الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان


خصم عنيد

الإنترنت والحكومات العربية

أغلبية المواقع المحجوبة هى مواقع مجهولة الهوية تهدف إلى تحطيم وتشويه السمعة الشخصية للأفراد وتتضمن تهديدات صادرة من منظمات إرهابية.. والحجب يأتى من رغبة الحكومة فى حماية الشعب من الحض على الشر.


أسامة رمضانى، المدير العام لوكالة الاتصالات الخارجية التونسية

تعليق أمام لجنة حقوقية دولية حول قيام السلطات بحجب المواقع الإخبارية والحقوقية فى تونس

نظرة عامة

للوهلة الأولى تبدو تونس دولة عربية عصرية، تطبق مبادىء الليبرالية والاقتصاد الحر وتعطى المرأة الكثير من الحريات والحقوق التى لا تتمتع بها نظيرتها فى أى دولة عربية، ولكن تحت هذا السطح البراق تختفى حقيقة نظام حديدى تعود جذوره لأيام “الحبيب بورقيبة” الرئيس التونسى الأول بعد فترة الاحتلال الفرنسى، وهذا النظام ازدهر على يد إدارة الرئيس الحالى “زين العابدين بن على” الذى وصل للسلطة بانقلاب سلمى على بورقيبة عام 1987 وأوشك أن يكمل عشرين عاما فى السلطة التى يسيطر عليها بكل قوة مع حزبه “التجمع الدستورى الديمقراطى” الحاكم.

الاتصال بشبكة الانترنت

وفى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تسعى تونس بكل الوسائل لنشر هذه التكنولوجيا على أوسع نطاق بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، وتتخذ هذه الوسائل أشكالا متعددة بداية من إصدار قانون جديد للاتصالات يهدف لتنظيم قطاع الاتصالات وتكريس الانفتاح على القطاع الخاص، ومرورا بإنشاء الهيئة الوطنية للاتصالات، وتحرير السوق التونسية للاتصالات للمنافسة الحرة (1).

أيضا قدمت الحكومة التونسية بعض المبادرات الهامة لنشر الثقافة الرقمية كان من أبرزها انطلاق المشروع الرئاسى للحاسب العائلى فى ابريل 2001 وهو المشروع الذى أتاح لعديد من الأسر ذات الدخل المحدود امتلاك جهاز كمبيوتر بتسهيلات ميسرة، وهذا البرنامج أسفر عن بيع أكثر من 42 ألف جهاز كمبيوتر حتى عام 2004 (2)، بالإضافة إلى ذلك تفخر الحكومة حاليا أن نسبة الارتباط بشبكة الانترنت فى الجامعات، ومختبرات البحث العلمى، والمدارس الثانوية، والمدارس الابتدائية (فى نهاية 2006) قد بلغت 100% (3)، وهو ما يعنى إمكانية اتصال كل الموجودين من طلبة ومعلمين داخل هذه الهيئات بشبكة الانترنت.

وقامت تونس أيضا بتأسيس “مدينة تكنولوجيا المواصلات” فى ضاحية غزالة بجوار العاصمة التونسية وهى المدينة التى تضم مؤسسات تقنية المعلومات والاتصالات ومنها المجمع التكنولوجى للمواصلات، ومركز تنمية الاتصالات، والوكالة التونسية للانترنت، وقد اعتبرت الحكومة أن هذه المدينة “نموذج” من بين 64 مركزا للابداع التقنى فى العالم، كما تسعى الحكومة إلى افتتاح مقهى للانترنت فى كل قرية خلال السنوات الخمس المقبلة، بالإضافة إلى تقديم منح للشبان الراغبين فى إنشاء مشاريع فى مجال تكنولوجيا الاتصال (4).

وفى مجال الاتصالات ترصد إحصائيات وزارة تكنولوجيات الاتصال أن عدد المشتركين فى خدمة الهاتف الثابت التى تحتكرها “التونسية للاتصالات” بلغ مليون و 262 خط فى يوليو 2006، وأن عدد المشتركين فى شبكة الهاتف الجوال (الذى تقدم خدماته شركتين هما “التونسية للاتصالات، و “تونيسيانا”) بلغ 6 مليون و 477 خط، أما عدد أجهزة الكمبيوتر فى تونس فقد بلغت 568 ألف جهاز وفقا لإحصائيات عام 2005 (5).

وترصد إحصائيات “الوكالة التونسية للانترنات” وهى الهيئة الرسمية المسئولة عن تزويد خدمات الانترنت فى تونس فى أحدث أرقامها المنشورة أن عدد المشتركين فى خدمات الانترنت تجاوز 109 ألف مسترك، وأن عدد المستخدمين بلغ مليون و 148 ألف مستخدم، وأن عدد عناوين البريد الالكترونى المسجلة تزيد قليلا عن 164 ألف عنوان بينما بلغ عدد المواقع التونسية على شبكة الانترنت 4566 موقعا (6)، وذلك مع الأخذ فى الاعتبار أن عدد سكان تونس يبلغ حوالى 10 ملايين مواطن.

الفارق الكبير بين عدد المستخدمين وعدد عناوين البريد الالكترونى الذى يعتبر من الخدمات الأساسية لمستخدم الانترنت يعنى ببساطة أن غالبية المستخدمين فى تونس لا يفضلون الحصول على حساب بريدى من مزود الخدمة المحلية، ويفضلون الحصول على حسابات من مواقع الخدمات المجانية العالمية للابتعاد قدر الإمكان عن الرقابة الحكومية.

فى عام 1991 كانت تونس أول بلد عربى وافريقى يرتبط بشبكة الانترنت العالمية، ولكن دخول الشبكة على المستوى الواسع بدأ منذ عام 1996 مع إنشاء “الوكالة التونسية للانترنات” التى أوكلت إليها مهمة التصرف فى خدمات الانترنت وتكنولوجيا الشبكات وحسن استغلالها وتسويقها (7)، وتقول الحكومة أن شبكة الانترنت حاليا تغطى كامل البلاد، ويمكن الاشتراك فى خدماتها المختلفة عن طريق 12 مزودا للخدمة بينهم 7 شركات لتزويد المؤسسات والهيئات العامة وخمس شركات خاصة لتزويد السوق بالخدمة (8) ولكن جميع الشركات ترتبط بالشبكة العالمية من خلال “الوكالة التونسية للانترنات” بما يعنى أن الوكالة الحكومية قادرة على مراقبة كل تداول للمعلومات يتم عبر الشبكة، الأمر الذى يعتبره المراقبون يؤدى لمردود سلبى ليس فقط على ثقة المستخدمين ولكن أيضا على اقتصاد خدمة المعلومات (9). كما أن اثنين من أكبر شركات تزويد خدمة الانترنت فى تونس يتولاها بعض أقارب الرئيس التونسى (10).

وتقدم الشركات حاليا خدمات الاتصال بالطرق العادية، كما تقدم خدمة الانترنت السريعة عبر خطوط DSL ، وهناك أسعار مخفضة للاشتراكات العائلية ضمن برنامج خاص واسعار مفتوحة للشركات والمواطنين، ويبلغ سعر الاشتراك العائلى فى خدمة DSL العائلية بسرعة 256k 25 دينار تونسى+20 دينار مصاريف التليفون (الدينار= 0.75 دولار)، أما الاشتراك المفتوح فيبلغ سعره 50 دينار شهريا بالإضافة إلى 20 دينار مصاريف التليفون للشهر الواحد (11). بينما يرصد أحد المواطنين أن سعر الاشتراك فى الخدمة العادية يصل إلى دينار ونصف أى ما يعادل 1 يورو وهو سعر مرتفع بالنسبة للمواطن العادى خاصة مع البطء الشديد فى سرعة الشبكة وانقطاع الاتصال المتكرر (12).

• الإطار القانونى

بعد بداية دخول الانترنت لتونس قامت الدولة بإصدار عدد من القوانين التى تغطى الوسيلة الجديدة للاتصال ووضع عدد من الأطر القانونية التى تعمل من خلالها، وتلاحق صدور القوانين والقرارات الوزارية لتحديد أطر عمل مقدمى خدمات الانترنت أو مستضيفى المواقع أو مقاهى الانترنت العامة، ورغم تميز تونس فى محاولة تغطية الفجوات التشريعية الخاصة بهذا القطاع إلا أن العديد من النصوص ضمن الإطار القانونى تمثل فى حد ذاتها قيدا على حرية التعبير وتداول المعلومات.

فى عام 1997 صدر الأمر الرئاسى رقم 501 بتاريخ 14 مارس 1997 والذى يتعلق بالخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات، وهى الخدمات التى حددها الأمر الرئاسى بأنها “الخدمات التى تستعمل شبكات الاتصالات والبرامج المعلوماتية لتقديم خدمات معينة لمعالجة ونشر معلومات ذات طبيعة ومصدر معلوماتى إلى المستعملين”، وهذا التحديد يجعل الأمر الرئاسى والقرارات الوزارية التالية تنطبق على شركات تزويد الخدمة، وشركات الاستضافة وكذلك مقاهى الانترنت العامة. وقد نص الأمر الرئاسى فى الفصل الأول على خضوع “إنتاج وتقديم وتوزيع وإيواء المعلومات …. لقانون الصحافة وللقانون المتعلق بالملكية الأدبية والفنية” (13) وهذه الفقرة تعنى بوضوح خضوع محتوى الشبكة لقانون الصحافة رقم 32 لسنة 1975 وجميع النصوص والتعديلات اللاحقة له.

ونص الأمر الرئاسى فى الفصل (12) على: التزام مزود الخدمة بتذكير مشتركى ومستعملى الخدمة “بمجموع الالتزامات والضغوطات الواجبة عليهم طبقا للتشاريع والتراتيب الجارى العمل بها”، وفى الفصل (13) على “احتفاظ وزير المواصلات بحق القيام بمراقبة احترام شروط واستغلال الخدمات بواسطة مساعدين مفوضين فى كل وقت وبأى وسيلة يملكونها” (14).

وفى الفصل (14) نص القرار على ضرورة وجود مدير مسئول فى الهيئات التى تقدم الخدمات، وأن هذا الشخص سيكون “مسئولا عن محتوى الخدمة المقدمة للمستعملين طبقا لأحكام قانون الصحافة” (15).

وبعد ثمانية أيام فقط من صدور هذا القرار الرئاسى صدر قرار من وزير المواصلات فى 22 مارس 1997 الذى يتعلق بضبط تعريفات الخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات.

وفى ملحق كراس الشروط الخاص بهذا القرار جاء فى الفصل الثامن ضرورة التزام مزود الخدمة بإعطاء “المتدخل العمومى” وهو فى هذه الحالة “الوكالة التونسية للانترنات” قائمة اسمية ممضاة ومختومة لكل المشتركين فى بداية كل شهر وفى موعد لا يتجاوز اليوم الثالث من الشهر الموالى لإعداد القائمة (16).

وفيما يتعلق بمحتوى الخدمة نص الفصل التاسع على أن المدير الذى يعينه مزود الخدمات والذى يقدم اسمه للمتدخل العمومى يتحمل المسئولية حول محتوى الصفحات وموزعى الواب الذين يقوم باستضافتهم فى أنظمته وذلك طبقا لأحكام قانون الصحافة. كما يكون المشتركون فى الخدمات والمالكون للصفحات والموزعين الذين تم إيواءهم مسئولين عن المخالفات لمقتضيات التشريع الجارى (17).

كما يلتزم المدير بضمان مراقبة دائمة لمحتوى الموزعين المستغلين من قبل مزود الخدمات حتى “لا يقع تمرير معلومات مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة”. ويجب عليه المحافظة تحت مسئوليته على نسخة من محتوى الصفحات ومن الموزعين الذين قام بإيوائهم وذلك فى شكل وثائق مكتوبة وعلى وسائط مغناطيسية مدة سنة بداية من تاريخ توقف إرسالها (18).

نصوص المسئولية الواقعة على المدير أو الشخص المسئول تجاه المحتوى أو الاستخدام تجعله فى أغلب الأحيان يقوم بنوع من الرقابة على المحتوى أو المعلومات التى يتم تداولها حتى لا يتحمل مسئولية ما يفعله المستخدم أمام الجهات المسئولة.

وفى شهر سبتمبر عام 1997 صدر قرار وزير المواصلات بضبط شروط استعمال الشفرة فى استغلال الخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات ونص القرار على ضرورة حصول كل مزود يرغب فى استقبال أو إرسال معلومات مشفرة على رخصة مسبقا تؤهله لاستخدام الشفرة، وللحصول على الترخيص يجب تقديم استمارة مخصصة لهذا الغرض بالإضافة إلى مجموعة المفاتيح المتعلقة بالتشفير محل الطلب، وإذا حصل على الموافقة فلا يمكن لمزود أو مستعمل الخدمة استعمال الشفرة إلا فى الأغراض والحدود المذكورة فى الرخصة، مع احتفاظ وزير المواصلات بحق سحب رخصة التشفير فى أى وقت إذا اقتضت ذلك حاجيات “الدفاع الوطنى” أو “الأمن العام” (19).

وهذا القرار تم تعديله من خلال الأمر رقم 2727 لسنة 2001 حيث تم تغيير شروط وإجراءات استعمال وسائل أو خدمات التشفير عبر شبكات الاتصالات وتحديد لجنة للموافقة على منح الترخيص من عدمه تضم مسئولين من وزارات أمنية إضافة إلى وزارة الاتصالات (20).

أما فيما يخص مقاهى الانترنت فقد صدر قرار وزارى مؤرخ فى 19 مارس 1998 وتبعه قرار آخر فى ديسمبر 1998، وقد استفاض القرار فى وصف شروط هذه المقاهى ومنها تخصيص مساحة لكل جهاز كمبيوتر لا تقل عن 2.5 متر مربع، وغيرها من الشروط التفصيلية، وقد اشترط هذا القرار ضرورة وجود صاحب الرخصة أو أحد معاونيه بصفة دائمة داخل المركز، كما اشترط “أن لا يوفر جهاز الحاسوب استعمالات أقراص مغناطيسية لينة”، مع توفير جهاز مخصص لعمليات “التسجيل” و”طباعة الوثائق” بشرط ألا يتم التسجيل أو الطباعة إلا من قبل صاحب الترخيص أو من يمثله (21).

ونص القرار على ضرورة التزام صاحب الترخيص بإعلام المستخدمين من خلال لوحة بارزة للعيان بالتزاماتهم ومسئولياتهم عن المخالفات لمقتضيات التشريع والتراتيب الجارى بها العمل وخاصة المتعلقة منها بمحتوى الخدمات (22).

ويبدو التضييق واضحا فى هذه الشروط التى تجعل صاحب المقهى أو المختص مسئولا مسئولية مباشرة عن أنشطة الزبائن على شبكة الانترنت، ورقيبا عليهم فيما يقومون بتصفحه أو تسجيله أو طباعته من داخل المقهى.

وهو ما يفسر شكاوى العديد من النشطاء التونسيين من التضييق عليهم اثناء استخدامهم للانترنت في تلك المقاهي.

وبالإضافة إلى هذه القوانين أصدرت تونس مجموعة من القوانين الخاصة بالتجارة الالكترونية مثل قانون رقم (83) لسنة 2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الالكترونية، وقانون رقم (57) لسنة 2000 المتعلق بالمصادقة الالكترونية والمعترف بالوثيقة الالكترونية ومجموعة القرارات المكملة لها (23).

وبعيدا عن قوانين الاتصالات المتخصصة، أصدرت تونس القانون رقم (75) لعام 2003 الذى عرف باسم قانون “مكافحة الارهاب” وهو القانون الذى اتهمه الحقوقيون باستهداف النيل من الحقوق الأساسية للمواطن والنشاط السلمى لمنظمات المجتمع المدنى والنقابات والأحزاب بذريعة مقاومة الارهاب، وضم القانون مجموعة من النصوص العنيفة التى يكون معها إبداء رأى أو استعمال شارة أو صورة أو شعار يرمز لشخص أو تنظيم أو الدعوة لمظاهرة أو اجتماع أو كتابة مقال سبا كافيا لتصنيف الفعل على أنه عمل إرهابى ويعاقب مرتكبه بمقتضى القانون الجديد (24).

الحجب والرقابة والمصادرة

تعرضت الأمم المتحدة لسيل من انتقادات منظمات حقوق الإنسان بسبب اختيار تونس مقرا لاستضافة القمة العالمية لمجتمع المعلومات وهى القمة التى استضافتها تونس بين 16-18 نوفمبر 2005، وارتكزت الانتقادات على سجل تونس السىء فى التضييق المنظم والمزمن على الحريات العامة وعلى حرية التعبير، ولكن “كوفى أنان” الأمين العام للمنظمة الدولية رد على الانتقادات أثناء مشاركته فى القمة بأن اختيار تونس يضعها تحت دائرة الضوء وهذا الأمر من شأنه مراجعة أوضاع حقوق الإنسان بها وبالتالى “إحراز تقدم” (25).

وكان من المستغرب اختيار الدولة المشهورة بعدائها للانترنت مقرا لانعقاد هذا المؤتمر الدولى، ورغم محاولات الحكومة التونسية تجميل صورتها أمام العالم فى هذا المحفل الدولى حيث قامت الحكومة بحملة إعلامية ضخمة نشرت خلالها العديد من الموضوعات التسجيلية مدفوعة الثمن فى الصحف العربية قالت فيها أن الثقافة الرقمية والتكنولوجيا هى ركيزة الديمقراطية فى تونس، وأنه بعد استعراض الجهود التى قامت بها الحكومة لنشر الثقافة الرقمية نصل إلى أن الواقع يشير إلى الانعكاس الإيجابى لهذه الحرية على المسيرة الديمقراطية التى تزداد تجذرا يوما بعد يوم داخل المجتمع التونسى (26)، ورغم هذه الجهود “الدعائية” إلا أن الطبع غلب التطبع، فحتى تحت “الأضواء” والحضور العالمى المكثف للقمة استمرت سياسات تونس القمعية، حيث تعرض عدد من الصحفيين والمراسلين للاعتداء والضرب، وتم منع “روبير مينار” رئيس شبكة “صحفيون بلا حدود” من دخول البلاد أصلا ولم يسمح له بمغادرة مقعده على الطائرة، أما الندوة التى كانت مقررة لمناقشة حرية التعبير فقد تعرضت لمشاكل عدة الأمر الذى دفع بعض المشاركين لاتهام السلطات التونسية بعرقلتها (27)، وهذه المواقف تعطى أبلغ دليل على تعامل السلطات التونسية مع حرية التعبير وحق تداول المعلومات.

تضم القوانين التونسية العديد من النصوص التى تكفل حرية التعبير والحقوق الأساسية، حيث ينص الدستور فى الفصل (5) على “ضمان الجمهورية التونسية الحريات الأساسية وحقوق الإنسان فى كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها” كما أنها تضمن “حرمة الفرد وحرية المعتقد….ما لم يخل بالأمن العام”، وينص الفصل (8) من الدستور على “حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس الجمعيات مضمونة وتمارس حسبما يضبطه القانون” (28).

وفى كلمته فى افتتاح القمة العالمية لمجتمع المعلومات قال الرئيس “زين العابدين بن على” “نرجو أن تؤسس قمة تونس لمجتمع المعلومات إطارا تتكافأ فيه فرص الاستفادة من مزايا تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ويمكن الجميع من النفاذ إلى مصادر المعرفة والمعلومات” (29) وفى برنامجه الانتخابى للرئاسة عام 2004 أكد “بن على” على حق المواطن فى التمتع بخدمة الاتصالات وتأمين سريتها مع وضع الآليات الكفيلة بتمكينه من ممارسة هذا الحق (30).

ولكن هذه النصوص والكلمات جميعا لا تجد مجالا للتطبيق على أرض الواقع التى تشهد حصارا وتضييقا وحجبا للمواقع وبخاصة السياسية والمعارضة منها ويصل الأمر فى الكثير من الأحيان للاعتقال والسجن.

ويرصد مواطن من الداخل الوضع قائلا أن الحجب موجود ويطول بالأساس المواقع السياسية مثل مواقع الأحزاب المعارضة ورابطة حقوق الإنسان التونسية والصحف الالكترونية التونسية مثل (كلمة، نوات، تونس نيوز) وغيرها، بالإضافة لموقع قناة العربية، ويصل الأمر إلى حجب كل المواقع غير المرغوب فيها من قبل الحكومة، وغير المرغوب فيها يعنى المختلفة عن الرؤية الرسمية للدولة بما فى ذلك مواقع بعض الأحزاب الشرعية.. فما بالك بالأحزاب غير المعترف بها؟ (31).

وكشفت دراسة تم إعلانها ضمن فعاليات مؤتمر القمة العالمى أن نسبة المواقع المحظورة فى تونس بلغت 10% من بين 2000 موقع اختبرها القائمين على عمل الدراسة، وأن غالبية المواقع المحظورة هى مواقع معارضة سياسية أو مواقع حقوق الإنسان أو بعض المواقع الإباحية (32).

وقد أكد تقرير تقرير المجموعة التونسية لمراقبة حرية الرأى والتعبير لما بعد القمة العالمية لمجتمع المعلومات 2005 الصادر فى مايو 2006 استمرار حجب موقعين على الأقل من مواقع أعضاء مراقبة حالة حرية التعبير فى تونس، وهما موقعى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان www.hrinfo.net وموقع www.amisnet.org ورغم ذلك أصر “أسامة رمضانى” المدير العام لوكالة الاتصالات الخارجية التونسية أن “أغلبية المواقع المحجوبة هى مواقع مجهولة الهوية تهدف إلى تحطيم وتشويه السمعة الشخصية للأفراد وتتضمن تهديدات صادرة عن منظمات إرهابية” وأن الحجب يأتى من “رغبة الحكومة فى حماية الشعب من الحض على الشر” (33).

وفى نفس التقرير شكت “نايلة شرشور حشيشة”، مؤسسة حزب الأحرار المتوسطي (تحت التأسيس) من حجب موقع الحزب بعد نشره بياناً صادراً عن حركة 18 أكتوبر. وقد رفع الحجب عن موقع الحزب فقط عندما نشرت عنه الخارجية الأمريكية. إلا أنهم عادوا وحجبوه مرة أخرى مؤخرا (34).

وإضافة إلى حجب المواقع، شكا العديد من النشطاء الذين قابلوا البعثة من عدم توفر خدمة الانترنت لديهم، وعلى الرغم من امتلاك بعض المنظمات لخط رقمي باشتراك DSL مازالوا لا يتمكنون من تصفح أي من المواقع الإلكترونية بجهازهم. وقد حاول بعض أعضاء بعثة إعداد التقرير الدخول على الانترنت من مقر المجلس الوطنى للحريات بتونس، وفشل في تصفح أي موقع إلكتروني، وقد شكا كل من رؤساء تحرير جريدة الموقف رشيد خشانه و نايلة شرشور حشيشة من نفس الأمر (35).

ويطول الحجب مواقع إخبارية عامة غير متخصصة فى الشأن التونسى مثل موقع “العربية نت” الذى قامت السلطات بحجبه نهائيا فى تونس اعتبارا من 12/11/2005، وتواكب الحظر مع صدور قرار يقضى بمنع ذكر اسم الموقع فى أى جريدة تونسية (36)، وبالمثل قامت السلطات بحجب موقع “دنيا الوطن الإخبارى عام 2004 لأسباب غير معروفة (37)، أما أحدث حالات حجب المواقع الاخبارية فقد طالت موقع “المصريون” وهو موقع إخبارى مصرى الذى حجب نهائيا عن المتصفحين فى تونس بدءا من 15/7/2006 دون أى توضيح لأسباب قرار الحجب، وقد جاءت هذه الخطوة بعد ثلاثة أيام من نشر الموقع تقريرا حول اكتشاف الانتربول ليخت فرنسى مسروق فى ميناء تونسى لدى صهر الرئيس زين العابدين بن على (38).

وترفض الحكومة التونسية الاعتراف برقابتها على شبكة الانترنت وتصر على القول إنها لا تحجب سوى الواقع الإباحية أو المواقع الإرهابية، ولكن الواقع يكذب هذه الإدعاءات خاصة مع محاولات تونس تجميل صورتها فى المحافل الدولية فقد قامت السلطات برفع الحجب عن عدد من المواقع التونسية المعارضة قبل أيام من انعقاد القمة العالمية للمعلومات، وشمل قرار فك الحجب موقع جريدة “كلمة تونس” www.kalimatunisie.com الذي تديرها الحقوقية “أم زياد” وموقع “تونزين” www.tunezine.com وهو الموقع الذى أسسه الراحل “زهير اليحياوى” أشهر سجين انترنت فى تونس وقد أعلن الموقع إغلاقه فى بيان على الصفحة الرئيسية له، وأيضا موقع “الحزب الديمقراطى التقدمى” www.pdpinfo.org وموقع “ماى تونزى” وهى المواقع التى ظلت محجوبة طوال أربعة أعوام كاملة (39).

ومع ذلك فقد ظل الحظر قائما حتى أثناء انعقاد القمة العالمية للمعلومات على بعض المواقع المعارضة الأخرى مثل “البوابة” www.fdtl.org التابع لحزب التكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات وهو حزب شرعي، وموقع “النهضة نت” www.nahdha.net التابع لحركة النهضة الإسلامية المحظورة، وموقع “البديل” www.albadil.org التابع لحزب العمال الشيوعى المحظور (40).

كما ظل الحظر قائما على الموقع التونسى الشهير المعارض فى المهجر وهو موقع “تونسنيوز” www.tunisnews.net الذى ينشر منذ عام 2000 كل مايتعلق بتونس كما قال المسئولين عنه، والذين لا يرغبون فى الكشف عن هوياتهم، وقد تجاوز هذا الموقع الحجب الرسمى عن طريق تحويله إلى نشرة الكترونية تصل يوميا لآلاف المشتركين داخل تونس (41).

وترصد الناشطة التونسية “سهام بن سدرين” وسائل الرقابة التى تنتهجها الدولة لحصار المعلومات حيث تقول أن هناك أكثر من 400 موظفا فى وزارة الاتصالات يتلخص عملهم فى تعقب مستخدمى الانترنت ومراقبة ما يتصفحونه، وهذه الشرطة الإعلامية مبثوثة فى كل مكان ولديها أوسع الأطر القانونية والتنظيمية فى المنطقة بما يبيح لها حرية تامة فى ممارسة القمع، فالاتصالات الهاتفية محظورة والتشفير ممنوع، وهذه الشرطة تتقيد بالقانون تماما لأن نظام الاتصالات يجيز اعتراض البريد الالكترونى ومصادرة أى رسالة “تهدد النظام العام أو الأمن القومى” دون اللجوء إلى القضاء. أما المواقع “غير المرغوب فيها” فإنها بكل بساطة تغلق ويقطع طريق الدخول عليها (42).

أول لجوء سياسي الكتروني

وشهدت السنوات الأخيرة بروز ظاهرة التدوين فى المجتمع التونسى، ولكن يد الدولة المعلنة والخفية طالت هذه الظاهرة الجديدة أيضا لدرجة جعلت “مجمع المدونات التونسية” http://tn-blogs.com وهو موقع يضم عناوين ومحتويات هذه المدونات يرفض ضم المدونات المعارضة لـ”بن على” مثل مدونة القاضى مختار اليحياوى، ومدونة المعارض المهاجر “سامى بن غربية (43) وهذا الأمر دفع “بن غربية” لطلب أول لجوء سياسى الكترونى فى التاريخ حيث قبلت انضمامه مدونة www.manalaa.net وهى تجمع للمدونات المصرية (44).

وقد شارك “بن غربية” فى إطلاق أول موقع الكترونى للتظاهر على الانترنت وذلك أثناء انعقاد القمة المعلوماتية فى تونس، وهو موقع “يزى” www.yezzi.org وهى كلمة تونسية دارجة تعنى “يكفى” ويقضى الموقع بمشاركة كل من يرغب فى التظاهر بوضع صورة له وهو يحمل لافتة تدعو “بن على” للتنحى ويمكن للمتظاهر أن يخفى عينيه أو وجهه، أو أن يضع صورة واضحة له كما فعلت بعض رموز المعارضة التونسية، وحقق الموقع رقما قياسيا حيث تم حجبه داخل تونس بعد إطلاقه بـ 18 ساعة فقط، كما أكد القائمين عليه (45).

النشر عبر الانترنت فى تونس عملية محفوفة بالمخاطر، وتؤدى غالبا إلى عواقب وخيمة كما حدث مع الصحفية والمدرسة “نزيهة رجيبة” المعروفة باسم “أم زياد” التى قامت بنشر رسالة مفتوحة عام 2003 إلى وزير التعليم فى مجلة “كلمة” التى تصدر على الانترنت، قامت فيها بانتقاد نظام التعليم فى البلاد وأعلنت استقالتها الشخصية بعد 34 عاما كمدرسة، وأصدرت السلطات حكما عليها بالسجن مع وقف التنفيذ وتغريمها بعد إدانتها بمخالفة أنظمة تبادل المعلومات (46).

وكان من الطبيعى فى ظل هذه الظروف أن تستضيف تونس مؤتمر وزراء الداخلية العرب فى يناير 2006 وهو المؤتمر الذى شهد ترحيبا باقتراح تقدم به وزير الخارجية المصرى يهدف فى ظاهره إلى غلق مواقع الانترنت التى تدعم الإرهاب أو تثير الكراهية، ولم يقدم مجلس الوزراء تعريفا واضحا لماهية الارهاب سوى التعريف الواسع الذى أقر عام 1998 والذى يفتح الباب واسعا لمزيد من انتهاكات حرية الرأى والتعبير وحق تداول المعلومات، وهى حقوق أساسية اعتادت الحكومات العربية على انتهاكها بشكل دائم (47).

وقدم وزير الداخلية المصرى اقتراحا بتوحيد الجهود العربية للعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن بإلزام الدول التى تتبعها المؤسسات والشركات العالمية الكبرى التى تباشر إدارة وتشغيل شبكات المعلومات والاتصالات بإغلاق المواقع التى تبث بيانات ومعلومات تتعلق بتصنيع أو استخدام الأسلحة وكذا المواقع التى تبث بيانات ومعلومات تتعلق بتصنيع المتفجرات أو استخدام الأسلحة، وكذا المواقع التى تروج للأفكار والايديولوجيات المتطرفة (48)، وإذا كان ممكنا تحديد مواقع استخدام السلاح فلن يوافق أحد على إغلاق مواقع “الأفكار” دون تحديد دقيق وقانونى لأن ما يراه وزراء الداخلية العرب “متطرفا” قد لا يراه غيرهم كذلك.

وقد أعلنت 17 منظمة حقوقية رفضها لمحاولة وزراء الداخلية العرب سن تشريعات تمنحهم حق إغلاق مواقع الانترنت تحت زعم مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن الحكومتين المصرية والتونسية قد اشتهرتا بعدائهما للانترنت، وقالت المنظمات الحقوقية أن إغلاق أى موقع لا يجب أن يتم دون إجراءات قانونية سليمة (49).

والظاهرة اللافتة للنظر أن مهمة نفى حجب مواقع الانترنت فى تونس قد انتقلت من السلطات إلى بعض الناشطين فى محاولة لمد الجسور مع السلطة، كما صرح المحامى “الحبيب عاشور” رئيس الجمعية التونسية لضحايا الإرهاب الذى نفى أن يكون النفاذ إلى شبكة الانترنت فى تونس “غير حر” وقال أن القانون لم يمنع النفاذ إلى أى مواقع فكرية أو سياسية ولكنه فقط منع النفاذ إلى المواقع التى تحث على العنف أو الكراهية أو المواقع الإباحية، وعندما سئل عن المواقع التى قامت تونس بفك الحجب عنها قبل القمة المعلوماتية وهى لا تندرج تحت أى تصنيف من التى يمنعها القانون قال الرجل أن هذه المواقع “لم تغلق فى يوم من الأيام” (50).

العين بالعين .. والانترنت بالانترنت !

تشتهر تونس بأنها أولى الدول العربية التي التحقت بقائمة أعداء الانترنت ، ويمكننا أن نضيف أيضا أنها كانت اول دولة تستخدم نفس شبكة الانترنت التي ساهمت في فضح الاستبداد بها ، في محاولة النيل من خصومها سواء السياسيين أو الحقوقيين عبر إنشاء مواقع تهدف إلى تشويه سمعة هؤلاء النشطاء والهجوم عليهم عبر هذه المواقع ، التي بالغت في الخوض في حياة هؤلاء النشطاء الخاص وتجريحهم لمحاولة عقابهم على دورهم في كشف المسكوت عنه في تونس ،ورغم أن هذه المواقع التي رصدتها الشبكة لا يكاد يزورها بضع عشرات إلا أن ناشط تونسي قد ذكر للشبكة العربية معلومات حقوق الإنسان أن الحكومة التونسية وهيئة الاتصالات التي يسيطر عليها بعض أقارب الرئيس التونسي ، لا تنفك تقدم لهذه المواقع الدعم المالي ولمعلوماتي في محاولة للنيل من هؤلاء النشطاء. (51)

مقاهى الانترنت

منذ أكتوبر 1998 بدأ ظهور مقاهى الانترنت فى تونس، أو ما يطلق عليه هناك “المراكز العمومية للانترنات”، وحاليا يبلغ عدد هذه المقاهى نحو 300 مقهى وفقا للأرقام المتوافرة، بينما ترى تقارير أخرى غير رسمية أن العدد يصل حاليا إلى 400 مركز (52)، وقد ساهمت الدولة فى دعم أول 100 مركز منها تم إنشاؤها فى تونس بنسبة 50% من الاستثمارات فى مصاريف اقتناء المعدات مع تمكين صاحب المشروع من تسديد مبلغ الاستثمار على أقساط خلال سنتين بنسبة فائدة منخفضة، وبعد ذلك تم افتتاح المقاهى كمشاريع تجارية خاصة بأصحابها (53).

وعلى خلاف المنطقي فوضع استخدام الانترنت من المقاهى العامة أكثر صعوبة من التصفح من المنازل، رغم أن المنطقي أن تكون هذه المقاهي تقدم خدمة الانترنت فائق السرعة المعروف بـ ADSL وترصد تقارير غير رسمية أن رواد المقاهى يشكون من “صعوبات بالغة” تواجههم فى هذه المقاهى تتعلق بالرقابة الأمنية وتقييدها الشديد لحرية استخدام المواطنين للانترنت بالمقاهى المخصصة بهدف منع دخول المواقع الإعلامية والسياسية “غير المرغوب فيها” من قبل الحكومة، ووصف بعض الرواد فى مدينة صفاقس الوضع بأن الرقابة البوليسية لمقاهى الانترنت “مباشرة وعلنية” (54).

ورغم ذلك ترى بعض التقارير غير الرسمية أنه فى مقاهى الانترنت تتوسع حرية الاختيار للكبار والصغار، وتزداد حدة النقد للإعلام الرسمى حيث تمثل الانترنت ملجأ للهروب من هذا الإعلام الرسمى التونسى الذى يفتقد المصداقية وأن المواطنين يبحثون عن ضالتهم من خلال الابحار فى المواقع الاخبارية الممنوعة (55). التي قد تكون غابت عن الرقابة .

و تمنح الوكالة التونسية للانترنات التراخيص للمراكز العمومية وتفرض عليها أن تعرض على الوكالة التعريفة إضافة إلى قائمة المشتركين بشكل دورى كل شهر، وتشير الوكالة بتسجيل أو عدم تسجيل المشترك، ويتحمل مالكو المراكز العمومية للانترنت مسئولية محتوى صفحات الويب (56)، وقد أدى هذا الوضع إلى قيام أصحاب مقاهى الانترنت بمهمة الرقابة على المستخدمين أثناء تصفحهم للشبكة حيث يقومون بالإطلاع صراحة على ما يفعله كل مستخدم ويطردونه بالقوة فى حالة اطلاعه أو إرساله لمعلومات ناقدة للحكومة، واتهم مواطنون الدوائر الأمنية بأنها تقف وراء “تسلط أصحاب المقاهى على المستخدمين” (57).

ورغم أن نسبة كبيرة من الشباب والفتيات يركزون اهتمامهم داخل المقاهى على زيارة مواقع الدردشة وبذل المحاولات لإقامة الصداقات عبر الانترنت إلا أن أحد أصحاب مقاهى الانترنت اعتبر أن إغلاق السلطات لبعض المواقع الاخبارية على الانترنت جعل أعداد واسعة تستعمل الشبكة لإقامة الصداقات (58).

ولا يشترط القانون صراحة تسجيل بطاقات الهوية للمستخدمين ولكنه ينص على احتفاظ صاحب المقهى بقاعدة بيانات يتم فيها تسجيل أوقات الاستخدام وأسماء المشتركين، وتتفاوت طريقة التعامل مع المستخدم من مكان لآخر فى تونس، ولكن النص القانونى على مسئولية صاحب المقهى عن أنشطة المستخدم يجعل هؤلاء يتشددون كثيرا، مثلا فى مدينة صفاقس تقول بعض التقارير أن المشرفين على المقاهى يشترطون على المستخدم تسليم بطاقة الهوية وأخذ بياناتها لإطلاع مصالح أمن الدولة عليها حتى إذا تبين أنه من المسجلين كمعارض يتم منعه بالقوة من دخول المقهى لاحقا (59).

ويتهم المواطنون أصحاب المقاهى بالتعاون مع الجهزة الأمنية وأنها فى المقابل توفر لهم الحماية، ويرصدون قيام رجال الأمن الذين يرتدون الزى المدنى بمراقبة بعض الأشخاص وطلب إخراجهم من المقاهى بالقوة (60).

أما فى تونس العاصمة فترصد التقارير وجود تقييد “غير مباشر” لحرية استخدام مقاهى الانترنت، وأن السلطات تقوم بقطع النفاذ مباشرة من مقر المزود المركزى للشبكة فى حالة نفاذ أى مستعمل إلى اى موقع إعلامى ينشر معلومات لا ترغب فيها الحكومة وكذلك مواقع المعارضة (61).

• الإعتقالات [ على خلفية استخدام الإنترنت ]

تصل السلطات التونسية فى التضييق على مستخدمى الانترنت إلى حد اعتقالهم وسجنهم، وفى كل الحالات المتعلقة بالانترنت لم تتم المحاكمات بطريقة “فوق الشكوك” وجاءت الأحكام “مبالغا فيها” ولم يسمح للدفاع عن المتهم بالحصول على كامل حقه القانونى فى تحضير الدفوع والمرافعات، والقائمة التالية بالمعتقلين على خلفية استخدام شبكة الانترنت تم إعداد معلوماتها اعتمادا على بيانات وتقارير المنظمات الحقوقية المختلفة ومنها “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” ومنظمة “مراسلون بلا حدود” و”الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير IFEX ” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “العفو الدولية” و “المجلس الوطنى للحريات” فى تونس.

– محمد عبو

استخدم المحامى والناشط التونسى محمد عبو شبكة الانترنت لنشر مقالات انتقدت بشكل علنى قرار الحكومة التونسية دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى “آرييل شارون” لحضور قمة المعلومات العالمية، كما استخدم الانترنت أيضا للتنديد بعمليات التعذيب فى تونس، وعلى خلفية هذه الأنشطة قامت السلطات بإلقاء القبض عليه ووجهت إليه تهما بموجب قانون العقوبات بالإضافة لمواد مختلفة من مجلة “قانون” الصحافة، وفى إبريل 2005 قضت المحكمة بسجن عبو لمدة ثلاثة سنوات ونصف بعد محاكمة شهدت حضور مراقبين دوليين واحتجاجات قام بها المحامون التونسيون ونشطاء المجتمع المدنى وعمدت الشرطة إلى مضايقة المحتجين الذين تعرض بعضهم للضرب على يد أفراد الشرطة الذين يرتدون الملابس المدنية.

وأعلنت الهيئة الوطنية للمحامين أن التجاوزات التى أحاطت بقضية “عبو” بدأت باختطاف المحامى من الشارع ثم توالت المخالفات القانونية بعد ذلك، ولكن السلطات لم ترد على الانتقادات فى هذا الإطار سوى بإصدار بيان وزعته على كل وكالات الأنباء المحلية والعالمية ونسبت معلوماته إلى مصدر قضائى مطلع وجاء فى البيان أن “قضية الأستاذ عبو تتعلق بالعنف الذى مارسه على إحدى زميلاته”.

وحاليا يقضى “عبو” عقوبته فى سجن “الكاف” الذى يبعد 200 كليومتر عن العاصمة التونسية التى تقطن بها عائلته، ورفضت السلطات أكثر من مرة منح الإذن لمحاميه لزيارته.

– شباب “جرجيس” وشباب “اريانة”

ألقت السلطات التونسية القبض على ثمانية شباب من مستخدمى الانترنت فى مدينة “جرجيس” شمال تونس بتهمة الإرهاب، وكان الدليل الوحيد الذى قدمته السلطات عبارة عن مجموعة من الملفات التى قاموا بتحميلها من شبكة الانترنت، واتهمتهم السلطات بـ”تكوين مجموعات لإرهاب العامة، العداء تجاه الأفراد بنية إرهابهم، عقد الاجتماعات دون إذن، السرقة، محاولة السرقة، إعداد متفجرات، حيازة مواد بنية إعداد متفجرات” وقالت منظمات حقوقية أن النيابة لم تقدم أى دليل جاد ضد المتهمين.

وفى 16 ابريل 2004 حكمت المحكمة التونسية برئاسة القاضى “عادل جريدى” على ستة أشخاص بالسجن لمدة 19 عاما وهم: “حمزة محروق”، “عمر فاروق شلندى”، “عمر راشد”، “عبد الغفار قيزة”، “أيمن مشارك”، “رضا بلحاج ابراهيم”، أما السابع “طاهر جويمر” فقد حكم عليه بالسجن 26 عاما لاتهامه أنه زعيم الحلقة، بينما حكمت محكمة الأحداث فى 17 ابريل على المتهم الثامن “عبد الرازق بورقيبة” بالسجن لمدة 25 شهرا.

وبعد الاستئناف تم تخفيض أحكام السجن عن الستة الأول لتصبح فترة السجن 13 عاما، وتم تخفيض حكم بورقيبة ليصبح 24 شهرا.

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المحامى “مختار الطريفى” أن محاكمة المتهمين قامت على أساس اتهامات باطلة وادعاءات غير دقيقة بتنفيذ مخططات ما، علاوة على ذلك فإن السلطات قامت بتهميش حقوق محامى الدفاع بشكل منظم، كما أن السلطات انتزعت اعترافات من المتهمين تحت التعذيب.

وقد أفرج عن الشباب الستة بموجب عفو رئاسى مشروط فى 27 فبراير 2006، ومع ذلك تواترت التقارير عن تعرض الشباب لتحرشات أمنية ومنعهم من مغادرة مدينتهم والزامهم بالذهاب يوميا للتوقيع فى قسم الشرطة بالمدينة وفقا لإجراءات الإفراج.

وفى قضية مشابهة ألقت السلطات فى فبراير 2003 القبض على مجموعة من الشباب بلغ عددهم 13 شابا فى ساقية “سيدى يوسف” بمنطقة آريانة القريبة من تونس العاصمة، وقد أدينوا فى يونيو 2004 بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية والإعداد لهجمات إرهابية، وكانت الأدلة عبارة عن بعض المواد والملفات المحملة من شبكة الانترنت، وبلغت الأحكام عليهم 16 عاما فى السجن وعشرة سنوات مراقبة، ولكن بعد الاستئناف تم تخفيض الأحكام ليصل أعلاها إلى عشرة سنوات داخل السجن.

وفى 27 فبراير 2006 تم الإفراج عن ثلاثة من هؤلاء الشباب.

– على رمزى بلطيبى

فى 15 مارس 2005 ألقت سلطات الأمن القبض على “على رمزى بلطيبى” داخل أحد مقاهى الانترنت، وحكم عليه بالسجن لمدة أربعة أعوام بتهمة إعادة نشر مقال نشرته جماعة تطلق على نفسها “جند الإسلام الجهادى- لواء عقبة بن نافع” على موقع الكترونى، وتوعدت المقالة بمذبحة دموية فى حال حضور “شارون” قمة المعلومات فى تونس، ورغم إدانة المنظمات الحقوقية لأى دعاوى تحرض على العنف إلا أن حق التعبير يبقى مكفولا خاصة وأن “بلطيبى” لم يكن فى الأصل صاحب الكلمات.

وتم القبض على “بلطيبى” بأسلوب عنيف كما ذكر أخيه، حيث لم يكن هناك أمر من المحكمة بالقبض عليه، واقتحمت الشرطة منزله دون الحصول على أمر بالتفتيش وصادرت الكثير من كتبه واسطواناته المدمجة، وفى 23 مارس 2006 بدأ بلطيبى إضرابا عن الطعام ودخل الحبس الانفرادى، وتتدهور صحته حسب تصريحات أخيه ولا تتوافر له العناية الطبية اللازمة.

1-وزارة تكنولوجيات الاتصال، الانجازات، http://www.infocom.tn/index.php?id=206 (زيارة 12/10/2006).

2-المصدر السابق.
3-الوكالة التونسية للانترنات، أرقام مهمة، http://www.ati.tn/Defaultar.htm (زيارة 23/10/2006).
4-اقتصاد الانترنت يزدهر فى تونس والمعارضة تعزز مواقعها، http://www.masrawy.com/News/2005/MidEast/AFP/N ovember/14/0511140930011991137.aspx (زيارة 6/5/2006).
5-وزارة تكنولوجيات الاتصالات، إحصائيات، http://www.infocom.tn/index.php?id=5 (زيارة 12/10/2006).

6-الوكالة التونسية للانترنت، إحصائيات يوليو 2006، http://www.ati.nat.tn/stats/index.htm (زيارة 16/10/2006).
7-الوكالة التونسية للانترنات، تاريخ الانترنات فى تونس، http://www.ati.nat.tn/ar/internet/historique.htm (زيارة 16/10/2006).
8-وزارة تكنولوجيات الاتصال، الانجازات، سبق ذكره.
9-قبل أشهر من قمة المعلومات مئات التقنيين مكلفون بمراقبة الانترنت، الحزب الديمقراطى التقدمى، http://www.pdpinfo.org/articlear.php3?id_article=889 (زيارة 8/9/2005).

10-جمال عيد، الانترنت فى العالم العربى: مساحة جديدة من القمع، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، ص 29.
11-مثال لعروض الأسعار من شركة Global Net http://www.gnet.tn/html/redaction/adsl_entreprise/adsl_entreprise.html (زيارة 2/10/2006).
12-دون اسم، مواطن تونسى، 56 سنة، رسالة بالبريد الالكترونى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ردا على أسئلة البحث.
13-نص القانون المنشور فى جريدة الرائد الرسمى للجمهورية التونسية، http://www.infocom.tn/fileadmin/Documentation/Juridiques/Jort_Ar/jort_24_25_3_1997.pdf (زيارة 30/9/2006).

14-المصدر السابق.
15-المصدر السابق.
16-نص القرار المنشور فى جريدة الرائد الرسمى للجمهورية التونسية، http://www.infocom.tn/fileadmin/Documentation/Juridiques/Jort_Ar/jort_25_28_3_1997.pdf (زيارة 30/9/2006).
17-المصدر السابق.
18-المصدر السابق.

19-نص القرار المنشور فى جريدة الرائد الرسمى للجمهورية التونسية، http://www.infocom.tn/fileadmin/Documentation/Juridiques/Jort_Ar/jort_76_23_9_1997.pdf (زيارة 30/9/2006).
20-الوكالة التونسية للانترنات، الاطار التشريعى والقانونى لقطاع الاتصالات، http://www.ati.nat.tn/ar/cadre-juridique (زيارة 8/10/2006).
21-نص القرار المنشور فى جريدة الرائد الرسمى للجمهورية التونسية، http://www.infocom.tn/fileadmin/Documentation/Juridiques/Jort_Ar/jort_100_15_12_1998.pdf (زيارة 30/9/2006).

22-المصدر السابق.
23-الوكالة التونسية للانترنات، الاطار التشريعى والقانونى لقطاع الاتصالات، سبق ذكره.
24-تونس: إعلام تحت الرقابة، المنظمة العربية لحرية الصحافة، http://www.apfw.org/indexarabic.asp?fname=report%5Carabic%5C2004%5Cspa1052.htm (زيارة 13/4/2006).
25-ديانا مقلد، تونس مفارقات قمة المعلومات، جريدة الشرق الأوسط، http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=3&article=334230&issue=9854 (زيارة 21/6/2006).

26-نماذج لهذه الإعلانات يمكن العودة إليها فى جريدة الأسبوع المصرية، العدد 452، 21/11/2005، ص21_ ومثال آخر فى جريدة الأحرار المصرية، العدد الصادر 27/10/2005، ص4.
27-ديانا مقلد، تونس مفارقات قمة المعلومات، جريدة الشرق الأوسط، سبق ذكره.
28-الدستور التونسى، موقع مجلس النواب، http://www.chambredesdeputes.tn/a_constit.html (زيارة 24/6/2006).
29-كلمة بن على، موقع القمة العالمية لمجتمع المعلومات تونس، http://www.smsitunis2005.org/plateforme/index.php?lang=ar (زيارة 13/6/2006).

30-موقع الحملة الانتخابية للرئيس زين العابدين بن على، http://www.benali2004.tn/news/processus6.html (زياة 11/4/2006).
31-دون اسم، مواطن تونسى، 56 سنة، رسالة بالبريد الالكترونى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ردا على أسئلة البحث.
32-تونس تفرض رقابة مركزية على مواقع الانترنت، موقع مفيد كوم، http://news.moffed.com/wmview.php?ArtID=250 (زيارة 7/8/2006).
33-إدعاءات وأكاذيب، الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير IFEX ، موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، http://www.hrinfo.net/ifex/wsis/06/pr0530.shtml (زيارة 24/9/2006).

34-المصدر السابق.
35-المصدر السابق.
36-سليم بوخذير، السلطات التونسية تسمح لأول مرة بذكر اسم موقع العربية، موقع العربية نت، http://www.alarabiya.net/Articles/2006/01/02/19994.htm (زيارة 16/4/2006).
37-حجب موقع دنيا الوطن فى تونس، موقع دنيا الوطن، http://www.alwatanvoice.com/arabic/news.php?go=show&id=3576 (زيارة 22/9/2006).

38-سليم بو خذير، بعد نشرها تقريرا عن ضبط يخت مسروق…..، موقع المصريون، http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=19739&Page=1 (زيارة 21/6/2006).
39-سليم بوخذير، تونس ترفع الحجب عن بعض مواقع الانترنت…، العربية نت، http://www.alarabiya.net/Articles/2005/11/07/18388.htm (زيارة 12/3/2006).
40-المصدر السابق.
41-اقتصاد الانترنت يزدهر فى تونس والمعارضة تعزز مواقعها، موقع مصراوى، http://www.masrawy.com/News/2005/MidEast/AFP /November/14/0511140930011991137.aspx (زيارة 9/4/2006).

42-سهام بن سدرين، الإرهاب البوليسى فى دولة سياحية، موقع CFD ، http://www.wsisarabicnews.org/news/97474.shtml ( زيارة 12/10/2006).
43-قبيلة غربية، مدونة حوليات صاحب الأشجار، http://gharbeia.net/ar/taxonomy/term/108 (زيارة 21/6/2006).
44-سامى بن غربية، حق اللجوء، مدونة فكرة، http://www.kitab.nl/2005/12/28/haq-alloujou (زيارة 21/6/2006).

45-تونسيون يتظاهرون على الانترنت…، موقع CNN العربى، http://arabic.cnn.com/2005/entertainment/10/6/tunis.internet/index.html (زيارة 21/6/2006).
46-تونس: انتهاكات حقوق الانسان……، منظمة العفو الدولية، http://web.amnesty.org/library/Index/ARAMDE300192005 (زيارة 11/4/2006).
47-وزراء الداخلية العرب يسعون لإحكام سيطرتهم على الانترنت، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، http://www.hrinfo.net/press/2006/pr0209.shtml (زيارة 3/3/2006).

48-أحمد موسى، الرئيس التونسى يطالب بتفعيل….، جريدة الأهرام، العدد الصادر 31/1/2006، ص9.
49-وزراء الداخلية العرب يسعون لإحكام سيطرتهم على الانترنت، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، سبق ذكره.
50-سليم بوخذير، تونس ترفع الحجب عن بعض مواقع الانترنت…، العربية نت، سبق ذكره.
51-لقاء مع ناشط تونسي طلب عدم ذكر اسمه في لقاء مع الشبكة العربية .. 14 مايو 2006. وفضلنا عدم ذكر هذه المواقع نظرا لما تتضمنه من افتراءات تتجاوز الخصوصية وتدخل في باب التجريح.
52-أحمد الصالحى، شباب تونسيون يتهافتون على الانترنت….، جريدة الحياة، عدد 15248، 28/12/2004، ص20.
53-تونس: المراكز العمومية للانترنت، موقع تونس نيوز، http://www.tunisnews.net/26mars05.htm (زيارة 31/3/2005).

54-سليم بوخذير، رواد مقاهى الانترنت يشتكون من الرقابة الأمنية، موقع العربية نت، http://www.alarabiya.net/Articles/2006/03/31/22451.htm (زيارة 8/7/2006).
55-كمال بن يونس، عشر التونسيين يبحرون فى الانترنت..، موقع BBC ، http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/in_depth/2003/digital_divide/newsid_4440000/4440114.stm (زيارة 16/4/2006).
56-قبل أشهر من قمة المعلومات مئات التقنيين مكلفون بمراقبة الانترنت، الحزب الديمقراطى التقدمى، سبق ذكره.
57-سليم بوخذير، رواد مقاهى الانترنت يشتكون من الرقابة الأمنية، موقع العربية نت، سبق ذكره.

58-شبان تونسيون يبحثون عن الحب والتسلية عبر الانترنت، جريدة الشبيبة العمانية، http://shabiba.com/newsdetails.asp?newsid=26458&catgid=19 (زيارة 11/7/2006).
59-سليم بوخذير، رواد مقاهى الانترنت يشتكون من الرقابة الأمنية، موقع العربية نت، سبق ذكره.
60-المصدر السابق.
61-المصدر السابق.