المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين

رد على وزير العدل التونسي

أوردت جريدة” الصباح”الصادرة بتاريخ 22 جويلية 2009 نقلا عن مداولات البرلمان التونسي ،ان وزير العدل السيد البشير التكاري قد قدم ردّا على تساؤل لأحد النواب يتعلق بما أطلق عليه تسمية “حق العودة للمهجّرين” لدى مناقشة تنقيح قانون دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال !! حيث قال “أن كلمة «مهجّر» ليس لها أي معنى قانوني ولا وجود لها في الواقع والدستور التونسي يمنع تهجير أو نفي المواطنين ويقر حق كل مواطن في العودة الى بلده وهي ميزة في الدستور تعود أصولها إلى أسباب تاريخية تتعلق بالحركة الوطنية “. وأضاف ” أن هناك مجموعة من الأفراد التونسيين المقيمين بالخارج هاربون من العدالة أفلتوا من أحكام قضائية صدرت ضدهم وآثروا البقاء خارج الوطن عوض ممارسة حقهم القانوني في الاعتراض على الأحكام الصادرة أو الانتفاع بالإجراء المتعلق بسقوط العقاب بمرور الزمن، مشيرا إلى أنهم تعمّدوا إخفاء ما تعلق بهم من أحكام وأسندوا لأنفسهم صفة المهجّر التي لا وجود لها في القانون التونسي”

وعلى خلفية هذا الادعاء فان المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين تعبر عن:

أسفها لمثل هذا التصريح وتعتبره تشويها للوقائع وتضليلا للرأي العام التونسي والعربي والدولي.

إن كلمة “مهجر” التي خلع عنها الوزير أيّ معنى قانوني يؤكدها وللأسف واقع الحال وتمارسها الجهات السياسية والإدارة التونسية في خرق فادح لدستور البلاد الذي يمنع فعلا تهجير أو نفي المواطنين.

إن المقصود “بالمهجرين” ليس كما ذهب إليه وزير العدل بل هو مئات التونسيين الذين اضطروا لمهاجرة البلاد والبقاء كرها في المهجر تجنبا للاعتقال والمحاكمة والسجن والتعذيب والمضايقة الإدارية بسبب أفكارهم أو انتماءاتهم أو أنشطتهم المعارضة .

إنها حقيقة على الأرض يدركها، داخليا، كل الشعب التونسي الذي يتشكل من عائلاتهم وأصدقائهم وزملائهم وجيرانهم، ولن يجدي إنكارها في إقناع أحد ما دامت حقيقة جلية للجميع . فوجود مأساة التهجير هذه حقيقة تشهد بها كل المنظمات والأحزاب والشخصيات الوطنية ،مثل، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات وهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات والجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين وجمعية حرية وإنصاف والجمعية التونسية لمقاومة التعذيب وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي التونسي وحركة النهضة وحركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي وحزب تونس الخضراء والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الخ . وتكفي مراجعة بيانات هذه المنظمات ووثائقها الإعلامية وتقاريرها للتأكد من وجود “مهجرين تونسيين” تطلق عليهم أيضا صفة “مغتربين” ويطالب الجميع بعودتهم.

أما خارجيا، فيشهد بهذه الحقيقة أكبر المنظمات الحقوقية الدولية وأكثرها مصداقية مثل منظمة “العفو الدولية” ومنظمة “هيومن رايتس واتش” و”الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان” و”الجمعية العربية لحقوق الإنسان” و”مراسلون بلا حدود” ، بما لا يدع مجالا للشك في وجود مئات من التونسيين المقيمين في المهجر كلاجئين “بصفتهم القانونية أو بغيرها”.

أما إذا شككتم أيضا في مصداقية تقارير هذه المنظمات فليس لنا إلا أن نحيلكم إلى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة لكي تطلعكم على الوثائق التي زودت بها هؤلاء “المهجرين التونسيين” الذين فروا من تونس إلى الجزائر وسوريا ودول إفريقية وآسيوية وأوروبية عديدة طلبا للأمن والحرية.

إن إنكار وجود “مهجرين تونسيين” من قبل وزير العدل ليست له أية مصداقية مثل إنكاره ممارسة التعذيب في محلات وزارة الداخلية واعتقالات تعسفية واقتحامات ليلية ومحاكمات غير عادلة وغير ذلك من الانتهاكات التي لم تعد في حاجة للبرهنة على وجودها.

الأسوأ من ذلك كله، مما لم يتعرض له السيد الوزير، هو تقييد الحصول على جواز السفر والعودة إلى الوطن بشروط الاستقالة السياسية والوشاية والقدح في الأحزاب والشخصيات المعارضة بما يتجاوز مجرد المنع من الحقوق أو مصادرتها بل إلى الإذلال و الإهانة والاحتقار وهو أمر مؤسف ثابت لدينا بالدليل.

أما في خصوص الزعم بأن هؤلاء “الهاربين” قد تعمّدوا إخفاء ما تعلق بهم من أحكام “فهذا كلام مردود لأنه ليس من مصلحتنا إخفاؤها أي الأحكام بعد أن استندنا إليها في طلب اللجوء بقتضى اتفاقية جينيف المصادق عليها من الحكومة التونسية، ونستند لها اليوم (في جانب طبيعتها السياسية الجائرة) للتعريف بمظلمتنا والمطالبة بحقنا في عودة كريمة وآمنة وشاملة تلغيها وتمحو كل آثارها الباطلة.

ونحن في “المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين” نعتقد أن نفي وجود مهجرين تونسيين لا يحل هذه المأساة التي لا تزال تشمل الالاف من التونسيين وعائلاتهم. وأن الحل لا يمكن أن يكون أمنيا أو قضائيا جزئيا، بل يجب أن يكون جادا ومسؤولا، يكفل عودة كريمة وآمنة لكل مهجر. واننا لنعبر عن استعدادنا للمساهمة الفعالة في طي هذه الصفحة المؤلمة نهائيا من أجل مصلحة تونس والتونسيين.

المكتب التنفيذي

باريس في 28 جويلية 2009

المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين