بقلم محمود بن أحمد

أخجل من نفسي و اناأكتب هذه السطور إلى رجل في حجم جبل نادانا الى” لحظة لحساب الوطن لحساب الحرية لحساب الكرامة ”

أخجل ودليل خجلي إنني هذه المرة لن أوقع باسمي الحقيقي ليس خوفا من زبانية الطاغية، بل احتراما لرجولة صاحب السؤال الذي نزل علي رؤوسنا نزول السماء: ماذا لودخلنا عليهم الباب؟

استدعيت أحد الإخوة للإفطار منذ يومين، و تجاذبنا أطراف الحديث حول المبادرة وصاحبها، والأخ يعرف نورالدين ختروش جيدا حدثني عن ثبات الرجل في محنة 87 وكيف كان يلقي به جلادوه في الزنزانة كدسا من اللحم الأزرق، وكيف كان سعيدا لأنهم لم ينالوا منه شيئا وكيف كان يواسي أخوانه رغم ألامه ويثبت من عزمهم بروح مرحة وإيمان صلب، حدثني عن صولات الرجل وجولاته وكيف كان يقود الصفوف ويخطب في الشوارع ولا يعرف الخوف،،، أحسست وكأني اسمع به لأول مرة رغم أنني رأيته عشرات المرات. سمعت كل هذا ويشهد الله إنني ندمت لأنني كنت من السماعين للمغتابين في الرجل ولم أذب عن عرضه في غيابه.

أعلم أن ما يدور في خلدي الآن يدور في خلد أغلب الإخوة،،، لماذا يقرر نورالدين العودة مرفوع الهامة الى البلاد وهو يعلم ما ينتظره من عصابة الشر ولا نقدر نحن حتى على كتابة سطر واحد نشد به أزره ونعينه على ما عليه حتى بأضعف الإيمان.

أغبطك يا أخي أن طول المنفى الذي أنسانا معاني البذل والعطاء لم ينل منك شيئا وبقيت كما عرفك صحبك رجل الغبار والمعارك.

لم يتصور أحد انك ستبقى واقفا بعدما دمرك أقرب المقربين إليك في أول التسعينات .

لم تلتفت إلى الحقارات والقيل والقال،، بل اعتزلت الجماعة وحملت زادك وواصلت المسيرة بعيدا عنا وفرضت نفسك في الصفوف الأولى بسعة علمك ونضالك، لم ترمي المنديل مثلما فعل اغلب من خرج من الحركة بل شققت لنفسك طريقا وسط العواصف و سجلت أسمك
في ساحات أخرى تعذر علينا دخولها

هنيئا لك يا أخي فقد أثبت أنك من معدن القلة من الأولين والثلة من الآخرين…… لا اعلم عدد المرات التي قرأت فيها رسالتك الأخيرة والتي صفعت بها من أرسل يساومك على دينك وإخوانك وفاضت دموعي وأنا أتابع سطورك سطرا.. سطرا فقد حزمت فيها الصدق والحكمة والرجولة والوفاء ولقنت أخوانك قبل أعداءك درسا لا ينسى.

ثم ها أنت تعود علينا بنداء رمضاني لهبة جهاد وها أني أرى الجميع وكأن على رؤوسهم الطير ولا من مجيب،، أخجل منك يا أخي وأخجل من نفسي فقد رأيتك منذ سنة تقريبا على مقود سيارة جميلة،، وأعتقدت انك أخذت تقاعدك النضالي والتفت إلى نفسك وأهلك،، ولكن سرعان ماعدت إلينا بما لم ننتظر،،، عدت لتقول للجميع ماذا لوتركنا بصل مصر وقثاءها ودخلنا عليهم الباب
لست بصدد قصم ظهرك أو مدحك فمثل معدنك كما لم تفل فيه سكين القدح لن تفل فيه سكين المدح ..ولكني أغبطك وأقسم إنني أحببتك في الله كما لم يحب أخ من قبل أخاه

لا عذر لنا يا أخ نورالدين ولا أدري ماذا سأقول لربي يوم ألقاه فهو يشهد إنني لم تغمض لي عينا قريرة منذ أذنت فينا حي على الفلاح ..لاعذر لأحد فقد بينت الأمر ووضحت وكل المعطيات والمستندات والحجج تقوي من موقفك وتجعلنا من غير سند من عقل أو نص …لا تستغرب صمت الجميع فهو صمت الخجل ..نكابر ولا نعلنه ولا ندري كيف نجيب ..

أنا رجل جبان لم أقدر على ترك الزوجة والأبناء والعودة الى السجن والسجان ما تطلبه يا سيدي يلزمه إيمان الأحبار والصديقين والأنبياء.

هنيئا لك فقد كبرت في عيوننا وأصبحت وأمسيت في قلب دعاءنا في السر والعلانية بأن يحفظك ربك وان لا تفجعنا فيك يوما عصابة الإفساد.

ما قاله فيك الاخ الشيخ الهادي بريك شهادة رجل صالح في مجاهد صالح،، مرت السنون وتبدلت الرجال وما بدل تبديلا لك الله يا أخي ولك دعواتي بأن يثبت خطوك ويسدد رميك وينصرك على من عاداك.

ليس مهما ان تنجح في تنظيم القافلة أو تفشل فقد ضمنت اجر السعي في الآخرة ونفضت على الجميع غبار السبات العميق وذكرتنا إن باب النزال مازال مشرعا وفي كل ذلك خير كثير ..

علمت منذ قليل أن الدكتور أحمد المناعي قد استجاب لنداء الوطن وأعلنها علينا لبيك يا وطني هنيئا لكما بالصحبة وليتني كنت الثالث..شيخ في الستين يترك الزوجة والأبناء و يحزم أمره ويتوكل على ربه ويعزم على غزوة لا يعلم إلا الله منتهاها… الله الله فهذا الوطن له رجاله ….الله الله هذه الأمة لن تهزم ما دام فيها رجال من طينة هذا الشيخ الذي عاهد صاحبه على المضي الى جلاد يعرفه أكثر منا،،، ويعرف أنه لن يرعى فيه شيبة .. بارك الله فيك ياسيدي ياأحمد، فقد كنت أبانا جميعا في أول المحنة، وما قصدنا بابك إلا وكان مشرعا على الخير، وقد أوجعت في جولات سابقة الطاغية وحاول مرتين قتلك ولكن رعاية الله حفظتك ربما لتعطينا اليوم هذا الدرس الذي سننقله لصغارنا وصغار صغارنا وسترويه ذاكرة الوطن إلى يوم الدين.

أعاهد الله إنني لن أفشي سر اسمي لأحد حتى لا يضنن أحدا أنني كتبت هذه الكلمات تملقا أو خوفا ولتبقى الشهادة في ظاهر الغيب حتى ألقاكم بها يوم القيامة

محمود بن أحمد