعتصامات…

لقد فاق عدد المكالمات بين كمال اللطيف وتوفيق الديماسي المدير العام الأسبق للأمن العمومي الـ 320 مكالمة في 14 شهرا أي بمعدّل 3 مكالمات في الأسبوع، لعلّها كذلك تكون عدد الحرائق الأسبوعية والإعتصامات…

لقد فاق عدد المكالمات بين كمال اللطيف وعماد الدغار مدير الشرطة العدلية في عهد بن علي ومستشار نبيل عبيد في عهد الحبيب الصيد الـ 170 مكالمة في 14 شهرا أي بمعدّل مكالمتين في الأسبوع ، لعلّها كذلك تكون عدد الحرائق الأسبوعية والإعتصامات…

لقد فاق عدد المكالمات بين كمال اللطيف والأزهر العكرمي الوزير الأسبق المعتمد لدى وزير الداخلية في عهد الحبيب الصيد الـ 100 مكالمة في 14 شهرا أي بمعدّل مكالمة كل خمسة أيام، لعلّها كذلك تكون عدد الحرائق الأسبوعية والإعتصامات…

هذا غيث من فيض سادتي… وما خفي كان أعظم، أكثر من 1400 مكالمة هاتفية خلال 14 أشهر مع مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى ودونهم والسيد كمال اللطيف يقول “ليست لي علاقات بالمؤسسة العسكرية، أما مكالماتي مع الأمنيين فهي للإعلام عن حريق أو إعتصام في ولاية أريانة أو التدخل لفائدة الغير

كلّ هذا، ويقيني يتّجه نحو إنتصار كمال اللطيف على الديمقراطية بالديمقراطية والديمقراطيين، فشمس أف أم فتحت له صباح اليوم الأربعاء 31 أكتوبر 2012 بوق النجدة ليدعو أنصار الجمهوري ونداء تونس والجبهة الشعبية والمسار كي يقفوا جنبه ومن خلفه ومن أمامه ضدّ من إدّعى أنّهم أعداء الديمقراطية، وكأنها حملة سابقة لأوانها كي يدخل بهم الإنتخابات الرئاسية القادمة ولسان حاله يقول صنعت بن علي فلم لا أصنع نفسي؟

وللتذكير فقط، وحتّى لا يدّعي أنصاره أنّني أساند الحكومة فإنّني أعيد نشر جزء من مقال كنت قد نشرته في جريدة الخبير في ماي 2011 تحدّثت فيه عن كمال اللطيف وحكومة الظل:

اعرف كل شيء عن رئيس الرئيس وصانع التغيير

ملاحظة أسوقها في آخر ما أكتب، لأقول إنّ السيد فرحات الراجحي عندما أحال إثنين وأربعين إطارا أمنيا على التقاعد، منهم سبعة وعشرون على التقاعد الوجوبي، هلل الإعلام بقراره، ومجّده، وتناولته وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة باهتمامها اللامتناهي، وأعطيت التعليمات (أو إستبطنها المسؤولون عن الإعلام) كي يمنعوا أي أحد من هؤلاء الإطارات الأمنية، حتى الذي ظلم، وذهب ضحية مؤامرة حيكت من أجل إقصائه ضمن القائمة وعددهم غير هيّن، ولم نجد أسماءهم ضمن قائمات العار التي تنشر يوميا بأعمدة الصحف أو على المواقع الإجتماعية، بل ويعرفهم القاصي والداني بأن لا ناقة لهم ولا جمل فيما نهب السارق وحمل، ورغم ذلك فقد حرموا من حق الرّد، ومنعوا من الإجابة، أو حتّى الظهور، ومارسوا عليهم شتى أنواع القمع حتى لا يتكلموا، كل هذا ولم يحرّك أحد ساكنا،

أما وقد تحدّث السيد فرحات الراجحي في حديث خاص لم يكن يعلم بكونه سينشر، عن حقائق ووقائع، وحلل ما حلل منها، وكان مصيبا في جانب منها ومخطئا في جانب آخر، خاصة ذلك المتعلّق بالمؤسسة العسكرية، التي برهنت على عظمة الدور الذي قامت وما زالت تقوم به، بغض النظر عمّن يرأسها أو الأشخاص الذين يقودونها، فهذه مؤسسات الدولة التونسية ومؤسسات شعبها، لا يحكمها شخص بمنأى عن شرعية هذه المؤسسة، وشرعية شعبها الثائر من أجل أن تتحرر تونس من براثن الأخطبوط الذي تحدّث عنه السيد فرحات الراجحي، والذي قامت الدنيا ولم تقعد من أجل أن يبقى هذا الأخطبوط متخفيا في جحره، ولكن هنا تسارعت وهرولت جميع وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية ( وعلى من ترضى سيدي، فسيدي يرفض هذه ويرضى عن هذه) ويخاطبنا من عليائه، من برجه العاجي، من جحره الذهبي، من وراء حجاب، نعرف من أي قماش صنع، ونعرف الأيادي التي غزلته، ونعرف المصنع الذي صنّعه، ونعرف مراقب جودته من، ونعرف أفراد إدارة التسويق من، ونعرف من يعقد الصفقات ويبيع القماش ويقبض الأموال، ونعرف حتى مصلحة ما بعد البيع أين!!!

يكلّمنا رئيس الرئيس، يكلمنا سيد السيد، يكلمنا صانع صانع التغيير، يكلمنا المهندس الأول والأخير، وكم كانت صدمتي كبيرة حين سمعت كلامه وأعدت سماعه، وكم تمنّيت أن تتصل بي قناتنا الوطنية1 مثلما إتصلت بي عندما تكلّم السيد فرحات الراجحي لأبدي رأيي فيما سمعت، حتى أحلل نفسية سيدي وأرسم له ملامحا نفسية وأحدد له مواصفات شخصية، لكن قناتنا الوطنية لم تتصل بي بعد ذلك وقد عوّضتني بأخصائي نفساني آخر، وتخلّت عن محادثتي بمناسبة أخبار الساعة الثامنة ليلا ليوم الخميس 05 ماي 2011 .

إن الذي يحدث في تونس اليوم، ليس من جرّاء كلام السيد فرحات الراجحي حسب إعتقادي، بل هو نتيجة كيفية تناول الموضوع من قبل السلطة والإعلام، هذا الخروج الذي ذكّر الجميع بعبد الوهاب عبدالله وعبد العزيز بن ضياء، وبديناميكية الإعلام الفاسد، والإعلام الموجّه، والإعلام الذي لا يخدم المصلحة الفضلى للشعب التونسي، وإنما ما زال يخدم شرذمة من الوصوليين، نسجوا خيوطا عنكبوتية بكامل أنحاء بيتنا الصغير، لا تفوتهم أية حركة ولا يفلت من قبضتهم أي شيء ( وربي يسترنا حتى لا ننتحر ونبقي رسالتين أو أكثر نعترف فيهما بذنوبنا)، إن “الشباب” الذي ثار اليوم، لم يثر على المؤسسة العسكرية، ولم يثر على “السواحلية”، لأن حديث فرحات الراجحي فيهما كان تحليلا بعيدا عن الواقع وعن المنطق، ثورة “الشباب” هذه المرة على “خالق ” بن علي الذي بعثه من لا شيء وأردفه لا شيء، فسبحانك اللهم لا نشرك بك شيئا ولن نعبد من غيرك أحدا!!!!

وإنّ ولائي اليوم ليس للحكومة ولا لحركة النهضة بل لتونس ولا غير سوى تونس، فخوفي اليوم لا أن يُبقي العنكبوت خيوطه في بيتنا الكبير فقط، بل أن يخنقنا بهذه الخيوط السامة ويكبت أصواتنا ويقطع أنفاسنا، فهو من كان وراء بن علي وهو من كان البلياتشو الذي يحرّك عصي الدكتاتورية ويتحدّث اليوم عن الديمقراطية…

هل تعلمون سادتي أنّ أوّل ما تقوم عليه الجوسسة والعمل المخابراتي هي شبكة العلاقات والصداقات المترامية في جميع المجالات الإقتصادية والإعلامية والأمنية والعسكرية والثقافية، وأنّ التدخل في العمل السياسي من وراء حجاب والتأثير في ساحتها وفي الرأي العام في الخفاء وتوجيه الأوامر الأمنية بصفة غير مباشرة وتغيير الموازين المالية والإقتصادية بصورة موجّهة بدعوى الوطنية وحب البلاد لا يمكن أن يكون سوى جريمة في حق البلاد، يكيّفها القانون مثلما يكيّفها ويصفها مثلما يصفها…

يســـــــري الدالــــــي
الأخصائي النفساني محافظ الشرطة أعلى
المحال على التقاعد الوجوبي