المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة
احميده النيفر
بقلم احميده النيفر

بعد أن وقع تعييني في التوسعة الثانية للهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و التحول الديمقراطي تابعتُ بصورة مباشرة و بعناية أعمال الهيأة و نقاشها و ما انتهت إليه من وضع مشروع مرسوم مقترح لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي يؤسفني أن أعلن استقالتي من الهيأة و ذلك للاعتبارات التالية:

هيمنة جوّ حزبي استقطابي موجَّه يغلب عليه التفكير و العمل وفق اعتبارات ضيقة و احتكام إلى المزايدات لا تتيح لحضور الأشخاص المستقلين أي معنى بما يحوّل عضويتهم بالمجلس إلى مجرد حجة باهتة على توازن وهمي عاجز، في تقديري، عن تحقيق أهداف الثورة و الانتقال الديمقراطي.

التأكد بعد المناقشات الحادة التي أفضت إلى مصادقة أغلبية الهيئة العليا على مشروع المرسوم الخاص بتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي أن إقرار عدد من الفصول الأساسية جاء نتيجة حسابات سياسوية ما زالت تخضع لاعتبارات ما قبل الثورة و إلى ذهنية الوصاية و أنها لا تستطيع بذلك أن تضمن تحقق جانب أساسي من أهداف الثورة.

بروز واضح لنزعات أقلوية سلطوية تخشى أشد الخشية من مقتضيات التوجه الديمقراطي و تكابد بحكم ضعف تمثيليتها الشعبية من أجل نظام اقتراع على القائمات سيؤدي غالبا إلى مجلس تأسيسي بعيد عن الروح الوفاقية و المتطلبات المجتمعية و الدوافع الصميمية التي صنعت الثورة.

تجنب الخوض في القضايا المؤسِّسة لحياة سياسية سويّة من قبيل معالجة معضلة المؤسسات القضائية و الأمنية و الإعلامية و الدينية و ذلك بالانخراط في مزايدات لا تدل في الغالب إلا على سعي لتصفية حسابات قديمة مع ثقافة المجتمع و هويته و رفض لقدرتهما على التطور و الإبداع.

لهذا كلّه قررت أن أستقيل من عضوية الهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي و أدعو كل الزملاء الممثلين للبعد الوطني المستقل أن يراجعوا موقفهم من الهيأة و دورهم فيها حتى لا يكون لهم حضور يبوئهم موقع شهداء الزور.

كذلك أدعو الحكومة المؤقتة إلى استشارة شعبية و تشاور مع لجنة حكماء مستقلين لإقرار خيار أنسب لمستقبل البلاد يقيها الوقوع من جديد في براثن دكتاتورية أطراف ترفض التعدد و تمقت الاختلاف و تستخِفُّ، فيما تُـقدم عليه، بمقتضيات الانتقال الديمقراطي السليم.

تونس في 14-04-2011