بقلم نورالدين ختروشي


على بركة الله، واستجابة لرغبة العديد من الأخوة اللاجئين، نعود مجددا إلى تفعيل مبادرة “قافلة العودة” التي وضعت على الساحة منذ شهر جويلية 2005. و لعله من المفيد أن نذكر بالإبعاد السياسية وراء المبادرة ، كما نعلن للرأي العام الوطني تمسكنا بها، وعزمنا على القيام بالخطوات العملية اللازمة مستفيدين من ملاحظات واقتراحات كل من تفاعل إيجابا مع المبادرة.

القافلة المضامين والأبعاد

أولا :

إن مبادرة العودة هي في أصلها وجوهرها مبادرة سياسية ،انبنت على قراءة وتحليل للمستجدات الوطنية في المرحلة الأخيرة وهو ما نصت عليه كل التحاليل التي واكبت وضع المبادرة على الساحة[ من جويلية إلى أكتوبر 2005] . فالعودة هنا ليست تصعيدا لهاجس حنين للوطن،، يدغدغ كل منفي ومبعد عن أهله وأرضه بل مبادرة سياسية تنتظم ضمن رؤية للمرحلة، وممكنات الفعل فيها . وهي أداة و ورقة بيد المجموعة الوطنية يمكن توظيفها في الوقت المناسب، و بالشكل المناسب، لتحقيق مقاصد معلومة، و ملموسة، و ممكنة ضمن يوميات صراعنا مع خصوم التحرر ببلادنا .

ثانيا:

إن المبادرة تمثل في ذاتها زحزحة لهيكل الأداء الميداني للمعارضة الوطنية طيلة العشرية الماضية، حيث ترتسم الصورة في شكل” داخل يبادر و خارج يساند”، و المبادرة تعكس الحركة بصيغة “خارج يبادر و داخل يساند” ، و هو تحول في تقديرنا على غاية من الأهمية، لا شكلا فقط ، بل و مضمونا أيضا من حيث الرسالة المضمرة في المبادرة الى السلطة، و التي تفيد بإيقاف لنزيف “الهروب من القمع” و بداية الرحلة في الاتجاه المعاكس، اتجاه رفض كل حلول الخلاص الفردي و الإصرار لا على العودة بل على الحق في المشاركة في الاهتمام بالشأن العام الذي تجرمه سلطة الاستبداد، مع الاستعداد الواعي لدفع ثمن ذلك الاختيار، و تحمل تبعاته و ما يمكن أن يفضي إليه مقابل مكاسب سياسية واضحة و محسوسة و مضبوطة مسبقا .

ثالثا :

قرار العودة كفعل في ذاته هو ضربة نفسية موجعة للسلطة التي جعلت من الرهان النفسي احد أدوات حكمها فجدل الخوف و الرعب المنتشر و المبثوث في أعماق النسيج النفسي و الاجتماعي بالبلاد، مكن السلطة من الاستفراد بالأحرار و هي مطمئنة الى ان آلة الحرب النفسية تقوم بدورها في شل كل إرادة حرة تفكر في المقاومة أو الرفض ، و المبادرة هي أحد أشكال الرد الرمزية الحادة على بسيكولوجية الخوف التي تتغذى منها السلطة و تمثل أحد مقومات استمرارها.

رابعا:

خلفية المبادرة كما تبرز هجومية، و هذا البعد في تقديرنا ينسجم تماما مع استحقاق اللحظة، خاصة بعد إضراب 18 أكتوبر ، و دعوة الجميع إلى ضرورة البقاء على أرضية المبادأة و حصر السلطة في موقع دفاعي.


و تنظيم القافلة هي إحدى أدوات البقاء على موقع المبادأة، و دفع الخصم الى مربع رد الفعل و هذه أطروحة في حاجة الى حوار وتبادل الرأي حولها.

لقد طرحت أكثر مرة اقتراحات و تواريخ لإنجاز المبادرة، و في رأينا نري من الأسلم ألا تتحدد المبادرة بتاريخ لانجازها بل بشروط تحققها.

و هذا يقتضي أن نعمل من الآن عبر حملة تحسيسية و اتصالات مباشرة بالفاعلين علي الساحة لتوضيح المبادرة و أبعادها و علاقتها بأولويات المرحلة و استحقاقاتها، في عمل منظم و مهيكل، يحدد المهام و يتقاسم الأدوار، و في اقتراحات الأخوة المناضلين الذين كتبوا حول المبادرة في شهر أكتوبر الماضي ،خطوات عملية ممكنة و مهمة لتنزيل المبادرة ندعو للعودة أليها و دراستها، لصنع حركية جامعة حولها كمشروع قابل للانجاز في المستقبل، و ذلك ضمن المحددات التالية:

  1. توفر الحد الأدنى أو الأقصى من الإجماع الوطني حول المبادرة و تفعيلها ضمن حركية ميدانية و تحت غطاء أدبي و سياسي للمجموعة الوطنية ، ونجدد دعوتنا هنا لجميع مكونات الساحة من جمعيات و أحزاب و فعاليات للانخراط المباشر في المبادرة و توفير مستلزمات إنجازها.
  2. توفر الشرط الإعلامي بمعني أن تتجند المجموعة الوطنية لتحشيد السند الإعلامي وطنيا و إقليميا و دوليا للعائدين حتى لا يستفرد بهم النظام و ندفعه إلى امتحان جديد أمام السلطة الرابعة.
  3. الدعم الجمعياتي وطنيا و عربيا و دوليا عبر توظيف رصيد علاقتنا بفاعلي المجتمع المدني العالمي للانخراط مباشرة في المبادرة و تحصينها حقوقيا بل يمكن في هذا الصدد التنسيق مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة على اعتبارها الجهة الرسمية الدولية المعنية مباشرة بملف اللاجئين.
  4. أن تنجز المبادرة ضمن حلقة من خط عام تتبناه المجموعة الوطنية بمعني أن تكون “قافلة العودة” تتويجا لحوار هادئ مسئول حول سؤال ما العمل؟ علي اعتبارها ورقة ضغط سياسية ممكنة بيد المعارضة الوطنية يمكن أن تستعملها في الوقت المناسب لتحقيق أهداف محددة و ملموسة .

ان مبادرة “قافلة العودة” في تقديرنا يجب أن تبقي مشروعا مفتوحا علي الانجاز ضمن حركية وطنية و في أطار الشروط و المستلزمات المادية و المعنوية المنسجمة مع إمكانيات الساحة و مطالبها.
يبقي في الأخير أن نعلم الرأي العام الوطني أن نواة من المناضلين بباريس بصدد إجراء اتصالات موسعة مع المعنيين بمشروع القافلة للنظر في الخطوات العملية المقبلة لتنظيم المبادرة و تفعيلها ميدانيا و سياسيا هذا و نجدد دعوتنا للجميع للانخراط في مساندة المبادرة و الذي لا يعني قرار العودة ذاته فالقافلة تسعد بالانخراط فيها بأي شكل كان و بما لا يحرج صاحب عذر في قرار العودة ذاته.

ملاحظة ـ النص هو محصلة لحوار مع العديد من الإخوة المناضلين جزاهم الله عنا كل خير، أذكر منهم أساسا السادة أحمد المناعي، عبد العزيز شمام، عماد بن محمد، عبد السلام لسود، الطاهر بوبحري، وفتحي النصري، فجزيل الشكر لكل من ساهم في صياغته النهائية

نورالدين ختروشي

باريس في 30/ 04 / 2006

للمراسلة يرجى الكتابة على العنوان الالكتروني التالي :

kafelatoun@yahoo.fr