لقرضاوي  واجه انتقادات من علمانيي تونس أثناء مشاركته في احتفال القيروان لم تكن زيارة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ
يوسف القرضاوي إلى تونس يوم الأحد الماضي بمناسبة الاحتفال بمدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، زيارة مرحبا بها من قبل العلمانيين الذين شنوا هجوما عنيفا على الحكومة.

فقد وجه
بعض العلمانيين سيلا من الاتهامات للحكومة بعد ترحيبها بالشيخ القرضاوي، مذكرين بهجومه على السلطات منذ أعوام على ما اعتبره انتهاكا للشريعة الإسلامية حول مسألة الحجاب.

وكان القرضاوي قد شنّ في السابق عبر بعض الفضائيات وفي بعض مؤلفاته هجوما عنيفا ضد النظام التونسي على ما اعتبره منع المسلمات من ارتداء الحجاب بحجة أنه “زي طائفي”.

ووصل الحد بالعلمانيين إلى درجة إمضائهم على عريضة نشرت على الإنترنت تحمل اسم “ضدّ القرضاوي”.

انتقادات محمومة

وأثار بث خطاب مباشر للقرضاوي في التلفزيون الحكومي أثناء افتتاح تظاهرة القيروان انتقاد عشرات الحقوقيين والصحفيين والممثلين التونسيين.

وأدلى القرضاوي عبر التلفزيون التونسي تصريحات جاء فيها أنه “من حسن اختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم (الإيسيسكو) أن تكون هذا العام مدينة القيروان العاصمة الإسلامية”، ملاحظا أنه بمجرد
دخوله هذه المدينة اشتم عبق التاريخ وريح الأصالة الإسلامية.

وأبدى الناقد السينمائي خميس الخياطي –وهو أحد المثقفين العلمانيين- امتعاضا كبيرا من ظهور القرضاوي على التلفزيون الرسمي، مستغربا في الوقت ذاته من حفاوة الترحيب الذي قابلته به الحكومة التونسية.

وقال للجزيرة نت إن انسياق الحكومة التونسية وراء بعض مظاهر “التزمت” يمثل خطرا على مكاسب العلمانية في البلاد، على اعتبار أن ذلك قد يتسبب في انجراف المجتمع وراء ما وصفه بالتطرف الديني.

وخميس الخياطي واحد من عشرات العلمانيين الذين يسعون إلى تأسيس جمعية للدفاع عن العلمانية، لكن الحكومة رفضت منحها الاعتماد القانوني.

وقد ندد الخياطي بشدة بموقف الحكومة من استقبال القرضاوي دون مطالبته بتقديم “اعتذار” عما أسماه تكفيرا لرموز الدولة وعلى رأسهم الرئيس الراحل لحبيب بورقيبة.

من جهته استغرب سفيان شورابي -وهو صحفي في جريدة “الطريق الجديد” اليسارية المعارضة- الترحيب الرسمي بالقرضاوي من قبل الأجهزة الحكومية، معتبرا إياه من أشرس الإسلاميين عداء للحكومة التي اتهمها في كتاباته بالكفر والخروج عن صراط الإسلام، حسب قوله.

وأضاف “هناك مؤشر في اعتقادي على اتجاه جديد في صلب النظام التونسي بدأ يتغلغل بشكل سريع، وقوامه دعم ما يسمى بالإسلام المعتدل وذلك في مواجهة ما يسمى بالإسلام المتطرف الدخيل”.

مساندة وتأييد

ومقابل هذه الدعاوي ضد القرضاوي الذي يعتبر أحد أبرز رموز الاعتدال في العالم العربي، تشكل فريق مساند لزيارة القرضاوي يدعو إلى الاعتدال في الحكم عليه، قائلين إن زيارته تعد اعترافا مشهودا لما تمثله القيروان من إشعاع للحضارة الإسلامية.

رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية الممنوعة مرسل الكسيبي كان على رأس هذه الحملة بعدما أطلق أمس الخميس ما أسماه المبادرة الوطنية لنصرة القرضاوي على صفحات الموقع العالمي الشهير فايس بوك.

ودعا الكسيبي –وكان من المنتمين إلى حركة النهضة ويعيش الآن في المنفى- أنصار الفكر العلماني في تونس إلى إبداء حالة من التسامح وإحياء مناخات
الحوار ونبذ ما وصفه بالقطيعة والعصبية الفكرية.

وقال للجزيرة نت إن “هناك معطيات ثقافية
واجتماعية وسياسية جديدة بدأت في تونس”، موضحا أن “هناك بعض المراقبين يرصدون صحوة إسلامية عارمة تكتسح الشارع التونسي رغم بعض الإخلالات والعوائق التي تمرّ بها هذه الصحوة نتيجة حداثتها”.

خميس بن بريّك
للجزيرة نت