المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة
بقلم معتز الدليمي،

تحية عطرة إلى كل إخواني و أخواتي في ربوع تونس من بنزرت الى اعماق الصحراء و ما وراء الكثبان.
أتابع و بكل قلق المسار الذي تتخذه مواجهة النهضويين مع مناهضي النهضة سواء على الإنترنيت ، مقياس حرارة الشارع التونسي ( بعد أن كان في وقت بن علي الملتقى السري لكل من ناهض فلسفة غرس الرؤوس في التراب للهروب من واقع أكثر من تعيس) أو حتى و لو ببراجماتية مخيفة في الشارع.

و هنا أريد أن أعبر عن رأيي أنا و الكثير ممن سيعرفون أنفسهم من “فرسان الإنترنيت” الذين هالهم هذا التحول المخيف الذي جلب بينهم رعاعا و “هوليقانز”و راكبي الثورة إلخ… و لا ننسى كثيرين ممن يتكلمون الآن بنفس لغة بن علي و لكن بلون الإسلام هرة المرة.

أتذكر جيدا تونس كما كانت قبل وقت ليس بطويل. تونس و الوطنية و الديموقراطية و حرية المرأة هي بن علي و بن علي فقط.بن علي كان العلامة المسجلة لكلّ تلك القيم و من عارضه فهو خائن و رجعي و مناهض لحرية المرأة و للديموقراطية في آن واحد. الآن أرى الكثير من النهضويين يستعملون نفس اللحن: من عارضها فليس بمسلم أو على الأقل ليس بمسلم ذا تديّن. من يعارض النهضة و يجهر إحساسه هو علماني ( الصيغة الديبلوماسية لملحد) ذو إتجاه فكري غربي.
النهضة ليست رديفا للإسلام. الشيخ راشد الغنوشي الذي أحترم مسيرته ( على الأقل الرجل على عكس غالبية الشعب الساحقة لم يصفق و يمجد بل عُذِّب و نُفِيَ) يقدم نظرية لتطبيق الإسلام في عالم السياسة، أي إجتهاد يشكر عليه في بناء دولة حديثة ذات اتجاه إسلامي كما توجد أحزاب كاثوليكية في أغلب دول أوروبا بدون ان تدعو إلى إنشاء “ممالك” مسيحية.
إجتهاد راشد الغنوشي ليس الاول في العالم العربي فهي مسيرة طويلة لعمالقة الإسلام السياسي كالشيخ البنا في مصر و في تونس اتذكر الشيخ مورو الذي سبق الغنوشي في التنظير للإسلام السياسي. ما أريد إيصاله أن الغنوشي ليس أوّل و لا آخر من نظّر لرؤية حديثة و مطابقة للشريعة في آن واحد لدولة تحترم حرية كل فرد من أفراد مجتمعها بدون المساس بقدسية دين الأغلبية الساحقة للمجتمع التونسي.
و أنتم يا نهضويين لستم الغنوشي. أنتم يا نهضويين أعضاء حزب سياسي قد يكون ذو إتجاه مجتمعي تضامني ( و هذا مشكور) مثلكم كأحزاب في بلدان اخرى كحماس في فلسطين التي و أحزاب علمانية يسارية في أوروبا و امريكا اللاتينية و تركيا.
النهضة لم تكتشف النار و من إنتقدها يمكن ان يكون مسلما متدينا حتى و لا تناقض لهذا مع ذاك. و اليوم الذي سأسمع فيه إسم النهضة في المسجد سأكون أوّل من يطلب من الشرطة جلب من يتفوّه به و توقيعه إلتزاما بأحترام قدسية المساجد التي جعلت لتقديس الله و عبادته لا غير

قال تعالى : ” و إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا” سورة الجن آيه 18

هل يمكنكم هي تلك الحالة دعوتي بالكافر أو المرتد كما سمّى بعضكم من سوّلت نفسه و أنتقدكم؟ ما حزّ في نفسي أنّ أيًّا من قياداتكم لم ينهر أخوانه في الحزب عن هذا الإتجاه المنتظم في مواجهة أفكاركم. سيل منهرم من الشتائم و القذف و حتى التهديد في مواجهة شعب متخوف أصلا و له الحق في ذلك عند الرجوع بذاكرتنا إلى أواخر الثمانينات. السياسة في الإسلام مبدؤه صريح لا غبار عليه كما قال جلّ و تعالى :” و أمرهم شورى بينهم” صدق الله العظيم
فلا بديل عن الآخر و عن التشاور وإيجاد الحلول التوافقية. الاسلام السياسي ديموقراطي او لا يكون
إحترموا كتاب الله الذي تتكلمون بإسمه. و لا تكونوا مزبلة الجهلة و المنافقين و الطامعين و العميقين المكتوبين كما السعودية مزبلة الدكتاتوريات. تحدثوا مع قواعدكم الجماهيرية و وعّوهم لان تلك مسؤوليتكم. نريد أن نبني لأطفالنا تونس تليق بالتونسيين و لا وقت لدينا بهرة المشادات و الترهات التي لا تسمن و ا تغني عن جوع. كان من الأجدر بكم بناء برنامج إقتصادي و إجتماعي و حلول للتشغيل و جلب الإستثمارات و تطوير بنانا التحتية و و و إلخ من إحتياجات البلد التي لا أوّل لها و لا آخر. كان من الأجدر بكم إحتضان ممًًّن كانوا معكم في المنفى و السجون لأنهم هم أيضاً قالوا “لا”.

كنت أنتظر منكم أكثر مّما يمكنكم تقديمه و صراحة أداء حركة النهضة يضرّ بما يسمى تنظير الإسلام السياسي ربما لمدى طويل حتى.

أنتظر من بقية التونسيين التيقظ و التمييز ما بين ما تقدمه و تقدمه النهضة و ما قد ينشأ من نظريات أخرى إسلامية قد تكون أكثر بلورة فكريا و سياسيا و ذات قواعد مثقفة و مواكبة لمتغيرات الساحات الإقليمية، العربية الإسلامية و أخيرا العالمية.