بقلم عبد العزيز شمام

تابعت بكثير من الاهتمام في الأيام الأخيرة ردود الفعل الصادرة حول المبادرة النوعية التي طرحها الأخ نورالدين ختروشي على الساحة، وقد قررت المساهمة المتواضعة بالسطور التالية، نظرا لدقة المرحلة، وما حملته المبادرة من معاني وأبعاد خارجة عن المتداول والسائد، لا على الساحة التونسية فقط، بل على الساحة العربية والدولية، ولعل في ذلك ما يجيب عن بعض التساؤلات التي ربما تطرح عن مغزى توقيعي اليوم لهذا النص رغم طول غيابي المباشر عن الساحة.

لقد طرح علي الأخ نورالدين مبادرته منذ بداية شهر جويلية الماضي، و تابعت ولادتها منذ اللحظة الأولى، و قد تبادلنا فيها الرأي مع مجموعة من الإخوة الكرام في أكثر من مناسبة وملخص رأيي يومها يقول ان المبادرة نوعية شكلا ومضمونا، وهي تمثل فاصلا مهما ومحددا في تاريخ نضالنا طيلة المرحلة الفارطة، بشرط أن تتوفر لها جملة من الشرط الذاتية والموضوعية، والتي بدونها قد تكون نتائجها عكسية، وفي مقدمة تلك الشروط توفر الدعم الوطني الجامع لها،وأساسا انخراط الحركة الإسلامية فيها ودعمها بشريا وسياسيا وميدانيا لأن جل إن لم يكن كل المنفيين هم من أبناء الحركة سواء من بقي في مؤسساتها أو من خرج منها، ، أما الشرط الثاني فهو دعم بقية مكونات المجتمع المدني والسياسي بالبلاد للمبادرة، نظرا لما تمثله من نقلة نوعية بالساحة، يمكن ان تكون محددة في تعديل ميزان القوة مع السلطة إذا ما توفرت شروطها الموضوعية، وفي مقدمتها تحشيد الدعم الإعلامي والعربي والدولي خلفها، حتى لا يستفرد النظام بالعائدين، ولتحقق المبادرة غاياتها وأهدافها ، ولكي يوازن ـ خاصة ـ حجم التضحية حجم المكاسب. وكنت قد اقترحت على الأخ الكريم أن يبدأ جولة مشاورات مع المعنيين بها قبل طرحها للتداول، كان ذّلك ملخص موقفي يوم تفضل الأخ نورالدين بعرض ورقته علينا في بداية شهر جويلية 2005 .

لقد تابع الجميع طرح المبادرة وردود الأفعال التي أثارتها، خاصة بعد أن مارس الاخ شجاعة التراجع عنها بعيد إعلان شارون عدم مشاركته في قمة المعلومات، على اعتبار إمكانية تقلص الظغط الإعلامي والسياسي على النظام، وهو بالفعل عامل محدد في نجاح أو فشل المبادرة، وهو العامل الأساسي في تقديري الذي دفع إلى إعادة المبادرة إلى الساحة مؤخرا.

فحركة 18 أكتوبر المباركة وما استجمعته من دعم لا مشروط بالداخل والخارج، و ما استتبعها من إجماع وطني حول المطالب السياسية الواضحة والمقبولة داخليا وخارجيا وما أثارته من دعم إعلامي وسياسي عربيا ودوليا كل ذلك يعزز من مشروعية دعم إضراب الجوع والحركية المتصاعدة حوله بمبادرة في حجم قافلة العودة، وهوأمر في منتهى الأهمية، وأكثر فاعلية من العديد من الأشكال التقليدية في دعم الداخل للخارج، كما تعارفت عليه الساحة الوطنية في السنوات الأخيرة.

ولعل رفد تلك الحركة بمبادرة تاريخية في تنظيم عودة جماعية من المنفي للاجئين المحاكمين بعشرات السنين ستكون واحدة من أعظم لحظات تاريخنا النضالي المعاصر، ومبررات طرحها على الساحة في هذا الوقت يحمل أكثر من دلالة الحنكة السياسية والقدرة على توظيف المستجدات في الاتجاه الصحيح، وفي الوقت المناسب، فالمبادرة في ذاتها وكفكرة مرتبطة بهذه اللحظة من تاريخ نضالنا الوطني، تكتسب كل عناصر المشروعية والفاعلية وسابقتها التاريخية تستند الى قوائم شرعية صلبة ومتماسكة فشجاعة أخذ القرار بالعودة لمواصلة النضال ولو من داخل السجن تـتلازم في المبادرة بالوعي بالنسق التصاعدي للضغط على السلطة وضرورة دفعها إلى مواقع دفاعية، بما يجعل العودة أحد الخطوات الأساسية في أشكال المبادرة الهجومية وتـنوع مداخلها وأدواتها .

فتنظيم قافلة العودة إذا استكملت شروط إنجازها هي بالفعل الصيغة الأرقى في دعم إضراب الجوع الذي نتابع يومياته، وهي شكل جديد من التضامن قد يحول المعركة إلى أرضية السلطة ويرغمها على تقديم تـنازلات حقيقية ان عاجلا أو آجلا. وإذا اتفقنا على هذه المقدمات فإن السؤال المطروح هو لماذا لم تلقى المبادرة التفاعل المطلوب داخل الساحة الاسلامية خاصة ؟

لا شك أن المبادرة قد أحرجت الكثير بجرأتها وما تتطلبه من حسم سريع في مسألة مصيرية تتصل في المستوى الشخصي بمصير عائلات بأكملها، وهو عامل في رأيي محدد في تفسير البرودة الرسمية التي لاقتها المبادرة لدى الوسط الإسلامي، وفي تقديري أن ذلك العامل مفهوم ومقبول ومشروع حيث المبادرة كما أكد صاحبها مفتوحة على كل الاحتمالات رغم دقة الحسابات قبلها وبعدها، فهي كما شدد الأخ مغامرة تعوض العملية الانتحارية في حالة المواجهة العسكرية، وعلى ذلك ـ وبوضوح ـ ليس من السهل مبدأ أخذ هكذا قرار، أما من حيث الإمكانية وبافتراض اتفاقنا على الالتحاق بها، فإن ضيق الوقت يجعل من استكمال الشروط الإدارية والعملية شبه مستحيل أصلا، فاغلب الإخوة لهم مسؤولياتهم العائلية والمهنية التي تتطلب واقعا وقتا أكبر لتوضيـبـها وتعديلها على ممكن الرجوع والدخول إلى السجن.
ولكن عدم الاستعداد الشخصي والمبررات المشروعة لعدم المشاركة الآن، والتي تحدثت فيها مع الأخ نورالدين وشاركني الرأي، حيث أكد هو نفسه في مقاله الأخير على معنى عدم الإحراج، وقبول المبادرة بإشكال دنيا من الدعم، كل السابق وغيره، لا ينفي ضرورة مساندة المبادرة بصيغ وإشكال أخرى، قد توازي في أهميتها قرار المشاركة فيها مباشرة.

إنني أدعو الإخوة الكرام ومن مختلف المواقع إلى إدارة حوار علني حولها، وتبادل الرأي في صيغ دعمها الأدبي والسياسي والميداني ، ففكرة العودة وأن تعذرت اليوم عن الأغلبية، فإن طرحها بجدية في المستقبل المنظور، يستوجب وقفة تفكير في فاعليتها الممكنة كورقة ضغط ثقيلة في يوميات المطارحة مع خصمنا، وأعتقد وبقطع النظر عن نجاح الإخوة المستعدين للعودة في إنجاز قرارهم عمليا، أنه من واجب المجموعة الوطنية ومن مختلف مواقعها بالداخل والخارج السعي الى استنفار عوامل نجاحها، وجعلها حدثا نوعيا في تاريخ نضالنا الوطني وتصعيد وتيرة الضغط على سلطة تبدو أنها تخسر يوميا أرضية المبادرة ، وتنتقل الى مواقع دفاعية لابد من حصرها فيها .

إنني أدعو مختلف الإطراف وفي مقدمتها الحركة (حركةالنهضة) المعنية مباشرة بشريا وسياسيا بالمبادرة، أن تتداول الرأي فيها، ودعمها مرحليا بالممكن، واستراتيجيا بجعلها استحقاق قريب نعمل في اتجاهه من خلال ديناميكية وطنية جامعة، تجعل من هذه السنة السياسية محطة لتنزيل فكرة العودة بعد استكمال شروط إنجازها سياسيا وميدانا
ولعل فكرة تكوين لجان مساندة لها اليوم في كل مواقع الشتات، على قاعدة برنامج عملي محدد قد يساهم في دفعها مرحليا على الساحة الوطنية على أن تواصل تلك اللجان أعمالها بعد تاريخ 16 نوفمبر سواء نجح المناضلون الذين أخذوا قرارهم بالعودة في ذلك التاريخ في تحقيق خطوتهم أو حالت الظروف دونها ، فنحافظ بذلك على روح الاستعداد للمشاركة الواسعة والمؤثرة في موعد لاحق نتفق عليه في إطار عمل تلك اللجان، لنصنع معا ديناميكية حركية متصاعدة في إتجاه استعادة المبادرة من السلطة ضمن سقف مطالب الحركة الوطنية، وفي حدود ما تتحمله الساحة من حضور وفاعلية للرقم الإسلامي.

إن أهمية وتاريخية المبادرة تستوجب التفكير الجدي والمسئول من جميع أطراف الحركة الوطنية حول أبعادها، وما تحمله من معاني ومقاصد قريبة وبعيدة ولعل حجم الأثر الايجابي الذي خلفته أخيرا، والبارز من خلال التعاليق والتحاليل الدائرة حولها في العديد من المواقع، ما يدفع إلى التفاؤل بإمكانية صنع ديناميكية حوار وحركة في اتجاهها كاستحقاق قريب و منظور لحراكنا السياسي، وأقترح على الأخوة الموجودين في شتات المنافي ومن مختلف المواقع التوقيع مبدئيا على عريضة مساندة للقائمين على المبادرة اليوم، والمستعدين للعودة، وذلك تثبيتا لعزمهم ومدهم بثقل تمثيلي لمطالبهم، طالما أنها مندرجة في إطار ما أجمع عليه وطنيا، فإذا تعذر على أغلبنا اليوم المشاركة المباشرة في القافلة، فلا أقل من دعمها ماديا وسياسيا لتأخذ الحجم الذي تستحقه بحساب نبل وأخلاقية الفكرة في ذاتها، وبحساب الجدة والفاعلية السياسية التي تحملها، وهكذا فإن الخطوة الأولى في صنع ديناميكية الالتفاف حول فكرة العودة والتحرك في اتجاه إنجازها ميدانيا، تبدأ في تقديري بالتوقيع على عريضة المساندة، ثم تليها خطوة تشكيل اللجان، والتوافق على آلية تواصل وتنسيق مستمر بينها لتحديد خطط عملية مدروسة ومحسوبة ومستجمعة لمستلزمات وشروط النجاح و التنزيل السياسي والميداني .

والله من وراء القصد

عبد العزيز شمام

01 نوفمبر 2005

Chammam1@hotmail.com

أقترح على الإخوة الكرام صيغة العريضة التالية والتي أدعوهم إلى إرسال أسماءهم ألى عنواني الالكتروني مبدئيا في انتظار وضعها على المواقع الالكترونية في الساعات المقبلة موقعة بقائمة أولى.

عريضة مساندة لقافلة العودة

نحن الممضين أسفله من المنفيين والمحاكمين في قضايا سياسية بالبلاد، وإن تعذر علينا اليوم المشاركة في قافلة العودة لظروف وأسباب مختلفة فإننا:

نعلن التزامنا بالمطالب المطروحة في المبادرة و مساندتنا الكاملة للقائمين عليها ومباركتنا لهذه الخطوة النوعية في مسار نضالنا الوطني .

وندعو الجميع من فعاليات وجمعيات وأحزاب وطنية إلى توفير كل مستلزمات نجاحها المعنوية والمادية

الإسم واللقب
المهنة أو الصفة
البلد