المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

أنا اساند إغلاق الجامعات التونسية حتى إشعار آخر.
كما اساند حق المتدينين في الصلاة في مكان مخصص داخل الجامعة.
واساند كذلك حق الطالبة المنقبة في دخول جامعات كراتشي وكابول ومكة مختلطةً بالرجال أصحاب اللحي الهائجة.
لكني أبقى مشدوهاً لشراسة هذا النقاش البيزنطي الذي نمى بين الحقول في جامعة منوبة وكلية آدابها. توة لاهين نحن بنقاب أو حجاب أو حتى ببيكيني في الفاك؟ يعني أكبر أزمة و إحتجاج إصلاحي في الجامعة التونسية متع ما بعد الثورة يكون متعلق بلباس محتشم أو غير محترم؟

توة نورمال واحد يعمل في ماجيستار إنجليزية وما ينجمش يتكلم بالإنجليزية؟ هل يعقل أن المهندس المعماري ما شاف من عجائب الدنيا كان مطماطة؟ بجده طالب الإقتصاد عمره لا قرى لا ماركس لا آدم سميث؟ من صغري والناس إتطبللي على تعليم تونس، “بالأخص مقارنةً بالعرب الآخرين”…ياخي كي كبرت وتعرفت على العريبة وزرت بلدانهم شعرة لا ضربت سكتة قلبية. سلك التعليم العالي عمل كيف السبعة رقود: رقد مع بن علي.

لو كان جات الدنيا دنيا راهي الجامعة ما فتحتش ابوابها بعد الثورة إلا ما انتظمت ندوات ومجالس لتطهير التعليم العالي من العناصر الفاسدة أولاً (يرجعوهم معلمين أو اساتذة معاهد، أو يعطيوهم التقاعد)، ثم لتقييم الحالة الرديئة التي عليها هذا القطاع اليوم. ما نعرفش، تقييم عشرة أو عشرين سنة من التقهقر المستمر، ووضع خطة لإنقاذ ما لم يغرق بعد، في إنتظار إعادة هيكلة شاملة.

وشنوة عملنا في بقعة هذا؟ رجعنا الدروس، وقتلي لا الطلبة تخمم في القراية (وهذا موش جديد)، ولا الأساتذة.
جاو في الجامعات وعملوا إنتخابات (وهي خطوة باهية)، بش إلي كان تحت الطاولة يطلع، والمسمار المخزز يطير. وصحيح فما مسامر طارت، لكن فما مسامر من فولاذ ايظاً، نجموا يشدو ويقلبوا الطاولة ويرجعوا وكأن شيئاً لم يحدث.

إلي نجح في باك 2011، ودخل في أول توجيه بلاش أكتاف، بش يعاني من الأمد الملعون. وفوق هذا ودونه، نعملوا إنتخابات، تجينا حكومة عائبة، وتحطلنا وزير يكوع. السيد المنصف بن سالم ناضل وتعذب، وأكيد عنده في مخه، لكن في مخه ايظاً حقد كبير على بورقيبة ومشروعه وإنجازاته. وما الجامعة التونسية إلا إحدى هذه الإنجازات. كان أجدر بصناع القرار الجدد أن يعينوا شخصاً متزناً ورصيناً، يكيل يمنته من يسرته، وسطياً وصبوراً، يمكنه أن يحاور الإخوانجي والماسوني والشيطان على حد سوى. وزير التعليم العالي كاره مثقف ومنفتح وعنده نيتوورك يعمل عليه. ممكن تكون الفيديو الشهيرة متع وزيرنا الجديد نتيجةً لضغط وإرهاق شديدين، لكنها تدل على فكر الرجل.

أما الله غالب، تلك هي حالنا: من بلد الفرح الدائم إلى بلد العوج الدائم. وفي حين كانت الأولى أكذوبة، تبقى الثانية حقيقة مرة.