اسالت التصريحات الصادرة مؤخراً عن لينا بن مهني في وسائل الإعلام الكثير من الحبر حيث أعلنت  صراحةً تخوفها من الاسلاميين ورفضها لبعض الممارسات الرجعية على حد تعبيرها . في نفس الوقت ، وهو ما يثير إستغراب العديد، تؤكد بن مهني أن حلمها الأكبر هو أن تصل تونس إلى مرحلةٍ تتميز بالتعايش السلمي بين مختلف التيارات الدينية والفكرية. من ناحيةٍ أخرى تقر المدونة لينا بقبولها لما أفرزته الانتخابات بإعتبارها تعكس إرادة الشعب. ولكن، بالتوازي، تقول أنها قاطعت صناديق الإقتراع لعدم ايمانها بمصداقية العملية الإنتخابية . في الحقيقة، من النادر جداً أن صادفت موقفاً يحمل في طياته هذا الكم الهائل من التناقض. كيف يمكن لإنسانٍ أن يكافح من أجل الحرية والتعايش السلمي ويحس بالضيق من تكاثر النساء المحجبات في آن واحد. أيضاً، هل من المعقول أن تقبل وتحترم إرادة الناخب لكنك تقاطع الانتخابات لعدم ثقتك بشفافيتها!!

مالذي يجري في ذهن لينا بن مهني؟!

وتستشهد المدونة ببعض أحداث العنف المتفرقة والتي قام بها “اسلاميون” لتبرير توجسها حيال صعود حركة النهضة وهيمنتها على المشهد السياسي التونسي

هل يجوز إختزال مواقف الحركة ومبادئها في تلك الأحداث ؟

ثم لماذا لا نصدق تصريحات قيادات النهضة برفضهم لأي شكل من أشكال العنف؟ أليس من الحكمة أن نفترض حسن النية وننتظر حتى يثبت العكس؟

ينم هذا التفكير في اعتقادي عن عدم قدرة هذه الفتاة على التخلص من التصنيف الثنائي الضيق لسلوك التونسيين . فإما أن نحمل أفكاراً دينيةً شموليةً أو نكون ليبراليين. هذا التناول السطحي للقضية لا يجدي نفعاً. يجب، في الحقيقة، أن تبنى تونس الجديدة على نموذج ايديولوجي ينبع من صلب الموروث الثقافي والإجتماعي حيث يركز على ما يجمع التونسيين ولكنه لا يتجاهل مواطن  الاختلاف. لذلك فلن يفيد البلاد ،حسب تقديري، إستيراد عبوات ديمقراطية جاهزة لا تعير إهتماماً لخصوصيات المجتمع التونسي. يجب أن لا ننسى أن العديد من الديمقراطيات الغربية صيغت لتوظف محلياً لا غير ، وهي لا تصلح في أذهان صانعيها للدول المتخلفة.

بالإضافة إلى ذلك، من المعروف أن تلك الديمقراطيات تكشر عن أنيابها ويسقط قناعها بمجرد تهديد مصالحها الإقتصادية والأمنية وتنخرط بعد ذلك في ممارسات لا تمت إلى الحرية بصلةٍ.

نصيحتي إلى هذه المدونة الشابة، التي ،رغم إنتقادي الشديد لمواقفها، احترم جهودها واتوقع حسن نيتها : إتخذي مواقفاً أكثر إنسجاماً وعمقاً وتذكري أنه
كلما زادت مدونتك شعبية، كبرت المسؤولية الملقاة على عاتقك. واحذري الانسياق وراء بعض الجهات التي يمكن أن تسعى إلى إحتضان المدونين وتوفير “الرعاية اللازمة” لهم