بعد الحكم بسجن الصحفي و المدوّن سليم بوخذير سنة نافذة بتهم “الإعتداء على البوليس و الأخلاق الحميدة و رفض الإدلاء ببطاقة هويته” قام اليوم عشرة من “رجال” البوليس السياسي بإختطاف المدوّن و الصحفي التونسي عبد الله الزواري من منفاه بمدينة جرجيس و اقتياده إلى مركز الشرطة و من ثم إخلاء سبيله بعد أن تم التحقيق معه بشأن الحوار الذي أجراه معه البرنامج الأسبوعي “بلا تأشيرة” لقناة الحوار الفضائية (شاهد الحوار على هذا الرابط) و الذي تعرض خلاله عبد الله لمحنة النفي القسري، أو ما يُسمى بالمراقبة الإدارية، التي فرضها عليه النظام بالجنوب التونسي بقرية الخريبة بأحواز مدينة جرجيس بعيدا عن زوجته و أبنائه القاطنين بتونس العاصمة و ذلك بعد أثنى عشرة سنة سجنا قضى منها سبع سنين في زنزانة انفرادية.

و على الرغم من الطوق الأمني المضروب حول منفى عبد الله الزواري – إذ تتداول على مراقبته ثلاث فرق بوليسية ليلا نهارا – و حرمانه من استعمال شبكة الأنترنت، بل و منعه من دخول مقاهي الأنترنت، فقد تمكن عبد الله من مواصلة نشاطه الصحفي على مدونته و على عدد من المواقع التونسية و العربية التي يزودها بمقالاته و شهاداته عن مأساة المساجين السياسين داخل السجن و خارجه. ميزة عبد الله تكمن في قدرته على تحويل الضعف إلى قوة، فإلى جانب تمكنه من إيصال صوته عبر الشبكة، فقد حوّل محل سكناه إلى “متحف لحقوق الإنسان” يعرض فيه الأدوات التي يستعملها المساجين في السجون التونسية للطبخ و الغسيل و التسلية. كما يعرض أرشيف محنته مع النظام البوليسي في تونس.

و إذا كانت مرتزقة شرطة الأنترنت في تونس قد تمكنت من قرصنة مدونة سليم بوخذير و إتلاف محتواها خلال شهر جويلية الفارط، فإن مدونة عبد الله الزواري قد تم حجبها في تونس على غرار العشرات من المواقع و المدونات الناقدة و الجريئة. و على ما يبدو فإن الهجمة الجديدة التي تشنها شرطة الأنترنت التونسية على المواقع و المدونات المغضوب عليها تتراوح بين الحجب و القرصنة والتخريب.

آخر ضحايا عمليات القرصنة و الإتلاف نجد موقع المظاهرة الألكترونية “بن علي يزي فك” الذي تمت قرصنته يوم 7 نوفمبر 2007، أي بمناسبة عشرينية التحول اللامبارك، و قد قام القراصنة بتخريب ملفات صور المتظاهرين و ملف التغطية الإعلامية التي لاقتها المظاهرة. أما موقع نشرية تونس نيوز فقد تم قرصنته يوم 5 ديسمبر 2007 و فسخ أرشيفه الذي يرصد تحركات المجتمع المدني التونسي منذ سبع السنوات.

فإلى جانب سياسة الرقابة التي تعاني منها بعض المواقع و المدونات، هناك مشكلة القرصنة و التخريب اللذين باتا يشكلان تهديدا شبه يومي يترصد بآخر معاقل الكلمة الحرة على الشبكة التونسية إذ تمت قرصنة العديد من المواقع المستقلة التونسية و المدونات الشخصية و مواقع الأحزاب السياسية المعارضة حتى تلك المعترف بها كموقع الحزب الديمقراطي التقدمي الذي قـُرصن أكثر من مرة، و كذا الحال بالنسبة لموقع المؤتمر من أجل الجمهورية الذي اختـُرق خلال شهر سبتمبر الماضي . نفس الشيء بالنسبة لعدد من مدونات القاضي و المدون مختار اليحاوي آخرها قرصنة مدونة “مراقبة تونس” التي يديرها و التي تمت في شهر جويلية.

و قد تمت محاولة إختراق و قرصنة مدونتي فكرة و مدونة صدربعل و موقع نواة الذي ضرب مرة أولى سنة 2004 و أجبر مديروه على إعادة تصميمه ثم اختـُرق عدة مرات آخرها سنة 2007 .

أما آخر ضحايا سياسة الحجب فإننا نجد مدونة عبد الله الزواري التي تم حجبها في شهر سبتمبر و مدونة معز الجماعي التي حُجبت في شهر أكتوبر 2007 و كذا مدونة سفيان الشورابي. ثم مدونة نادر التي حجبت يوم السابع من نوفمبر، و مدونة فري راس التي حجبت منذ ما يـُناهز الأسبوع.

و ينظم المدونون التونسيون يوم 25 ديسمبر “يوم التدوينة البيضا” و هي حركة إحتجاجية رمزية على حجب المواقع و المدونات في تونس. و مع احترامي الكامل لهذه المبادرة و مساندتي التامة لمُطلقيها و تضامني مع الإخوة المدونين الذين تم حجب مدوناتهم، فإني لا أعتقد أن الصوم عن التدوين لمدة يوم ينفع في وجه آلة الحجب التونسية بل قد يكون العكس أجدر. أي مزيدا من التدوين الناقد و إطلاق لعنان الكلمة الحرة.
إن ما يزعج حقا ساسة الصمت و أباطرة التعتيم الرسمي التونسي هو الكلام. لهذا سأشارك في يوم التدوينة البيضاء، لكنني سأتكلم.

سامي بن غربية

8 ديسمبر 2007

مدونة فكرة

ملحق

تفصيلات

بقلم عبد الله الزواري

8 ديسمبر 2007

بسم الله

يوم الاثنين الماضي 3 ديسمبر أعلمني أحد الأعوان المكلفين بمراقبتي بأن رئيس مركز الأمن بحاسي الجربي(الذي أرجع إليه بالنظر) يدعوني للحضور لديه، فأجبته بالقول: يبعث استدعاء حسب القانون و أنا على استعداد للذهاب إليه… ولم يبعث الاستدعاء فلم أذهب…

يوم الاربعاء قدم نفس العون المكلف بمراقبتي قائلا هذه المرةكإن رئيس المنطقة( أي منطقة الأمن الوطني بجرجيس و هو الرئيس المباشر لرئيس مركز الأمن بحاسي الجربي) و كانت نفس الإجابة: ضرورة بعث استدعاء للذهاب إليه…

ولم يبعث استدعاء و لم أجب الدعوة…

اليوم الجمعة و عند الساعة الواحدة زوالا( و هي الساعة التي يعرفون أنني أغادر فيها البيت للذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة استعدوا لإيقافي.. و رغم علمي المسبق بتواجدهم في ” الحي” فإني خرجت في الوقت المعتاد و عند بلوغي الطريق المعبد وجدت ثلاثة سيارات

* سيارة دفع رباعي ميتسوبيشي يقودها في العادة رئيس فرقة الإرشاد
* سيارة كليو على ملكية رئيس مركز الشرطة بحاسي الجربي
* شاحنة بيضاء تعود إلى وزارة الفلاحة و هي على ذمة أعوان الأمن المكلفين بمراقبتي

كل الأعوان في زي مدني…

و مباشرة عند بلوغي الطريق المعبد أسرعت السيارة رباعية الدفع و التي كان يقودها عون الأمن المدعو “فتحي عبدالكبير” و قفوا قربي و نزلوا و طلبوا مني الركوب معهم..

طلبت الاستظار بالاستدعاء…

و كانوا في غاية الوضوح: ليس لديهم استدعاء، و ليس لهم أي مشكلة معي، لكنهم مأمورون باصطحابي إلى مركز الأمن و أن هذه تعليمات مطلوب تنفيذها….استعرضت معهم ما يقول القانون و ان عملهم هذا مخالف له… و عندما طال الحيث، أكرهوني على الركوب معهم…

و في مركز الأمن بحاسي الجربي

حضر رئيس المنطقة و رئيس فرقة الإرشاد و رئيس المركز و تولى الحديث من الأول إلى الآخر رئيس المنطقة بوصفه المسؤول الأول

قال: كان لك حديث في قناة الحوار اللندنية يوم 25 نوفمبر الماضي؟؟

* نعم

* هذا حديث كله أكاذيب و افتراءات و مغالطات

* ذاك حديث كلها حقائق بالحجج الثابتة و الشهود و الوقائع..

* هذا تنشويه لصورة البلد

* الذي يشوه البلد هو الذي يقوم بذلك و يفعله و ليس الذي يتحدث عنه

ثم غير الموضوع فقال:

* لماذا بعثنا لك فلم تحضر

* طالبت باستدعاء حسب ما ينص عليه القانون

* علموكم 4 كلمات تقولونها في محلها و غبر محلها

* الحديث معي الآن خارج الوقت الإداري غير قانوني

* أنا أستاذ في القانون و مجتهد فيه، هناك حالات تلبس و حالات ملاحقة و حالات تحري و حالات مختلفة في بعضها استدعاءات و في البعض الآخر ليس هناك استدعاءات..

* أنا اعتبر كل دعوة للمركز تستوجب استدعاء

غير الموضوع من جديد و قال:

* ما يهمك أنت في الشأن العام حتى تقول ( و قرأ هذه الجملة من ورقة) المشهد السياسي في تونس بزداد انغلاقا و اسودادا و انسدادا و القمع لم يطل الإسلاميين فقط بل طال كل الوطنيين….

* نعم هذا رأيي..

* هل أنت جهة رسمية لتتحدث عن المشهد السياسي في تونس أو حزب أو جمعية؟؟؟

* هذا رأيي كمواطن تونسي و كعضو في جمعية..

* أي جمعية؟؟؟

* الرابطة,

* لا تحدثني عن الرابطة ..هذه مجمدة..

* ……………..
*
مطلوب منك أن تكف عن الحديث عن الشأن العام و تتحدث عن نفسك فقط

* كل مواطن من حقه أن يتحدث عن الشأن العام

* تمضي على هذا التنبيه؟؟؟؟

* هل تعطيني منه نسخة؟؟؟

* لا

* إذن كيف تريد أن أمضي على تنبيه لا تمكني من نسخة منه…

و انتهى الموضوع بالشكل المذكور…

عادرت مركز الأمن بحلسي الجربي على الساعة النانيةو45 دقيقة تقريبا..

هذا ما تم اليوم تفصيلا

عبدالله الزواري