السيدة الفاضلة ليلى بن علي

السيرة الذاتية



 

Tunisie, Leila Ben ali


 

“… يحقّ للمرأة التونسية أن تعتزّ بأنّها تجاوزت اليوم مرحلة التحرير والمطالبة بالحقوق إلى مرحلة الشراكة الكاملة مع الرجل في تصريف شؤون الأسرة والمجتمع، وفي العمل السياسي…”

تبرز هذه العبارات التي جاءت على لسان السيّدة الفاضلة ليلى بن علي، حرم رئيس الجمهورية التونسية، المكانة المتقدّمة التي تحتلّها المرأة في تونس اليوم، هذه المكانة التي تجد في سيّدة تونس الأولى أبلغ تجلياتها وأبهى صورها.

فالسيّدة الفاضلة ليلى بن علي مثال للمرأة التونسية العصرية الآخذة بأسباب الحداثة والمتمسّكة بهويتها العربية الإسلامية والوفيّة لانتمائها الإفريقي والمتوسّطي.

وقد أدت تهيئة كل عوامل الحضور والتميّز للمرأة التونسية، منذ استصدار مجلة الأحوال الشخصية مباشرة بعد استقلال تونس سنة 1956، وصولا إلى تغيير السابع من نوفمبر 1987 وما رفد به هذا التشريع من إثراء وتطوير، إلى نقلة نوعية عميقة في أوضاع المرأة في تونس جعلتها تمثّل اليوم حالة متميّزة في محيطها الإقليمي والدولي. إذ بادر الرئيس زين العابدين بن علي بإجراء إصلاحات تشريعية وهيكلية لتعزيز المكانة الريادية التي تحظى بها المرأة في تونس، وكان من نتائج ذلك ضمان المساواة بين الجنسين والقضاء على كل مظاهر التمييز ضدّ المرأة وكل أشكال الإقصاء والاضطهاد الاجتماعي. وها أنّ المرأة التونسية تتمتّع بحرّيتها الشخصية وبالحق في المواطنة وترنو اليوم إلى الشراكة الكاملة مع الرجل في مواقع الإنتاج والقرار.

وأمكن تحقيق هذه المنزلة المتقدمة التي بلغتها المرأة في تونس بفضل ما جاء به المشروع المجتمعي للسابع من نوفمبر من توجه ثابت إلى ترسيخ حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة.

وأكدت السيدة الفاضلة ليلى بن علي هذا المعنى بقولها : “لقد أقام المشروع الحضاري للتغيير ثوابته الفكرية في مجال ترسيخ حقوق المرأة على مبدأ التواصل مع المد الإصلاحي، وارتقى بها إلى منزلة الخيار الاستراتيجي وأصبحت هذه الحقوق مكونا أساسيا من مكونات المفهوم الشامل لحقوق الإنسان، وجزءا لا يتجزأ من مشروع حضاري طموح” . وأضافت حرم رئيس الجمهورية “أنّ تعميق قيم الحداثة وترسيخها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أضحى من الحقائق الثابتة في مجتمعنا، وما فتئت هذه القيم تتنامى بفضل ما أصبحت تتمتع به المرأة من مكاسب لا تقبل التراجع، وحضور فاعل في مختلف المواقع والمؤسسات التنموية والمجتمعية” (أوت 2007 ).

إنّ شخصية السيّدة الفاضلة ليلى بن علي تتميّز بجملة من الخصال وتتحلّى بمجموعة من القيم أبرزها العطف على ضعفاء الحال والحُنُو على الطفولة المحتاجة.

وسيّدة تونس الأولى امرأة مثقّفة وعصرية شديدة التواضع، تردّد باستمرار أنها تريد أن تظلّ مواطنة تونسية كغيرها من المواطنات تمارس بنفسها العناية بالشؤون اليومية لأسرتها، تسهر على رعاية وتنشئة ابنها محمد زين العابدين وتحرص على أن تنمّي في ابنتيها سيرين وحليمة روح التعويل على القدرات الذاتية وتقديس العمل والاجتهاد، وتجذّر فيهما قيم التآخي والتراحم والتسامح.

وككلّ أمهات تونس، تحرص السيّدة الفاضلة ليلى بن علي على تنمية الإحساس لدى أبنائها بحب الوطن، وتعميق الاعتزاز بالانتماء الحضاري وبقيم الشعب التونسي الروحية والثقافية والاجتماعية دون انغلاق عن ثقافة العصر وقيمه الإنسانية المشتركة. وتجسيما لتلك القيم والمعاني قامت السيّدة الفاضلة ليلى بن علي رفقة كريمتيها بأداء مناسك الحجّ لموسم 2003.

إلا أن اهتمـام السيّدة الفاضلة ليلى بن علي، في المقـام الأول، بدورها كزوجـة وأم لا يمنعها من تخصيص جانب من وقتها للقيام بأنشطة اجتماعية وخيرية تكرّس لها جهودها دونما كلل في عطاء متواصل، بعيدا عن الأضواء. ولاغرابة في ذلك إذا ما علمنا أنّها منذ طفولتها نهلت من معين أسرتها قيم التكافل والتآزر الاجتماعي.


لقد ولدت السيّدة الفاضلة ليلى بن علي بتونس العاصمة لأسرة متعدّدة الأفراد كانت تقيم بقلب المدينة العريقة. وهي تحتفظ من طفولتها بذكريات محطات سعيدة. وبعد أن أتمّت بنجاح دراستها الثانوية بمعهد منفلوري لتعليم البنات بتونس العاصمة، التحقت بالتعليم العالي لمزاولة دراستها بكلّية الآداب بالعاصمة، حيث تحصّلت على شهادة في الآداب الحديثة.

لقد رسّخت فيها التربية التي تلقتها من أبويها والمتّسمة، في آن واحد، بالطابع التقليدي والتفتّح والتسامح، نزعة إنسانية وإحساسا مرهفا دفعاها دوما إلى حبّ الغير ومدّ يد المساعدة لمن يحتاج إليها. وبنفس المشاعر النبيلة، تنشط اليوم بحماس وإيمان متزايدين في ميدان العمل الاجتماعي، حيث ترعى العديد من الجمعيات الخيرية، مثل جمعية “SOS” لقرى الأطفال وجمعية “الكرامة” وغيرها من الجمعيات المهتمّة بالطفولة فاقدة السّند وبالمعوّقين.

ولئن تحظى جميع الفئات من مسنين وضعاف الحال وفاقدي السند والمرأة الريفية بالرعاية الفائقة للسيّدة الفاضلة ليلى بن علي ، فإنّ أصحاب الاحتياجات الخصوصيّة من المعوقين يحتلّون مكانة خاصة في قلبها وفي فعلها الاجتماعي.

وفي هذا الإطار تسعى جمعية ” بسمة” التي تشرف سيّدة تونس الأولى شخصيا على إدارتها إلى إسناد مجهود الدولة والرعاية الرئاسية الكبيرة لهذه الشريحة من المجتمع وذلك من خلال فتح أبواب الأمل وآفاق الاندماج الفعلي في دورة الإنتاج، وتوسيع دائرة فرص الشغل أمام أكبر عدد ممكن من المعوقين أو تمكينهم من بعث موارد الرزق والمشاريع الصغرى في إطار العمل للحساب الخاص.

وقد جسّدت هذا الأمل تظاهرةُ “تلي أمل” التي نظمتها جمعية بسمة ورعتها السيّدة ليلى بن علي سنة 2004 وكان الهدف منها بناء فضاء مفتوح للمعوقين مع عائلاتهم للتواصل والتعارف يجمع في نفس المكان خدمات متطوّرة كانت حلما بالنسبة إلى المعوقين.

وقد استجاب التونسيون لهذه المبادرة الخيّرة من خلال حجم التبرّعات التي قدّموها مساندة لهذا المشروع ليصبح واقعا ملموسا.
وترعى السيّدة الفاضلة ليلى بن علي وتنظّم تظاهرات مختلفة لصالح الأطفال الفقراء والأيتام تُلبّي من خلالها بعض ما يحتاجونه من خدمات تساهم في إدخال البهجة والفرحة على قلوبهم وتزرع فيهم ابتسامة الأمل والشعور بالانتماء إلى الوطن.

كما تشمل سيّدة تونس الأولى بعطفها المسنين، وكثيرا ما تؤدي إليهم زيارات في المراكز التي تُؤويهم لتخفف عنهم عبء السنين وتهوّن عليهم هموم الشيخوخة. وتتجه عنايتها أيضا إلى الأطفال الذين يواجهون صعوبات في حياتهم، فتستقبلهم في بيتها حيث توفّر لهم جوّا ملؤه الدفء والحنان.

وإذ تهتمّ بالغ الاهتمام باستمرارية نشاطها ونجاعته، فإنها تحرص بنفس القدر على الابتعاد به عن كل دعاية أو إشهار.

وتقديرا لجهود حرم رئيس الدولة في دعم الأسرة وفي النهوض بالعمل الاجتماعي الذي تقوم به، وقع تكريمها في ماي 2000 بإسناد الجائزة العالمية للأسرة إليها، واختيارها شخصية الأسرة العالمية لسنة 2000. كما نالت الميدالية الذهبية الممتازة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (12 أوت 2003) تقديرا لدورها في النهوض بأوضاع المرأة العربية. واختيرت من قبل مجلّة عالم المرأة الروسيّة واسعة الانتشار شخصية سنة 2003 لمساهمتها النشيطة في تطوير الحياة الاجتماعية والجمعياتية في تونس، إلى جانب دورها في المجالات ذات الصلة جهويا ودوليا مما يجعل من سيّدة تونس الأولى – كما جاء في حيثيات الاختيار – نموذجا للمرأة العربية المتميّزة والفاعلة في النهوض بأوضاع المرأة والأسرة عموما.

وأسندت أيضا إلى السيدة الفاضلة ليلى بن علي “جائزة السلم 2005″ لمؤسسة “معا من أجل السلم” ، وذلك تقديرا لحسها الإنساني الرفيع في القيام بمبادرات لفائدة الفئات الضعيفة وإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل اجتماعية والتزامها القوي بالعمل من أجل دعم مكانة المرأة العربية.

وتسلّمت السيدة الفاضلة ليلى بن علي في 9 فيفري 2008 الوسام المرصّع “مالفين جونس” لجمعية “أندية الليونس الدولية” اعترافا بجهودها في مجال الخدمات الاجتماعية وتقديرا لعملها الإنساني لفائدة الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية.

كما أُسند إلى حرم رئيس الدولة درع المنظمة العالمية للنساء صاحبات الأعمال (12 أوت 2006)، والدرع الذهبي لمنظمة المرأة العربية (25 مارس 2008)، تقديرا لجهودها المتواصلة من أجل دعم المرأة العربية والارتقاء بها.

ويستمد هذا التقدير والتكريم الدوليين لسيّدة تونس الأولى وجاهته وشواهده مما تقوم به السيّدة ليلى بن علي من أعمال جليلة لصيانة الأسرة ترجمة لقناعتها الراسخة بأنّ الأسرة تبقى أساس كل بناء اجتماعي سليم ومتوازن، وهي ما تنفكّ تدعو إلى بذل مجهود أكبر من أجل تفعيل دور الآباء والأمهات، حتى يُضحّوا بالمزيد من أوقاتهم لصالح أولادهم ويكونوا لهم حصنا منيعا .. ضدّ كلّ الظواهر السلبيّة.

إنّ هذه الأنشطة، على ما تسخّره حرم رئيس الدولة لها من جهد ووقت، لا تُنسيها التزاماتها بصفتها سيّدة تونس الأولى. فالسيّدة الفاضلة ليلى بن علي غالبا ما ترافق رئيس الجمهورية في زياراته الرسمية للبلدان الشقيقة والصديقة. كما تصاحبه في الزيارات التي يؤديها سواء للأطفال المصابين بإعاقات بدنية أو ذهنية والأطفال الذين لا سند لهم، أو للمسنّين في الدّور والمراكز التي تُؤويهم.

وكثيرا ما تعود، بعيدا عن الأضواء ودون سابق إشعار، إلى أماكن هذه الزيارات لتتأكّد من أن ما تمّ اتخاذه خلالها من إجراءات وإصداره من تعليمات وتوجيهات قد تم تنفيذه وأن المساعدات التي أُقرت لصالح هؤلاء المواطنين المحتاجين إلى العون والرعاية قد وُزّعت عليهم فعلا.

كما تستأثر التظاهرات الاقتصادية والثقافية والرياضية النسائية باهتمام سيّدة تونس الأولى التي لا تبخل بالإشراف شخصيا على الكثير منها، منتهزة هذه المناسبات للإسهام في تحسيس المرأة التونسية بواجباتها ومسؤولياتها في دعم مسيرة التنمية الوطنية الشاملة، إلى جانب توعيتها بما تحقق لها من حقوق ومكاسب في شتى الميادين والمجالات.

ولا تترك السيّدة الفاضلة ليلى بن علي فرصة تمرّ دون أن تستثمرها لإبراز مشاركة المرأة التونسية النشيطة في إثراء حقوق المرأة وتعزيز مسيرتها التحرّرية في كل أنحاء العالم.

وقد كانت سيّدة تونس الأولى صوت المرأة العربية التي تعاني من التهميش، وذلك خلال مشاركتها في المؤتمر الأول لقمّة المرأة العربية سنة 2000، حيث أكدت بوضوح القناعة والرؤية التونسية بأنّه لا صلاح لأمّة بعضها مغيّب أو مهمّش، ولا نجاح لتنمية لا تكون المرأة شريكا فاعلا فيها .

نفس الوضوح والدقّة في التشخيص عبّرت عنهما السيدة الفاضلة ليلى بن علي لدى افتتاحها المنتدى العربي حول المرأة والسياسة المنعقد بتونس سنة 2001 حيث أكدت “نحن لا نبالغ اليوم إذا قلنا إن التردّد في تبنّي رؤية جريئة وواضحة لمنزلة المرأة في مجتمعاتنا العربية هو الذي كان عائقا كبيرا طوال القرن الماضي أمام تحقيق نهضتنا الشاملة”.

وتكريسا للبعد العملي الذي يميّز المشاركات التونسية في مثل هذه المؤتمرات تقدّمت سيّدة تونس الأولى بعديد المقترحات والآليات والحوافز من ذلك المطالبة بوضع خطة عمل عربية مشتركة تهدف إلى ترسيخ حقوق المرأة تشريعا وممارسة، وإحداث جائزة لأفضل إنتاج إعلامي عربي يخدم الصورة الإيجابية للمرأة في الأسرة والمجتمع.

وقد أكدت السيدة الفاضلة ليلى بن علي في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاستثنائي لقمة المرأة العربية الذي انعقد في 11 نوفمبر 2001 بالقاهرة ضرورة النهوض بمنزلة المرأة في الأسرة والمجتمع ضمن رؤية استشرافية تقوم على اقتناع راسخ بأنه لا سبيل لتحقيق التنمية الشاملة بدون مشاركة المرأة ولا مجال لإقامة مجتمع العدل والمساواة إلا بتخليص المرأة من رواسب التمييز والتهميش وتمكينها من حقوقها في النص والممارسة، مقترحة إحداث جائزة لأفضل إنتاج إعلامي عربي يخدم الصورة الإيجابية للمرأة في الأسرة والمجتمع.

ودعت حرم رئيس الجمهورية لدى تدخلها خلال أشغال المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية بعاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة أبوظبي في 27 ماي 2007 إلى تفعيل توصيات المنظمة بشأن الاهتمام بأوضاع المرأة العربية المهاجرة. كما اقترحت عقد ندوة حول المرأة العربية والفضاء الاتصالي المعولم خلال شهر مارس 2008.

وحرصا على ضرورة العمل على تمكين المرأة من النفاذ إلى تكنولوجيات الاتصال والمعلومات ومن انتاج المحتوى الرقمي وصنع المعلومة لكي تسهم مع الرجل في الحفاظ على توازن المجتمع واستقراره والمشاركة في رقيّه وازدهاره، دعت حرم رئيس الجمهورية لدى إشرافها على افتتاح أشغال منتدى المرأة العربية والفضاء الاتصالي المعولم الملتئم بتونس يومي 25 و26 مارس 2008 إلى توفير حظوظ متساوية للفتيان والفتيات للتدرج في مراتب التربية والتعليم والثقافة والتكوين والتشغيل والحضور الفاعل في الحياة العامة.

إنّ هذا الجهد متعدد الأوجه الذي تبذله السيدة الفاضلة ليلى بن علي على مختلف الأصعدة الوطني منها والعربي والدولي نابع من إيمانها العميق بأنّ “ما تعيشه البشرية في عصرنا من تطوّر متسارع في نوعية الحياة ونسق التنمية، لم يعد يسمح ببقاء المرأة معزولة عن الإسهام في خدمة مجتمعها والمشاركة في تقدمه وازدهاره، لأنّ حاضر الشعوب ومستقبلها لا يُبنيان إلا بالمرأة ومع المرأة، ولأنّ مناعة الأوطان ورقيها، لا يتمّان إلا بتقاسم البذل والجهد بين الرجل والمرأة في كل شؤون الحياة” (21 أفريل 2008′)

وتواصل سيدة تونس الأولى قولا وفعلا حفز المرأة التونسية ودعوتها إلى أن تبرهن دائما على أنها جديرة بالمنزلة الفضلى التي بلغتها وبشرف الريادة حتى تكون على الدوام عنصر بناء وقوّة وعطاء.


المصدر: موقع رئاسة تونس لمنظمة المرأة العربية

 

[NDRL] : Pour l’histoire et contre l’oubli. Voilà comment on glorifie Lalia Ben Ali Trabelsi par les instances arabes corrompues