بتاريخ 12 أوت2011 و بإشراف منظّمة ”حريّة و إنصاف” و في ”دار سيدي جلّول” الجميلة ببنزرت، أقيمت سهرة رمضانيّة بعنوان ”متطلبات القضاء التونسي خلال المرحلة
الانتقالية” للممثلّة عن جمعيّة القضاة ” كلثوم كنّو”،قاضية التحقيق والكاتبة العامة لجمعية القضاة(عضوة سابقة بالهيأة كذلك). و ألقت القاضية محاضرة بالشّأن تلاها نقاش ثريّ حينا و ”متشنّج” حينا آخر.

متطلّبات القضاء التّونسي:

و هو تقرير من إعداد جمعيّة القضاة بالتّعاون مع المفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة قرأته السيّدة كنّو على الحضور. و تعلّق بالإصلاحات الضّروريّة التّي تراها الجمعيّة لقطاع القضاء خصوصا في الفترة الإنتقاليّة. وإن أدان التّقرير ترديّ أحوال القضاء و تبعيّته قدّم الإصلاحات الكفيلة بإصلاح هذه السّلطة و قد لخّصت على ثلاث محاور مركزيّة هي:

  • رفع الوصاية من السّلطة التنفيذيّة (بمافيه إطلاق يد النّيابة العّامة لتتبّع رموز النّظام البائد).
  • تطهير القضاء.
  • توفير الضّمانات و الحماية للقضاة لتمكينهم من مزاولة مهنتهم.
  • كما نادت بالإعلان عن حلّ فوريّ للمجلس الأعلى للقضاء المعيّن من طرف بن علي وانتخاب مجلس أعلى إنتقالي جديد. و وقف ما سمّته ”تآمر” وزارة العدل على القضاء و جمعيّة القضاة، داعية الوزير إلى إستشارة القضاة في امور مهنتهم و عدم تجاوزهم.

    تطهير القضاء:

    و قد شدّدت القاضية كنّو على هذا المبدأ قائلة بأن ذلك أساسيّ حتّي يصبح القضاء ”سلطة” على أرض الواقع. و ندّدت ببقاء رموز للفساد مع ما أشارت إليه من العثور وثيقة بالقصر الرّئاسي تحتوي قائمة ”القضاة اللذّين يمكن الإعتماد عليهم” و إمكانيّة إستخدامها كإثبات إدانة أوليّ. أمّا بعد تساؤل أحد الحضور عن ”إمكانيّة” هذا التّطهير وعمليّته أجابت بأنّ الجمعيّة لا تنادي بعزل المتورّطين فورا بل فقط بإبعادهم إحترازيّا خصوصا عن الخطط بالغة الأهميّة لحين إنتهاء الفترة الإنتقاليّة.

    سجال مع محامين:

    و قد تمحور أساسا حول رفض الجمعيّة لقانون المحامات و قد دافع المحامون الحاضرون، أحيانا بشراسة، عن المشروع واستنكروا رفضه من طرف جمعيّة القضاة. و في ردّها قالت كنّو أنّ جمعيّة القضاة رفضت مشروع القانون شكلا لا مضمونا. معلّلة ذلك برفضها المبدئيّ لأيّ إصلاح جزئيّ لفرع بالقضاء دون الفروع الأخرى. كما بيّنت رفض الجمعيّة للصّيغة الدّائمة للقانون المقترح و تفضيلها لإصلاح شامل وقتيّ في إنتظار الشّرعيّة الدّستوريّة المرتقبة بعد الإنتخابات. كما أضافت أنّ عدم إستشارة القضاة في فقرات القانون التّي تخصّهم من أسباب هذا الرّفض ضاربة مثلا عن فقرة ”تمنع القضاة المتقاعدين من مزاولة مهنة المحاماة”.

    وحدة مكافحة الإرهاب،العقربي و تحرّكات جمعيّة القضاة:

    في إجابات صريحة لأسئلتي، صرّحت كنّو بأنّ كلام الضّابط في وحدة مكافحة الإرهاب ”سمير الترهوني” عن سيناريو 14 جانفي في هذا التّوقيت بالتّحديد يمكن أن تكون ”تغطية” على هروب العقربي و إطلاق سراح التّكروني و غيرها إلّا أنّها أكّدت على إستحالة الجزم بذلك. و قالت أنّها متأكّدة من تورّط كلّ من الأمن و القضاء في حادثة هروب العقربي حيث حمّلت وكيل الجمهوريّة و وزير العدل مسؤوليّة عدم اتخّاذ إجراءات ”أكثر حزما” مع العقربي. أمّا عن التكّاري فقالت أنّ ملفّه أحيل على الدّائرة الصيفيّة التّي يترأسها قاض كانت يتعهّد بقضايا ”الإرهاب” و قد عاد من عطلة بشهرين و سيتقاعد خلال شهر من تاريخ إطلاق السّراح، متسائلة عن غرابة هذا الإختيار و مصرّحة كذلك بغياب الجرأة لقاضي التّحقيق الذّي لم يبتّ في طلب إطلاق السّراح خلال مهلة ال4 أيام.

    أمّا عن تحرّكات جمعيّة القضاة تجاه مطالبهم أجابت بتنظيمها لوقفات إحتجاجيّة و مسيرتها إلى القصبة رفقة الجماهير و الإضراب ليوم واحد و البيانات و غيرها من الأدوات.

    ثقافة الحوار…متدنّية:

    رغم رحابة صدر القاضية ”كلثوم كنّو” و إجابتها عن الأسئلة و الإتنقادات و كذلك دقّة و وجاهة أسئلة البعض إلّا أنّ بعض الحضور لم يتحلّو بأخلاق الحوار و أخذوا يلقون محاضرات عوضا عن أسئلة ثمّ بادروا بالخروج فور الإنتهاء منها و في ذاك إستخفاف وخروج عن الآداب و آخرون كرّسوا هذا التدنيّ أكثر من خلال تهجّمهم على شخصي بعد أن أشرت باقتضاب إلى وجوب توجيه أسئلة و إلى تدنّي ثقافة الحوار خصوصا البعض من المحامين الذّين لم يتوانوا على التّعقيب بفوضويّة بأنّي ألبس شورت و أذكر أنّ المحامي أحمد العبيدي مثلا كاد يدخل في عراك مع أحد المنظّمين من منظّمة حريّة و إنصاف بعد إصراره على أخذ الكلمة مرارا و تبرّم البعض.

    حوار ثريّ وطلب مساندة:

    رغم عرضها لمختلف تحرّكات جمعيّة القضاة دعت كنّو إلى تكاتف الجهود و توفير الدّعم الشّعبي لمطلب تصحيح مسار القضاء و حماية استقلاليته و النّداء موجّه لكلّ مكوّنات النسّيج المدني لكنّني أشجب تصريحها بأنّها لم تسجّل و لن تذهب لصناديق الإقتراع. كما أشكر منظّمة حريّة و إنصاف على هذه ”السّهرة” وأدعوها لمواصلة نشاطها و تطويره.

    فراس