الاحتجاجات الشعبية طالبت بالتشغيل ومحاربة الفساد (الفرنسية)
كانت الصحافة الناطقة بالإنجليزية أكثر جرأة في التطرق للاحتجاجات الاجتماعية التي رجت تونس وما زالت مستمرة فيها منذ نحو أسبوعين.

وانتقدت مقالات تناولت هذه التحركات الشعبية النموذج الاقتصادي والسياسي في هذا البلد الذي يوصف بأنه “بوليسي بامتياز” رغم أن تجربته التنموية تعد “مثالا يحتذى لدى صندوق النقد الدولي”.

موقع “مغرب إمرجنت” الإلكتروني جمع مقالات من الصحافة الإنجليزية تحدثت عن هذه الأزمة في محاولة لإماطة اللثام عن الأسباب الكامنة وراءها وتحليل أبعادها وتجلياتها.

تقول صحيفة لوس أنجلس تايمز في مقال تحليلي إن الصعوبات التي يتعرض لها الشباب العاطل عن العمل من خريجي التعليم العالي هي نتائج اختيارات في السياسات الاقتصادية.

وتعدد الصحيفة التي تمثل مرجعية الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية ما تسميه “الجراح الخمسة” التي أنشأها النموذج التونسي عظيم الشهرة لدى المؤسسات المالية الدولية.


بنت تونس إستراتيجيتها التنموية على قطاعات تعتمد عمالة غير عالية الكفاءة، على غرار النسيج والسياحة التي تستهدف أوروبيين من محدودي الدخل

خمسة جراح

أول هذه الجراح يكمن في أن تجربة التنمية في تونس تعاني من اعتماد مفرط على سوق واحدة في تعاملاتها التجارية وهي الاتحاد الأوروبي الذي لم يشهد نسق طلبه للسلع نموا موازيا للمعروض التونسي.

ثانيا، بنت تونس إستراتيجيتها التنموية على قطاعات تعتمد عمالة غير عالية الكفاءة، على غرار النسيج والسياحة التي تستهدف أوروبيين من محدودي الدخل، وهي قطاعات غير قادرة على استيعاب الوافدين الجدد من ذوي الكفاءات العالية بسوق الشغل.

ثالثا، الطلب على العمالة الكفؤة لم يتزامن مع رفع مستوى التعليم في البلاد. يذكر أنه خلال عشر السنوات الأخيرة ارتفع عدد طالبي العمل من حملة الشهادات العليا من 20% من نسبة القوى العاملة إلى أكثر من 55% في 2009.

رابعا، مناخ الأعمال في تونس لا يوفر حماية كافية للمستثمرين وخصوصا المحليين منهم بسبب غياب الشفافية واستقلال القضاء. هذا إضافة إلى أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة تمول بشكل ضعيف. ويقمع العاملان الأخيران المبادرة الفردية كما يقلصان الاستثمار الخاص وبالتالي يضعفان توفير مزيد من فرص العمل.

خامسا، تحد المعايير التقييدية التي تنظم دخول العمال إلى سوق الشغل، من عدد المنضوين داخل منظومة التأمين الاجتماعي.


(…) فإن كانت هذه الادعاءات صحيحة، يتساءل الناس أين ذهبت الأموال؟ من بين الإجابات التي يعطونها أنها تقبع في جيوب عائلة بن علي وشركائه

إحصائيات مغلوطة.. حكم مشكوك

من جهتها ذهبت غارديان البريطانية أبعد من ذلك في تحليلها قائلة إن الإحصائيات المغلوطة والحكم المشكوك هما سبب هذه الأزمة.

وتلامس حاليا نسبة البطالة المعلنة رسميا الـ13% بينما قد تكون هذه النسبة في الواقع مرتفعة أكثر من ذلك خاصة لدى خريجي التعليم العالي. وحسب دراسة حديثة، فإن 25% من الخريجين الذكور و44% من الإناث في مدينة سيدي بوزيد داخل البلاد عاطلون.

وتضيف الصحيفة أن العاطلين ضحية للنظام التعليمي الذي استطاع أن يوفر لهم إمكانيات لن يتمكنوا من استغلالها وانتظارات لن تحقق.

وتوضح غارديان أن النظام يبدو أنه بالغ في بياناته “الانتصارية” بشأن الإنجازات الاقتصادية. حتى وإن كانت هذه الادعاءات صحيحة، يتساءل الناس أين ذهبت الأموال؟ ومن بين الإجابات التي يعطونها أنها تقبع في جيوب عائلة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وشركائه.

بدوره يقول موقع ميديالاين المعلوماتي إن الاقتصاد التونسي مرتبط بشكل كبير بالسوق الأوروبية. ويضيف أن الاقتصاد نما بمعدل 5% خلال عشر السنوات الأخيرة، لكنها تباطأت في 2008 و2009، لأن الطلب الأوروبي تقلص.

ويتوقع صندوق النقد الدولي معدل نمو بـ3.8% هذا العام لكنها نسبة غير كافية لخلق مواطن شغل في هذا البلد. ويعتقد السكان أنهم لا يتقاسمون عائدات هذا النمو.


ترى الصحافة الناطقة بالإنجليزية أن صورة تونس النشيطة والجذابة قد كسرت بشكل جدي. هي بالنسبة لها “قصة نجاح” مغاربية نسبية، ونموذج اقتصادي وطريقة حكم تطرح أكثر من تساؤل

قصة نجاج نسبية

من ناحيتها تقول فايننشال تايمز إن الخبراء يرون أن الاقتصاد يجب أن ينمو أزيد من 3.8% الذي يتوقعه الممولون الدوليون، للهبوط بنسبة البطالة إلى حاجز 14%.

وحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، تضيف الصحيفة أن الصادرات نحو الاتحاد الأوروبي والسياحة وتحويلات التونسيين بالخارج تمثل موارد هامة للدخل، لكن تباطؤ النمو بأوروبا قد يؤثر سلبا على اقتصاد تونس.

واستنادا إلى هذه التحليلات، ترى الصحافة الناطقة بالإنجليزية أن صورة تونس النشيطة والجذابة قد كسرت بشكل جدي. وهي “قصة نجاح” مغاربية نسبية، ونموذج اقتصادي وطريقة حكم “تطرح أكثر من تساؤل”.

يذكر أن شرارة الاحتجاجات الاجتماعية اندلعت قبل نحو أسبوعين في مدينة سيدي بوزيد وسط تونس بعد إقدام شابين عاطلين عن العمل على الانتحار، لكن سرعان ما توسعت التحركات الشعبية إلى مدن أخرى في كل البلاد.
المصدر: الصحافة البريطانية+الصحافة الأميركية

الجزيرة